قراءة تحليلية سياسية في دلالات اعتماد الأمم المتحدة للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن حماية ولاية الأونروا

✍️ بقلم: سفيرة الإعلام العربي
والباحثة في الشؤون الفلسطينية
د. أحلام أبو السعود

🟩 مقدمة تحليلية

يشكّل اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها، وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تحولًا قانونيًا وسياسيًا بالغ الأهمية في مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وفي معركة الدفاع عن النظام الدولي متعدد الأطراف.

⚖️ أولًا: القرار كسند قانوني دولي ملزم

رغم أن الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية لا تُعدّ أحكامًا تنفيذية بالمعنى الإجرائي، إلا أن اعتمادها من الجمعية العامة يمنحها قوة سياسية وأخلاقية وقانونية رفيعة، ويحوّلها إلى مرجعية ملزمة للسلوك الدولي.

🔹 فالقرار يعيد تثبيت التزام إسرائيل:

بصفتها قوة احتلال وفق اتفاقيات جنيف.

وعضوًا في الأمم المتحدة خاضعًا لميثاقها.

وملتزمًا باتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946.

وهذا يعني أن كل إجراءات الاحتلال ضد الأونروا — من اقتحام مقراتها، ومصادرة ممتلكاتها، وعرقلة عملها، واستهداف موظفيها — باتت موصوفة رسميًا كخروقات جسيمة للقانون الدولي.

🏠 ثانيًا: حماية الأونروا = حماية قضية اللاجئين

إن تأكيد د. أحمد أبو هولي على أن حماية ولاية الأونروا هي حماية للنظام الدولي متعدد الأطراف، يحمل في جوهره حقيقة سياسية كبرى:

📌 الأونروا ليست مجرد وكالة إغاثية، بل شاهد دولي حي على جريمة اللجوء الفلسطيني.

فالقرار:

يحبط محاولات تصفية الأونروا أو استبدالها بآليات إنسانية مؤقتة.

يؤكد أن قضية اللاجئين قضية سياسية وحقوقية أصيلة لا إنسانية فقط.

يعيد ربط خدمات الأونروا مباشرة بالقرار الأممي 194 وحق العودة.

وبذلك، يُسقِط القرار أحد أخطر مشاريع الاحتلال الهادفة إلى طمس صفة اللاجئ وشطب الذاكرة القانونية للتشريد الفلسطيني.

🌍 ثالثًا: رسالة دولية واضحة لإسرائيل

يحمل التصويت الكاسح (139 دولة) على القرار دلالات سياسية لا لبس فيها، أبرزها:

✔️ إدانة دولية صريحة لسلوك الاحتلال.
✔️ رفض جماعي لسياسة فرض الأمر الواقع.
✔️ تأكيد أن استهتار إسرائيل بالمنظومة الأممية لم يعد مقبولًا أو قابلًا للتغطية السياسية.

كما يشكّل القرار ردًا مباشرًا على:

اقتحام مجمع الأونروا في القدس الشرقية.

استبدال علم الأمم المتحدة بعلم الاحتلال.

تعطيل عمل الوكالة ومؤسساتها التعليمية.

وهي ممارسات ترقى إلى انتهاك الحصانات الدولية وتهديد النظام الأممي نفسه.

🚑 رابعًا: انعكاسات القرار على قطاع غزة

في السياق الإنساني، يمنح القرار:

غطاءً دوليًا أقوى لإدخال المساعدات الإنسانية.

شرعية أممية للمطالبة بفتح المعابر.

دعمًا سياسيًا لاستمرار الأونروا كـ العمود الفقري للعمل الإنساني في غزة.

وبذلك، يضع الاحتلال في مواجهة مباشرة مع الإرادة الدولية، لا مع الفلسطينيين وحدهم، في ظل تفاقم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة.

📜 خامسًا: كيف يخدم القرار القضية الفلسطينية؟

يمكن تلخيص المكاسب السياسية والقانونية للقرار في النقاط التالية:

🔹 تعزيز المرجعية القانونية الدولية في مواجهة الاحتلال.
🔹 تحصين الأونروا من محاولات التفكيك والتجفيف السياسي.
🔹 إعادة الاعتبار لقضية اللاجئين كقضية مركزية غير قابلة للتجاوز.
🔹 فضح إسرائيل دوليًا كدولة منتهِكة للقانون الدولي.
🔹 دعم النضال الدبلوماسي الفلسطيني بأداة قانونية عالية المستوى.

🕊️ خلاصة سياسية

لا يُنهي هذا القرار معاناة اللاجئين الفلسطينيين، لكنه يعيد تثبيت البوصلة الدولية نحو العدالة، ويؤكد أن القضية الفلسطينية — رغم محاولات التهميش — ما زالت راسخة في صميم القانون الدولي وضمير العالم.

ويبقى التحدي الحقيقي في تحويل هذا القرار إلى ضغط سياسي فعلي، يُجبر الاحتلال على الامتثال، ويضع حدًا لسياسة الإفلات من العقاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com