المطران عطاالله حنا: سنبقى ننادي برفع المظالم عن شعبنا وهو شعب يستحق الحياة بحرية وسلام

نعيش في زمن كثرت فيه مظاهر النفاق والكذب والتمثيل في حين ان الانسان مدعو لكي يكون صادقا أولا مع نفسه وثانيا مع اخوته البشر المحيطين به.
سأبقى دائما منحازا لقضية شعبنا الفلسطيني وانا اعلم جيدا ان التمسك بالمواقف الوطنية والدفاع عن الحق والعدالة في هذا الزمن هذا يعني انك لن تسير في طريق مفروش بالزهور ، فهنالك من سيعترضون وهنالك من سيحرضون ومن يسيئون وهنالك من سيعملون وبوسائل معهودة وغير معهودة على ايقافنا من ان نؤدي رسالتنا وواجبنا .
انني مطران ارثوذكسي اخدم كنيستي وافتخر بانتماءي الى هذه الكنيسة ولعل اجمل اللحظات في حياتي هي عندما اصلي في كنيسة القيامة داخل القبر المقدس وامام الجلجلة المقدسة ، وهذه المواقع تذكرنا دائما بأننا نحمل الصليب في حياتنا ونسير في طريق الالام ولكننا حتما سنصل الى القيامة والى الانتصار على الموت والشر.
لست من أولئك الذين يكرهون أحدا لانني اعتقد بأن الكراهية لا تنسجم وادبياتنا المسيحية فنحن لا نكره أي انسان ولكننا نكره الشرور التي قد تصدر عن أي انسان، مع التمنيات والادعية بأن يقوم هذا الانسان بتصحيح اخطاءه لكي يكون في المكان الصحيح من التاريخ .
عندما ندافع عن الشعب الفلسطيني المظلوم نحن لا نخدم اجندة سياسية فنحن لسنا منخرطين بأي مهام سياسية ولا ننتمي الى أحزاب او فصائل وان كانت تربطنا علاقة طيبة مع جميع الاخوة الذين ينتمون لكل الأحزاب والفصائل .
نحن احرار ولسنا في جيب احد ولا نتلقى تمويلا من احد ولا نسمح لاحد بأن يوجهنا وان يملي علينا ماذا يجب ان نفعل وماذا يجب ان نقول وماذا يجب الا نقوله.
فمواقفنا مستندة على مبادئنا الايمانية والروحانية المسيحية ، والمسيحية كما نعرفها ليست موجودة فقط بين جدران الكنائس ودور العبادة فهي مسيحية يجب ان نعيشها في المجتمع ومع كل انسان نتعاطى معه ولذلك فإننا عندما ندافع عن شعبنا المظلوم انما نقوم بواجب مسيحي وواجب انساني ،ففي المسيحية لا  يجوز تجاهل المظالم التي ترتكب بحق أي انسان أيا كان دينه وايا كان معتقده .
تذكروا مثل السامري الصالح المذكور في الانجيل المقدس فتعلموا منه الرحمة والرأفة فكونوا بلسما للجراح وتعزية للمتألمين ولا تتجاهلوا معاناة وجراح أي انسان وخاصة شعبنا الفلسطيني المكلوم .
مسيحيا واخلاقيا وانسانيا لا يجوز لنا ان نكون حياديين تجاه عدالة القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني ولا يمكننا ان نكون لا مبالين امام هذه الدماء المسفوكة وامام هذه المعاناة المروعة الغير مسبوقة في التاريخ البشري الحديث .
سنبقى نؤدي رسالتنا في خدمة كنيستنا أولا وفي خدمة شعبنا وانساننا فالانسانية هي بوصلتنا ونحن نرفض أي امتهان او اعتداء على أي انسان لأننا نعتقد بأن الانسان خلق لكي يعيش وينعم بالحرية والسلام والكرامة .
نتمنى ان يتغير وجه هذا العالم نحو ما هو افضل لكي يكون اكثر عدلا وإنسانية وانحيازا للحق والعدالة ونصرة المظلومين ونتمنى لهذه الأرض المقدسة ان تنعم بسلام حقيقي يعيش فيه الجميع بوئام ومحبة وتلاق بعيدا عن لغة البغضاء والكراهية والعنصرية والقمع والظلم والاستبداد والاحتلال .
شعبنا الفلسطيني يستحق الحياة كما هي كل شعوب الأرض وهذا الشعب يستحق ان يعيش في بلده وفي ارضه ووطنه بسلام بعيدا عن اسوار الفصل العنصري والحواجز والبوابات العسكرية وبعيدا عن آلة الموت والقمع والدمار.
فما حل بغزة خلال العامين المنصرمين يدل على همجية وبشاعة منقطعة النظير، فكيف يمكن لانسان ان يفرح وان يبتهج عندما يقتل انسانا اخر ،فالقتل ليس بطولة على الاطلاق بل هو عمل يتنافى مع اية قيمة إنسانية او أخلاقية.
متى ستتوقف الحروب ؟ ومتى ستتوقف آلة الموت والخراب والدمار ؟ ومتى ستسود قيم الرحمة والإنسانية والمحبة والسلام ؟ فهذا ما نتمناه لمنطقتنا ولعالمنا .

المطران عطا الله حنا 
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس 

القدس 13/12/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com