تهديد ترمب لفنزويلا وأحلامه بإقامة امبراطورية أمريكية.. د/ كاظم ناصر

أحلام الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بإقامة امبراطورية أمريكية تتحكم في القارة الأمريكية وأجزاء أخرى من العالم ليست جديدة، فقد تبناها الرئيس أندرو جاكسون الذي حكم الولايات المتحدة بفترتين رئاسيتين من 4 مارس 1829 إلى 4 مارس 1837، وأمر بناء على ذلك بالتهجير الوحشي للعديد من الأمريكيين الأصليين والتوسع في أجزاء أخرى من القارة، فلا غرابة في أن ترمب من أشد المعجبين بجاكسون وعلق صورته في البيت الأبيض.
وتماشيا مع هذا النهج الأمريكي العدواني للهيمنة على فنزويلا والعديد من دول العالم أعلن ترمب السبت 26/11/ 2025 اعتبار المجال الجوي فوق فنزويلا وبالقرب منها مغلقا، وسط تصاعد المواجهة مع رئيسها اليساري نيكولاس مادورو. وكتب في منشور على منصة تروث سوشيال ” إلى جميع شركات الطيران والطيارين وتجار المخدرات ومهربي البشر، فلتأخذوا في الاعتبار أنه سيتم إغلاق المجال الجوي فوق فنزويلا ومحيطها بالكامل.”
وجاء إعلان ترمب في الوقت الذي تكثف فيه الولايات المتحدة الضغط على فنزويلا بعد أن نشرت قواتها على نطاق واسع في منطقة البحر الكاريبي، ونفذت ضربات ضد أكثر من 20 سفينة منذ بداية سبتمبر الماضي ما أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا، وزعم ترمب أن هدف واشنطن هو الحد من تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة.
فهل هذه الحرب التي تشنها إدارته على فنزويلا هي حرب مخدرات أم حرب نفوذ ومصالح؟ الحقيقة تتناقض مع أقوال ترمب حيث ان معظم المخدرات تهرب إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكولومبيا وهندوراس، وان موقف إدارته من فنزويلا يرمي إلى إطاحة مادورو وتغيير النظام، والاستيلاء على ثرواتها الهائلة حيث إنها تمتلك أكبر احتياطات نفطية في العالم تبلغ 303 مليار برميل وكميات ضخمة من الغاز الطبيعي والذهب وخام الحديد والماس والمعادن الصناعية مثل النيكل والفحم وخام الألومنيوم.
أي إن العدوان الأمريكي على فنزويلا هو جزء من سياسة ترمب العنصرية الرامية الى إقامة امبراطورية أمريكية تتحكم في ثروات العديد من دول العالم. فمنذ توليه فترته الرئاسية الثانية في 20/1/ 2025 وعد الشعب الأمريكي بعصر ذهبي، وبرفع العلم الأمريكي على كوكب المريخ، وقال إن وصوله للبيت الأبيض سيضع حدا لتراجع الولايات المتحدة على الساحة الدولية، وسيجعل من القوة معيارا لتدبير وإدارة العالم، ومن جمع الثروات وتكديسها قاعدة لبناء العلاقات مع الدول، وطالب بجعل كندا الولاية الأمريكية رقم 51، وباستعادة قناة بنما، وألغى اسم خليج المكسيك وأسماه خليج أمريكا، وغير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب، وطالب بامتلاك غرينلاند، وفرض رسوما جمركية على العديد من دول العالم، وأعرب عن طمعه بامتلاك غزة وتحويلها إلى ” ريفيرا الشرق الأوسط!”
من المتوقع ألا يتمكن ترمب من بسط النفوذ الأمريكي على فنزويلا ودول العالم وبناء امبراطورية أمريكية على حساب مصالح ومصير شعوبها كما يحلم؛ فالعالم تغير كثيرا منذ الحرب العالمية الثانية التي مكنت نتائجها الولايات المتحدة من قيادة العالم الغربي، ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، وظهور دول أخرى منافسة لها كالصين وروسيا والهند والبرازيل والمكسيك، مما يعني أن أحلام ترمب الامبريالية القائمة على القواعد السياسية القديمة التي حكمت العالم، وهي أن الأقوياء يفعلون ما يريدون والضعفاء يعانون مما كتب عليهم قد ولت، ولأن شعوب العالم التي لا تثق بأمريكا ولا تصدق مزاعمها وأكاذيبها المتعلقة بحماية حقوق الشعوب ونشر الديموقراطية تنظر لها كدولة لا يهمها سوى الهيمنة على مقدرات الشعوب الأخرى وخدمة مصالحها!



