محمّد سعيد رمضان البوطي وعلاقته بالجزائر، وسورية – معمر حبار

“والدي كما عرفته”. بقلم ولده محمّد توفيق رمضان البوطي. دار الفكر، ودار الفكر المعاصر. الطبعة الثّانية. 1446ه -2024. (الطبعة الأولى 2023م). 241 صفحة.
رمضان البوطي. اشتريت الكتاب. لأنّ الأب محمّد سعيد رمضان البوطي. ألّف كتاب عن أبيه بعنوان: “هذا والدي”.
أوّلا: حول الكاتب والكتاب:
لماذا اشتريت الكتاب وقرأته:
اشتريت الكتاب ” لأنّ الأب محمّد سعيد رمضان البوطي. ألّف كتاب عن أبيه بعنوان: “هذا والدي” “.. وذكرت ذلك عبر منشور مفصّل[1].
رفضت عمدا قراءة الكتب التي تتحدّث عن اغتيال محمّد سعيد رمضان البوطي. وقد عرضت علي. ولا أجزم، ولا أنفي ذلك مستقبلا.
عدم مبالغة الإبن:
يقف القارئ المتتبّع على عدم مبالغة الابن في الكتابة عن الأب. فلا تجد تضخيما، ولا تقديسا للأب. وعلى طول صفحات الكتاب. مع إبداء الابن للاحترام، والتّقدير لأبيه.
سبق أن استنكرت على بعض الجزائريين الذين كتبوا عن آبائهم. وقلت: عيبهم أنّهم لم يفرّقوا بين الابن الذي تحترم عاطفته، والكاتب الذي ينتقد. فوقعوا في احتكار الشخصية، وتقديسها.
مزايا الكاتب:
امتاز الكاتب محمّد توفيق رمضان البوطي، بـ: الدّقة البالغة، والحرص الشّديد على الضبط، والتّأكد من نقل المعلومات، واحترام الفترات الزّمنية، والصّدق في القول، والمطالعة الجيّدة لكتب والده. وتجلى ذلك من خلال العرض الشامل، والدّقيق لكتبه وحياته. وقد استفدت كثيرا من عرضه لكتب والده. خاصّة حين ربط كلّ كتاب بالظروف التي أحيطت به. والتي لا نعلمها، ونجهل الكثير منها.
محمّد سعيد رمضان البوطي الذي قرأت له:
قرأت، واستمعت لمحمّد سعيد رمضان البوطي. وأنا طفل، وحين بلغت السعي انتقدته في بعض النقاط. وكتبت عنها في حينها. وانتقدته في نقطة جاءت في كتابه “فقه السّيرة”. وما زلت أستمع، وأقرأ له كلّما أتيحت الفرصة.
حضرت له محاضرة، وثلاثة خطب جمعة. وقليل من دروسه في شرح كتابه: “المصالح المرسلة”. وكتبت عنها في حينها. وبالتّفصيل.
تربية، وعلم، وصدق، وثبات:
واضح جدّا أنّ والد محمّد سعيد رمضان البوطي. رحمة الله عليهما. كان يعدّه لما بعد الدنيا. وتجلّى ذلك في كتبه، ومحاضراته، وخطبه، ولقاءاته.
محمّد سعيد رمضان البوطي. نتاج: تربية صافية. وعلم راسخ، وموقف صادق، ورؤية واضحة. ولك أن تنتقده. وأعينك في ذلك إذا شئت.
ثانيا: محمّد سعيد رمضان البوطي والجزائر:
ممّا قاله الكاتب: تعتبر الجزائر من الدول التي زارها محمّد سعيد رمضان البوطي. وكرّر زيارته لها عدّة مرّات. وأضاف: وكذلك فرنسا.
أقول: أزعم أنّ الجزائريين المقيميين بفرنسا. كانوا من وراء دعوة محمّد سعيد رمضان البوطي لفرنسا، وتكرار الزّيارة. ومن له نفيا لما ذهبنا إليه. فليتفضّل مشكورا.
نقد الإخوان والأحزاب:
ذكر الكاتب أنّ محمّد سعيد رمضان البوطي انتقد الإخوان. ولم يكن يتبع أيّ تنظيم سياسي. وكان هدفه الأسمى خدمة الأمّة، وجمع المسلمين.
أضيف: تنشئة محمّد سعيد رمضان البوطي. لا تسمح له -في تقديري- أن ينتمي لحزب، أو تنظيم.
حياة الدراسة والتدريس:
واضح جدّا أنّ حياة محمّد سعيد رمضان البوطي، كانت كلّها لـ: التدريس، والتأليف، والدروس، والمحاضرات، واللّقاءات العلمية، والرّدّ على الملحدين والشيوعيين، والذين ينكرون القرآن الكريم والسّنّة النبوية والحاقدين على أسيادنا الصحابة.
خاتمة بين الكتاب والمحراب:
كتبت حين تمّ الغدر بمحمّد سعيد رمضان البوطي. مقالات، ومناشير. وما زلت كلّما أتيحت الفرصة. وممّا علق بالذاكرة: يكفيه شرفا أنّه لقي ربّه وهو في بيته، ويفسّر كتابه، وبين ضيوفه.
