مدينة اللد في كتاب جديد الدولة الثامنة، اللد .. أرض وإنسان للكاتبة فتحية صرصور

الكاتب والباحث/ ناهـض زقـوت

حينما يصبح الوطن بعيداً، وتغلق كل مساحات الفضاء أمام الوصول إليه، وتعجز عن اختراق الدروب الموصلة إليه. أنت تراه قريباً، وبعيداً في آن. يبقى الأمل قائماً .. والحلم راسخاً في العودة، وتأخذ في إعادة الذكريات، والنبش في جذور الماضي لكي تبني هياكل الوطن خوفاً من الاندثار والنسيان، وتعيد بناء الأماكن والطرقات والشوارع والبيوت، وترتص الأحجار شواهد على أننا كنا هنا .. وما زلنا نحلم أن نكون هناك. منذ ما يزيد عن سبعين عاماً وما زال الحلم يدور في منامات ستة مليون لاجئ هجروا قسرياً من أرضهم عام 1948.
أجيال كثيرة ولدت بعد الهجرة لم تعرف معالم الوطن/ البلد التي هجر أهلهم منها، يعرفون اسمها، ويجهلون تفاصيلها. تلك أهمية الكتابات التي تكتب عن مدننا وقرانا التي هجرت بقوة السلاح والارهاب عام النكبة.
انطلاقاً من هذه الرؤية كتب العديد من الكتاب والباحثين عن بلدانهم، وبين أيدينا كتاب أهدي إلينا بعنوان (الدولة الثامنة، اللد .. أرض وإنسان) الصادر في غزة عام 2021، للكاتبة الصديقة فتحية إبراهيم صرصور ابنة مدينة اللد، التي قال شاعرها أبو الاقبال اليعقوبي فيها:
لكل فتى هند يردد اسمها وهندي التي لم يحكها أحد لد
كتبت في مقدمته تقول: “إنها اللد عاصمة فلسطين الوسطى، فهي القلب الذي يمد شرايينه وأوردته ليبعث الحياة، فتربط أجزاء الوطن ببعضها، وتربطه بدول العالم، فيها خطوط السكك الحديدية، وبها المطار، وبها شبكة المواصلات البرية. في هذا الكتاب، سأتحدث عن اللد الأرض والإنسان، مما سمعته عنها، وما قرأت، ومما شاهدت وتابعت. استعنت بمحركات البحث المختلفة، واعتمدت المعلومة مما جاء في كتاب الدكتور مصطفى الفار “مدينة اللد موقعاً وشهرةً وتاريخاً ونضالاً”، وكتاب الأستاذ إسبير منير “اللد في عهدي الانتداب والاحتلال”.
جاء الكتاب في 247 صفحة من القطع الكبير، موزعاً على خمسة فصول، كل فصل تناول جانباً من حياة اللد من حيث موقعها ونشأتها وسكانها وملكية أراضيها، ومكانتها وأهميتها على مر العصور، ومعالمها وحياتها الاقتصادية، وأهم الأعمال والصناعات والمهن فيها، وأعلام اللد وشخصياتها ومشاهيرها، وعاداتها وتقاليدها وأمثالها الشعبية وأكلاتها المشهورة وملابسها، وحياتها الاجتماعية وعائلاتها.
كتاب غني بالمعلومات والصور، ونلاحظ الجهد الكبير الذي بذلته الكاتبة في جمع المعلومات، وقد استغرق منها سنوات، كما تقول، لكي تصل إلى كل معلومة عن مدينتها اللد التي تعد من أقدم مدن فلسطين التاريخية، فهي إحدى المدن الكنعانية التي أنشأت في القرن الخامس قبل الميلاد. وبقيت عامرة بسكانها منذ ذلك التاريخ وعلى مر العصور والفترات التاريخية، ولم تهجر رغم كل الغزاة الذين احتلوها، فلم يكن لديهم نية الطرد والتهجير، كما فعلت المنظمات اليهودية المسلحة عام 1948، هجرت السكان بقوة السلاح، واستولت على بيوتهم، وأسكنت فيها مهاجرين من أصقاع الأرض.
نبارك للكاتبة هذا الجهد الإبداعي المتميز، الذي يشكل اضافة هامة للمكتبة الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com