بَيْنَ زَمَنَيْن… وَأَبْعَدَ مِنْهُمَا

نص بقلم: د. عبدالرحيم جاموس
نَقِفُ دائمًا…
عَلَى حافَّةِ الوَقْتِ،
نِصْفُ القَلْبِ مُعَلَّقٌ
بِصُورَةٍ بَعِيدَةٍ
نَراهَا أَجْمَلَ مِمَّا كانَت،
ونِصْفُهُ الآخَرُ
مُثْقَلٌ بِحاضِرٍ
نَتَمَنَّى لَهُ
أَنْ يَمْضِيَ دُونَ
أَنْ يَتْرُكَ
كُلَّ هٰذا الوَجَع…
نَنْظُرُ إِلَى الماضِي …
كَنَافِذَةٍ مَفْتُوحَةٍ
عَلَى ضَوْءٍ دافِئ،
نَنْسَى كَمِ ارْتَعَشْنَا فِيه،
وَنَتَذَكَّرُ فَقَط
دِفْءَ الحُلْم،
نُصافِحُ الذِّكْرَيَات
كَأَنَّهَا وَعْدٌ
لا خَيْبَة…
ونَنْظُرُ إِلَى الحاضِر …
كَطَرِيقٍ ضَيِّق،
مُزْدَحِمٍ بِالأَسْئِلَة،
نَلْعَنُهُ أَحْيانًا،
وَنَنْسَى …
أَنَّنَا نَسِيرُ فِيه
لأَنَّنَا
ما زِلْنَا أَحْيَاء…
لكن…
هُناكَ زَمَنٌ ثالِث،
لا يُرَى بَعْد،
زَمَنٌ لا يُشْبِهُ الماضِي …
ولا يَسْتَأْذِنُ الحاضِر،
يَتَشَكَّلُ بِهُدُوء
مِنْ صَبْرِنَا،
وَمِنْ قُدْرَتِنَا
عَلَى أَلَّا نَنْكَسِر….
المُسْتَقْبَلُ …
لَيْسَ هِبَةً مُؤَجَّلَة،
ولا صُدْفَةً عَمْياء،
إِنَّهُ ما نَصْنَعُهُ …
حِينَ نُؤْمِنُ
أَنَّ الأَلَمَ مَرْحَلَة،
وَأَنَّ العَتْمَة
لَيْسَتْ نِهَايَةَ الضَّوْء …
فَلْنَرْفَعْ رُؤُوسَنَا قَلِيلًا،
وَلْنَمْشِ بِخُطًى أَهْدَأَ …
وَأَقْوَى،
وَلْنَتْرُكْ لِلْغَدِ …
مَسَاحَةً كافِيَة
لِيَكُونَ أَجْمَلَ
مِمَّا نَتَخَيَّل …
أَمَّا نَحْنُ،
فَنَخْتَارُ الأَمَل،
لا لِأَنَّ الطَّرِيقَ سَهْل،
بَلْ لِأَنَّ القَلْبَ …
خُلِقَ لِيَحْلُم،
وَلِأَنَّ المُسْتَقْبَل،
حِينَ نُؤْمِنُ بِهِ،
يُصْبِحُ
أَقْرَب،
وَأَصْدَق،
وَأَجْدَر
بِنَا …
د. عبد الرحيم جاموس
الرياض
14/12/2025 م