افتخاره بالجزائر، والجزائريين:
تحدّث الكاتب عن الرحلات العلمية لمحمّد سعيد رمضان البوطي رحمة الله عليه. وهي كثيرة عديدة. ومنها افتخاره الشّديد بالجزائر، والجزائريين، وإشادته بفطرتهم السّليمة. ولم ينتقد الجزائر. وقد انتقد الكثير من الدول العربية، والإسلامية التي زارها. وذكرها الكاتب.
رئاسة جامعة الأمير عبد القادر:
جاء في صفحة 133: “عرضت عليه (الجزائر) منصب رئاسة جامعة الأمير عبد القادر في قسنطينة. في أيام عام 1990م. ولكن والدي -رحمه الله- اعتذر. مبديا استعداده لتقديم الخدمات اللاّزمة، دون تولي أي منصب يلزمه بترك جامعة دمشق، ومغادرة بلده والعمل فيه”.
أقول: كان ذلك عقب مغادرة محمّد الغزالي للجزائر. وأزعم أنّ الأوضاع الأمنية يومها في الجزائر لم تسمح له بذلك. ويفهم من هذا -في تقديري-. أنّ الدعوة وجّهت له قبل يوسف القرضاوي. ورحم الله الجميع.
رفض الإقامة خارج سورية الحبيبة:
ممّا وقفت عنده أنّ محمّد سعيد رمضان البوطي كان يرفض بقوّة الإقامة خارج سورية. وقد عرض عليه الملوك، والرؤساء ذلك. وامتنع. واعتذاره لعدم البقاء في الجزائر. وتسيير جامعة الأمير عبد القادر. يدخل ضمن هذا الهدف الذي رسمه.
ثالثا: محمّد سعيد رمضان البوطي وإخماد حرائق الجزائر:
الأوّل الذي أخمد نيران الجزائر حسب ابنه:
تحت عنوان: “رحلاته خارج سورية”، و”والدي والجزائر”، والممتد عبر صفحات: 116-131. بدأ بالجزائر أوّلا. وأفرد لها عبر هذا العنوان فقط: 15 صفحة. بالإضافة إلى صفحات متفرّقة خصّصها للجزائر. وهو مالم يمنحه لأيّة دولة أخرى. فيما قرأت، وأتذكّر.
قال: “وألّف آنذاك “الجهاد في سبيل الله كيف نفهمه وكيف نمارسه”. 119.
أضيف: ويبدو أنّه ألّفه لتصحيح أخطاء وقعت من بعض الجزائريين. أثناء العشرية الحمراء.
قال: “وقد وجه –رحمه الله- إلى الشعب الجزائري كلمة مؤثرة ومما قاله فيها: …”. 120. والرسالة ممتدة عبر صفحات: 120-127. لمن أراد الرّجوع إليها.
وممّا جاء في الرّسالة: “ثمّ إنه بعد ثمان سنوات من الأحداث الدامية (في الجزائر) أصدر عدد كبير من المشايخ بيانا يعلنون فيه أن ما يجري في الجزائر ليس جهادا، وأنه حرام. فأخذت القلم وكتبت: لماذا تأخرتم ببيانكم هذا إلى الآنظ أما كان أجدر بكم أن تصدروا هذا البيان قبل ثمان سنوات…”. 128

سعيه لإخماد حرائق الجزائر:
ممّا فهمته من الكتاب، أنّ: محمّد سعيد رمضان البوطي. كان الأوّل الذي سعى إلى إخماد النيران في الجزائر. أثناء العشرية الحمراء التي ابتليت بها. وسبق غيره بثماني سنوات.
أقول: المتأمّل في كلمة، ونصائح محمّد سعيد رمضان البوطي. الموجّهة للجزائريين من حاكم، ومحكوم. أيّام العشرية الحمراء. هي نفسها. الموجّهة للسوريين من حاكم، ومحكوم.
سؤالي: لماذا نجحت في الجزائر، ولم تنجح في سورية؟.
انتقدوه بسبب وقوفه مع الجزائر:
انتقدوه لأنّه وقف مع الجزائر في محنتها التي ابتليت بها. أثناء العشرية الحمراء من تسعينات القرن الماضي. وكانوا يريدون أن يكون عونا لهم في حرق الجزائر، وأبنائها.
رابعا: محمّد سعيد رمضان البوطي وحكام سورية، والعرب:
سعيه لإخماد حرائق سورية:
سعى بكلّ ما لديه لإطفاء حريق سورية الحبيبة. وعاتب الحاكم، وجنده على الإفراط في استعمال القوّة. وعاتب بعض أبنائه من السوريين، وإخوانه من العلماء، وجيران السّوء، وعلماء السّوء، وفضائيات السّوء، وإخوة يوسف على حرق سورية.
واضح جدّا أنّ هناك إرادة دولية لحرق سورية. ولذلك لم ينجح محمّد سعيد رمضان البوطي. في سعيه لإطفاء حريق سورية. فاحترق بالنيران التي سعى لإخمادها.
