مركز “شمس”: إسرائيل تحارب المدافعين عن حقوق الإنسان بالقتل والاعتقال وتدمير البيوت وتجريم المؤسسات

رام الله – البيادر السياسي:ـ  أكد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس”، في اليوم الدولي للمدافعين عن حقوق الإنسان، أن هذا اليوم ليس مجرد تذكير رمزي بجهود الأفراد الذين وقفوا في الصفوف الأمامية لحماية الكرامة الإنسانية، بل هو دعوة حقيقية للنظر بعمق في ثمن الدفاع عن الحق، وفي حجم المخاطر التي يواجهها المدافعون، وفي مسؤولية المجتمع الدولي تجاه من يدفعون حياتهم ثمناً لقول الحقيقة. وشدد مركز “شمس” على أن الدفاع عن حقوق الإنسان ليس عملاً تطوعياً عادياً، بل التزام أخلاقي يختاره أشخاص آمنوا بأن العدالة تستحق أن يدافع عنها مهما كانت التحديات، وأن الاعتراف بجهودهم لا يكتمل من دون توفير الحماية لهم وضمان قدرتهم على العمل بحرية.
وفي السياق الفلسطيني، يرى المركز أن هذا اليوم يحمل ثقله الحقيقي، لأن المدافعين عن حقوق الإنسان يعيشون واحدة من أصعب البيئات في العالم، بيئة محكومة بالاحتلال والقيود والعنف والتهديد المستمر. وأكد مركز “شمس” أن إسرائيل لا تتعامل مع المدافعين باعتبارهم أصحاب رسالة حقوقية، بل باعتبارهم خصوماً سياسيين، ولذلك تلاحقهم بالاعتقال والتهديد، وتعرض حياتهم للخطر، وتمنعهم من السفر، وتمنعهم حتى من الوصول إلى أماكن عملهم أو من لقاء شركائهم. فقد قُتل عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان لمجرد أنهم وثقوا أو كتبوا أو رفعوا الصوت. واعتقل آخرون لأنهم شاركوا في ورشة تدريب أو مؤتمر دولي أو فعالية حقوقية. وتم تهديد آخرين في منازلهم أمام أسرهم. وشدد المركز على أن هذه الانتهاكات ليست أحداثاً فردية، بل سياسة ممنهجة تستهدف إسكات أي صوت يحاول كشف الحقيقة.
وفي هذا اليوم، أدان مركز “شمس” كل ممارسات القمع والترهيب والتهديد التي تطال المدافعين الفلسطينيين، ويشدد على أن التضييق عليهم لا يخدم سوى منتهكي الحقوق، وأن المجتمع الذي لا يحمي المدافعين هو مجتمع يعرّض نفسه لفقدان آخر خطوط المقاومة المدنية. وطالب مركز “شمس” بدعم الحركات الحقوقية الفلسطينية، وتوفير التعليم والتدريب والمساحات الآمنة، وتمكين الجيل الشاب ليكون أكثر قدرة على حمل هذا الإرث الحقوقي العميق.
وطالب مركز “شمس” بالضغط الدولي لكبح سياسة هدم منازل المدافعين، وهي سياسة عقابية تمارسها إسرائيل تحت ذرائع أمنية غير قانونية، بينما هدفها الأساسي هو ردع كل من يفكر في الدفاع عن حقوق الإنسان. وأكد المركز أن عشرات المدافعين فقدوا منازلهم أو مكاتبهم، وأن بعضهم حُرم من مكان آمن يواصل منه عمله، وأن هذه الممارسة تشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني. كما أدان مركز “شمس” استخدام إسرائيل “قائمة الإرهاب” لتجريم مؤسسات حقوقية فلسطينية، واعتبارها كيانات محظورة دون تقديم أي أدلة حقيقية، وما رافق ذلك من اقتحام مكاتب هذه المؤسسات، ومصادرة أجهزة الحاسوب، والملفات، والأرشيف، والأدوات التي يستخدمها المدافعون في عملهم. وأكد المركز أن هذا السلوك يهدف إلى ضرب البنية الحقوقية الفلسطينية، وإضعاف المجتمع المدني، ومنع أي قدرة على توثيق الانتهاكات أو المطالبة بالمحاسبة.
