المطران عطا الله حنا: نتمنى ان يحمل الميلاد المجيد والعام الجديد بوادر الامل بمستقبل افضل لهذه الأرض المقدسة والمباركة 

يسألنا الكثيرون ما هو رأيك باحتفالات أعياد الميلاد في هذا العام وخاصة الاحتفالات التي سوف تقام باضاءة شجرة عيد الميلاد ، وما اود ان اوضحه هو التالي :
* بأن عيد الميلاد هو عيد كنسي بامتياز ولا يجوز اختزال العيد بأشجار واضواء وأسواق وبازارات والتي هي مظاهر احتفالية للعيد ولا يجوز ان تكون حائلا وحاجزا وسورا يحجب صاحب العيد عن عيده فما معنى ان نعيد للميلاد من خلال هذا الكم الهائل من المهرجانات والاحتفالات وان يكون السيد المسيح غائبا في عيده وهو الذي علمنا التواضع والمحبة والرحمة والإنسانية .
* انني أؤيد إعادة الاحتفالات كما كانت سابقا قبل الحرب لان الناس يحتاجون الى محطات يشعرون فيها بالراحة والبهجة والامل والرجاء ولكن الاحتفالات التي ستقام في بيت لحم وفي القدس وفي الناصرة وفي غيرها من الأماكن يجب ان تأخذ بعين الاعتبار ما مررنا به خلال العامين المنصرمين وان تكون هنالك رسائل واضحة منادية بتحقيق العدالة والسلام في ارض غيبت عنها العدالة والسلام ولسنين طويلة .
خلال العامين المنصرمين توقفت الاحتفالات بسبب حرب الإبادة ، وهذا امر بديهي لا سيما ان استهداف غزة هو استهداف لنا جميعا ولكل شعبنا وبكافة مكوناته مسيحيين ومسلمين ، وها قد توقفت الحرب ولكن الأوضاع في غزة ما زالت كارثية ومأساوية ولذلك فإننا نتمنى ان تكون في احتفالات عيد الميلاد رسائل الى كل من يعنيهم الامر بضرورة الالتفات الى فلسطين والى غزة بنوع خاص فإيماننا المسيحي يحثنا على ان نكون فرحين مع كل انسان يعيش الفرح وان نكون متألمين مع كل انسان يعيش الألم والحزن ، فلا يمكننا ان نتجاهل غزة ومعاناتها ويجب علينا جميعا ان نلتفت الى اخوتنا هناك الذين يعيشون في ظروف مأساوية وكارثية.
•    ان فترة الحرب كانت فترة اليمة وحزينة ليس فقط لاهلنا في غزة بل لكل شعبنا ، فقد مررنا بأوقات فيها الألم والحزن والشدة والوجع والمعاناة مع الاحبة المتألمين في غزة المنكوبة والمكلومة واليوم مع إعادة الاحتفالات يجب ان تكون هنالك رسائل نؤكد من خلالها على تشبثنا بالأرض وانتماءنا للوطن ودفاعنا عن شعبنا الفلسطيني المظلوم ، فعيد الميلاد مناسبة كنسية تذكرنا بانسانيتنا ومن فقدوا انسانيتهم لن يستطيعوا ان يعيشوا الألم مع المتألمين ، فتحلوا بالانسانية واشعروا مع كل انسان متألم ومعذب ومظلوم.
•    ان احتفالات عيد الميلاد في هذا العام يجب ان تحمل طابعا خاصا ومميزا بعد هذا الكم الهائل من المآسي والاحزان ولعل اهم رسالة هي رسالة الامل والرجاء فهنالك من يريدوننا ان نكون غارقين في الإحباط واليأس والقنوط ولتكن رسالتنا في الميلاد كما وفي كل يوم بأننا لن نكون غارقين في ثقافة الإحباط واليأس والقنوط ، فقوتنا نستمدها من المولود لاجل خلاصنا الذي مسيرته من مهده الى لحده كانت مسيرة دعوة الى المحبة والاخوة والسلام ورفض البغضاء والكراهية والعنصرية .