لم يجامل، ولم يتملّق حاكما ولا محكوما:
نصح الحاكم، والمحكوم. ولم يتملّق يوما حكام سورية، ولم يجاملهم. ولم يتملّق حاكم عربي، ولم يجامله. ولم يتملّق المجتمع السّوري، ولا المجتمعات العربية، ولا الإسلامية، ولم يجاملهم على حساب دينه، وعقيدته، وأمّته، ووطنه.
لا يخضع لتهديد، ولا إغراء سلطان ولا مجتمع:
قلتها، وأعيدها، وألقى الله بها. محمّد سعيد رمضان البوطي: لا يخضع لتهديد سلطان، ولا يغريه سلطان. وأقواله، وأفعاله، ومواقفه تجاه الأشخاص، والأفكار، والكتب، والملوك، والرؤساء. نابعة من تربيته التي وجّهه إيّاها الأب. ومن أدوات الآلة التي تلقاها في الصّغر على يد الأب. وزادها رسوخا فيما بعد في شبابه.
يحاربونه لأنّه انتقد رؤساء سورية، والعرب:
ممّا وقفت عنده لأوّل مرّة في حياتي. وأنا أغوص في أعماق الكتاب: هجوم البعض
على محمّد سعيد رمضان البوطي. نابع من كونه انتقد رؤساء سورية، والعرب. وعاتبوه لأنّه لم يتملّقهم. وقد ذكر الكاتب خطب قالها محمّد سعيد رمضان البوطي أمامهم، وفي حضرتهم. لمن أراد أن يعود إليها.
لم يتقرّب لحكام سورية، والعرب:
جاء في الكتاب. وعبر أمثلة، وذكر أسماء للملوك والرؤساء. أنّ محمّد سعيد رمضان البوطي. لم يتقرّب يوما وبالمطلق -أقول بالمطلق- لرؤساء سورية، ولا لملك عربي، ولا لرئيس عربي. بل سعوا إليه. وترجوا لقاءه، وتمنوا ألا يقطع عنهم زياراته.
ذكر الكاتب: كلّ رؤساء سورية، ورؤساء وملوك العرب. الذين سعوا للقاء محمّد سعيد رمضان البوطي. كان يشترط عليهم أن يكون حرّا في كلمته، وألاّ يفرض عليه قول أو فعل. بل اشترط على أحد الملوك -وذكر اسمه- ألاّ يحضر لمجلسه إلاّ يوم إلقاء كلمته. وانسحب من اللّقاء حين لم يمتثل الملك لشروطه.
حارب خيانة، وجريمة إقامة العلاقات مع المحتلّ:
أقول: كان محمّد سعيد رمضان البوطي. من المحاربين بقوّة، ودون تراجع. لإقامة خيانة، وجريمة العلاقات مع المحتلّ.
هذا الثّبات، والصلابة، والإصرار على الموقف علانية. دفع البعض لمحاربته، والحقد عليه. ولو لم يظهروا ذلك.
خامسا: كتاب ودار النشر:
هذا ما قلته أمام الملوك والرؤساء:
من يبيعني كتاب محمّد سعيد رمضان البوطي، الذي جاء في الكتاب، والمعنون بـ: “هذا ما قلته أمام الملوك والرؤساء”. لأقرأه، وأنتقده. كما قرأت، وانتقدت كتبه. وما زلت، وأظلّ.
سوء طبعة عالم الفكر، ودار الفكر المعاصر:
الكتاب من حيث الجودة. في غاية السّوء. حتّى أنّي وجدت صعوبة -وما زلت- في قراءته. لأنّ الكتاب تحوّل إلى أوراق متناثرة بين يدي. من سوء الطبعة. ولا يغرنّك شكلها الخارجي الذي يسرّ الناظرين. راجيا من إخواننا السوريين حفظهم الله ورعاهم. إبلاغ ملاحظاتنا لدار الفكر، ودار الفكر المعاصر.
ليست المرّة التي أقرأ فيها لدار الفكر. لكن المرّة الأولى التي كانت بهذا السّوء. راجيا أن تكون آخرها.
سادسا: دعاء لسورية الحبيبة، وإخواننا السّوريين:
رحم الله محمّد سعيد رمضان البوطي. المحبّ للجزائر، وأبنائها، ورموزها، وثورتها، وماضيها، وحاضرها. ورضي الله عنه وأرضاه. ورحم الله الكبار العظام. وألحقنا بهم سالمين غانمين غير مبدّلين.
وحفظ الله سورية الحبيبة، وحفظ الله إخواننا السوريين. وأعاد الأمن، والاستقرار لسورية الحبيبة.
الخميس 14 جمادى الثّانية 1447هـ، الموافق لـ 4 ديسمبر 2025
الشرفة – الشلف – الجزائر
[1] منشورنا بعنوان: #كتب_للقراءة
السّبت 18 جمادى الأوّل 1447هـ، الموافق لـ 8 نوفمبر 2025