وشدد مركز “شمس” على أن حرية الحركة والتنقل حق أساسي للمدافعين عن حقوق الإنسان، وأن الاحتلال يحرمهم منه بشكل ممنهج، سواء عبر الحواجز العسكرية المنتشرة، أو من خلال قرارات منع السفر، أو عبر رفض إصدار التصاريح. وأكد المركز أن مدافعين فلسطينيين منعوا من حضور جلسات أممية، أو لقاء شركاء دوليين، أو السفر للعلاج، أو حتى التنقل بين مدن الضفة الغربية. وطالب المركز برفع هذه القيود فوراً، لأنها لا تعرقل عمل المدافعين فحسب، بل تحرم الضحايا أنفسهم من صوت كان يمكن أن يعبر عنهم في المحافل الدولية.
وقال مركز “شمس” إنه عندما نتحدث عن المدافعين عن حقوق الإنسان في قطاع غزة، فإن الصورة تصبح أكثر مأساوية. وأكد مركز شمس أن المدافعين هناك ليسوا مجرد ناشطين يعملون في ظروف صعبة، بل أشخاص يمارسون عملهم في بيئة تتعرض للقصف المستمر، وتفتقر لأبسط مقومات الحياة. كثيرون منهم فقدوا عائلاتهم، أو دمرت منازلهم، أو قتل زملاؤهم، أو فقدوا مكاتبهم ومعداتهم، ومع ذلك استمروا في التوثيق، وفي نقل حقيقة ما يجري، وفي حماية الأصوات التي خنقت تحت الركام.
وشدد مركز “شمس” على أن العالم لم يدرك بما يكفي حجم الخطر الذي يعمل تحته المدافعون في غزة، فهم ليسوا فقط شهوداً على الانتهاكات، بل أهدافاً مباشرة لها. لقد قتل عدد من الصحفيين والحقوقيين خلال العامين الماضيين أثناء قيامهم بعملهم، واستهدفت مقار منظمات حقوقية بالإغلاق أو الإحراق أو المصادرة، وتعرض المدافعون لتهديد دائم بالقتل كلما حملوا كاميرا أو هاتفاً محمولاً.
وطالب مركز “شمس” المجتمع الدولي بتوفير حماية فعلية، لا شكلية، للمدافعين في غزة. وأكد أن الدعم العلني والتصريحات السياسية لم تعد كافية، وأن المطلوب إجراءات ملموسة، تشمل الضغط لوقف استهدافهم، وفتح خطوط آمنة لنقلهم عند الضرورة، وضمان وصولهم للمستشفيات، وتمكين المنظمات الحقوقية  في قطاع غزة من الحصول على التمويل والمعدات والاتصال الآمن. وشدد المركز على أن الدفاع عن المدافعين ليس عملاً تضامنياً فقط، بل خطوة أساسية لضمان أن الحقيقة لن تُطمَس وأن الضحايا لن يُنسَوا.
وأكد مركز “شمس” أن المدافعين عن حقوق الإنسان في فلسطين يشكلون خط الدفاع الأول عن الحقوق الأساسية، وأنهم يتحملون أعباءً هائلة نيابة عن المجتمع بأكمله، وأن المس بهم هو مس مباشرة بالحق في الحرية والعدالة والمساءلة. ولهذا طالب المركز بتوفير حماية قانونية لهم داخل فلسطين أيضاً، عبر تشريعات واضحة تحميهم من الانتقام، وعبر سياسات تعزز حرية الرأي والتعبير، وتكفل أمانهم الوظيفي، وتمنع ملاحقتهم بسبب آرائهم.
كما وأكد مركز “شمس” أن الدفاع عن حقوق الإنسان ليس امتيازاً تمنحه السلطة، بل حق ومسؤولية يمارسها كل إنسان يؤمن بالعدالة. ويدعو المركز كل المؤسسات الدولية والإقليمية والمانحة إلى وضع حماية المدافعين على رأس أولوياتها، وعدم تجاهل الانتهاكات التي يتعرضون لها، وضمان أن أصواتهم ستصل، وأن جهودهم ستحترم، وأن حياتهم لن تظل رهينة لقرارات قوة الاحتلال. ويجدد المركز التزامه بالوقوف إلى جانب المدافعين الفلسطينيين، ومساندتهم في كل المحافل، وتوثيق الانتهاكات ضدهم، والعمل مع الشركاء من أجل بيئة تحمي من يدافع عن الحق، لا من يعتدي عليه.
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com