“يـا خـفـيّ الألـطـاف ، نـجـّـنـا مـمـا نـخـاف..!!”/ الدكـتـور عـبـد القـادر حـسـين يـاسـين

سألني : “عـَرِّف بما لا يزيد عن سطرين الوطن العربي تعريفا جامعا مانعا…”

وأجبته دون تردد : الوطن العربي هو وطن الحيطة والاحتياط والاحتياطيات …

وهذا التعريف جامعٌ مانع ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ،

لا من فـوقـه ولا من تحته …

 

يـُولد المواطن  على الأرض العربية مسلحاً بالحيطة والحـذر والـيـقـظة الثورية،

تجاه مؤامرات الإستعـمار والإمبريالية والصهيونية ،

يتعلم المشي محتاطاً حتى لا يقع في حـُفرة أو في مـطب،

أو في شرك نصبته له القوى المعادية لمسيرة أمـتـنـا،

نحو “الغـد المشرق العـزيز” .

 

لا يمشي الإنسان الذي كرَّمه الله فـخـلـقـه عـربياً مـثـل بقية مخلوقات الله ؛

وإنما يمشي واثق الخطوة من الحيط إلى الحيط،

وهو يسأل الله العـفـو والعافـيـة .

 

الحيطة من شيم العـرب…

إذا تكلم العربي في المقهى فهو لا يتكلم إلا بحيطة وحذر ،

وإذا نظر فهو ينظر بـقـدر ،

وإذا سمع إنما يـسـمع مـسـتـنـفـراً جميع حواسه الخمس ،

إضافة إلى حاسته السادسة أيضا ،

فـفي ظروف “المعركة المصيرية” التي تخوضها الأمـة العـربية،

منذ أربـعـة عـشر قـرنا ضد التخلف ، وفي سبيل مزيد من التنمية ،

لا  بـدَّ من اليقـظة والحيطة .

 

الكتاب والصحـفـيون والشعـراء العرب يحملون جـوازات سفـرهم ،

أينما حـلـّوا وحيثما ارتحـلوا…

فلا أحـد منهم يعرف متى تـغـضـب عـليه حكومتـه،

فـيـضطر إلى أن يطلق ساقـيه للريح !

 

كبار المسؤولين  الـعـرب يـفـتحون حسابات “صغـيـرة” في سويسرا ،

يضعون فيها مبالغ بسيطة لا تتجاوز بضعة ملايين من الدولارات،

إحتياطا ، لـ “ساعـة الغـفـلـة” ،

أما الـزعـمـاء العـرب فـلديهم حسابات بالدولار واليـورو،

في أكثر من بلد أوروبي على سبيل الاحتياط …

والمواطن العربي ” مـتـعـب إبن تـعـبـان”  ،

يـكـدس في بيته مؤونة عام كامل ، على سبيل الاحتياط من “غـدرات الزمـان”….

ومـن الواضح ، لكل من لا يزال يحـتـفـظ بعـينيه ولم يـُصَب بالعـمى  ،

أن لـدى الـعـرب أكبر احتياطي من الرعـب ،

وأكبر إحتياطي من رجال الأمـن ،

وأكبر احتياطي من المسيرات الشعـبـيـة ،

وأكبر احتياطي من ” الـمـنظرين” و”المحـلـلين السياسـيين” .

 

السـويدي  يراك صباحاً فيقول لك :

“صباح الخير… هل كل شيء على ما يرام ؟”

البريطاني يبدأ تحيته لك :

“صباح الخير كيف حالك؟”

 

جميع شعوب العـالم من غـيـر الناطقـين بـالضـاد يتمـنـون لك يوماً جميلا ،

وربما يسألوك عن صحـتـك ، أمـا العـربي فـيقـول لك :

“صباح الخير … شو الأخبار ؟ شو في ما في؟!”

ولا يتركك قبل أن يحلل لك  أسباب الفيضـانات التي إجـتـاحـت باكستان ،

والتـطـورات الأخيرة في السـلفـادور ،

والإنـتـخـابات الأخيرة في المكسـيك ،

ويحلل نتائج مباريات كأس العـالم في إسبانيـا ،

وأخـبـار الفـسـاد في المـغـرب ،

والحـرب الأهـليـة في  جـنـوب السـودان…

ولا يـفـوتـه أن “يزيدك عـلـمـاً”  بآخر أخـبـار “أم الـدنـيـا”،

وآخر تصريحات محمـود عـبـاس …

فـتـتـركه وقد فـهـمـت أسباب الهزائم التي لـحـقـت بـالأمـة الـعـربيـة ،

منذ معركة صفـين وحتى آخـر تصريح لـمـحـمـود عـبـاس…

 

بـمـا أنـنـا أمـة من 400 ملـيـون ،

تـزعـم أنـهـا “خير أمـة أخـرجت للنـاس” ،

وفيهـا عـشـرات الآلاف من “المـفـكرين” و”المحللين السياسيين” ،

وكلهم من خيار ذكور النحـل (اليعاسيب)،

وتيمناً بـالتـقـاليد العـربية الأصيلـة في الكرم و”إغاثة الملهـوف”،

أقـترح على الأمين الـعـام لجـامـعـة الـدول العـربية (أطـال الله بـقـاءهـا!!!) ،

أن يـُصـار إلى إنشاء مؤسـسـة خـاصـة ،

لتصدير ما ينتجه الـعـرب من “محللين سياسيين” ،

إلى جميع الدول الفقيرة في  العالم الثالث ،

ذلك أن تصدير هذه الملايين سـيضرب عـصفورين بحجر واحـد :

حل أزمة السكن في مصر،

وتوفير مئات الملايين من الدولارات بالعـملـة الصعـبـة ،

التي تحتاجهـا  الدول العربية لتأمين إحتياجاتهـا،

من السيارات الأمريكية  والهمبورغـر …

و “يـا خـفـيّ الألـطـاف ، نـجـّـنـا مـمـا نـخـاف..!!”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com