•    في زمن التضليل والتزوير والتلفيق نقول بأن فلسطين هي ارض الميلاد وبيت لحم هي حاضنة لمغارة الميلاد وفي فلسطين إضافة الى البعد الديني والكنسي والايماني للميلاد فهنالك بعد اخر وهو البعد الوطني اذ ان المسيحيين الفلسطينيين كما وكل أبناء شعبنا يفتخرون بأن وطنهم هو وطن المسيح الأرضي وارض التجسد والفداء ولذلك فإن هذا العيد يعتبر عيدا وطنيا بامتياز في فلسطين لان هنا ارض الميلاد واذا لم يكن عيدا وطنيا في ارض التجسد والفداء فأين سيكون ؟؟!! .
•    المسيح لم يأتي الى هذا العالم من اجل المسيحيين لوحدهم او من اجل طائفة او رعية او جماعة محددة فنحن في مفهومنا لا يوجد هنالك ” شعب مختار” فكل الشعوب هي مختارة وهي خليقة الله ولا يجوز اختزال رسالة السيد المسيح بين جدران كنيسة او طائفة او مناسبة محددة ، فرسالة السيد المسيح هي لكل العالم ولكل انسان ويجب ان نتذكر دوما انه لا توجد هنالك مسيحية بدون المحبة وعندما تغيب المحبة تغيب المسيحية ، والعصور الظلامية في تاريخ الكنيسة المسيحية كانت عندما شُنت حملات وحروب عسكرية باسم الايمان المسيحي والمسيحية منها براء فالمسيح الذي نحتفي بمولده لم يدعو الى الحروب والموت والعنف بل دعا الى المحبة والرحمة والإنسانية واحترام حق كل انسان بأن يعيش بسلام .
•    عندما تضيئون اشجاركم وتوزعون هدايكم تذكروا ان في هذه المنطقة العربية وفي ارضنا المقدسة هنالك من يعيشون في ظل ظلام دامس فلا كهرباء ولا غذاء ولا هدايا لكي تقدم للأطفال فعيد الميلاد مناسبة لافتقاد المحتاجين والفقراء وزيارة المستشفيات وحتى اذا لم تكونوا قادرين على ارسال معايدة او مساعدة  لصديق في غزة فأضعف الايمان هو ان نصلي لاجلهم ومن اجل افتقادهم ، وأقول هذا لانني اعتقد بأن في هذا العالم هنالك حكام قساة قلوب بلا رحمة ولا إنسانية ولذلك فإننا لا نراهن الا على الهنا القدوس وهو الرحوم والرؤوف والمحب للإنسان والذي نسأله ان يفتقد انسان هذه الديار المظلوم والمنكوب .
•    نعم انني مع إعادة الاحتفالات كما كانت سابقا ولكن مع الاخذ بعين الاعتبار الحالة التي نعيشها والأوضاع التي نمر بها مع التمنيات والادعية بأن يكون العام الجديد افضل من سابقه والا كيف يمكن ان يكون عاما جديدا ، فنحن نريده ان يكون عاما جديدا بالفعل حاملا لكل ما هو جديد وأول ما نتمناه هو احترام انسانيتنا واحترام المظلومين والمنكوبين في هذه الديار والمناداة بتحقيق العدالة والحرية لشعبنا وانهاء الاحتلال لكي نفرح كما يليق بأعيادنا ومناسباتنا وايامنا التي نعيشها في هذه الأرض والتي تمر بسرعة
•    نسألك يارب بأن يحمل عيد الميلاد والعام الجديد بوادر الامل والرجاء بمستقبل افضل لشعبنا وللاجيال القادمة فهذه ارض السلام والتي حرمت من السلام ولسنين طويلة وشعبها يستحق ان يعيش بسلام وهناء وطمأنينة .

رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس

القدس 19/11/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com