زواج الونس ضروره لكبار السن

اذا كان الله تعالى قال :” ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة “

ان الموده بين الزوجين هى الترجمه الواقعيه لمشاعر الحب الصادق من خلال المواقف وليس الكلام المعسول
وعبارات الحب التى يتم ترديدها بلا احاسيس اما الرحمه فهى التعبير الحقيقي عن المشاعر الانسانيه التى تظهر بوضوح كدليل على المشاركه الوجدانيه فى الظروف الصعبه عند الشعور بالحزن أو اليأس أو الاحساس بالالم بسبب الاصابه بالمرض أو العجز أو المعاناه وقت المحن والازمات أو عند الاحتياج الشديد للانس والونس فى حاله الاحساس بالوحده والعزله
ومن هنا تظهر اهميه الموده والرحمه فى حياه كل زوجين لذلك فإن الله بحكمته الالهيه قام بذكرهما بالايه الكريمه

وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) :” اذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه فليتق الله فى النصف الاخر”
وحيث أن الله جل شأنه وعلاه قد شرع الزواج كرباط مقدس وميثاق غليظ من أجل استمرار واستقرار الحياه الاسريه ولقد جعل بين الزوجين الموده والرحمه لضمان تحقيق السعاده الزوجيه حتى بعد تقدم العمر وإصابة احد الزوجين أو كلاهما بأمراض الشيخوخه فأن العلاقه الزوجيه بينهما تظل قائمه ومستمره وقويه فى جو من الالفه والوئام إلى ان يفارقان الحياه ولكن المعاناه الحقيقيه تبدأ اذا توفى احد الزوجين وعاش الطرف الأخر وحيدا وهو كبير السن ولم يجد من يرعاه ويؤنس وحدته ويشاركه فى افراحه ويواسيه فى احزانه ويهون عليه مايشعر به من اوجاع جسديه ونفسيه حتى ولوكان لديه ابناء

فكم من أزواج وزوجات كبار السن ارامل ولديهم ابناء ولكنهم منشغلون عنهم بحياتهم الخاصه لدرجه التقصير فى حقهم من حيث اشباع اهم حاجاتهم النفسيه كالحب والحنان والعطف والتفهم والتقبل واحترام المشاعر والاحاسيس ولاسيما ان هؤلاء الآباء أو الامهات احوج إلى أشباع حاجاتهم النفسيه قبل اشباع حاجاتهم الاجتماعيه المتمثله فى المأوى والملبس والمأكل لذلك
قال تعالى :” وقضي ربك الاتعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما أو كلاهما فلاتقل لهما اف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما ”

اين الإحسان إلى الوالدين ؟
حينما نرى ابناء قد تركوا اباؤهم أو امهاتهم كبار السن الأرامل يعيشون بمفردهم فى بيوتهم بين أربع جدران وكأنهم فى حبس انفرادى يذوقون من خلاله مراره الوحده ولم يجدوا من ينصت اليهم لسماع شكواهم. ولا من يتحدث اليهم ليجبر بخواطرهم ولو بكلمات قليله طيبه من أجل اختراق جدارصمت هؤلاء الآمهات والاباء
وكم من اباء وأمهات مسنين ارامل بعد مضى قطار العمر يصابون بالاكتئاب حينما ينظرون إلى انفسهم فى المرأه ويرون وجوههم امتلئت بتجاعيد الزمن و شعورهم قد شابت واجسادهم وهنت وضعفت وعندما يأتى المساء يذهبون لحجرات النوم لينامون ولكنهم يتقلبون فى مضاجعهم من كثره الشعور بالعزله الشديده بسبب فقدانهم لشريك الحياه الذى رحل عنهم و ترك وسادته خاليه .

وكم من اباء وأمهات ارامل احبطهم التقاعد بعد أن كانوا يجدون فى العمل سلوتهم وما يهون عليهم وحدتهم وفى تواصلهم مع زملاء العمل ماكان يواسيهم ولكن دوام الحال من المحال

أن من ذاق مراره الوحده يحتاج لمن
يؤنس وحدته ومن فقد من يشاركه
افراحه ويشاطره احزانه فهو فى حاجه لمن يواسيه ويسعده
ومن حرم ممن كان يشجعه ويهون عليه متاعب الحياه فإنه فى قمه
الاحتياج لمن يشد ازره ويعاونه
وذلك يمكن ان يتحقق من خلال
شريك للحياه اى بالزواج الذى احله الله وشرعه وهو مايطلق عليه فى مثل هذه الأحوال بزواج الونس
هربا من إهمال الأبناء وشبح الوحده
الا ان هناك من الأبناء من يرفضون ذلك الزواج خشيه من قيام زوجه الاب أو زوج الام من مشاركتهم فى الميراث
ومن الأبناء من يرفضون ذلك الزواج رغبه فى الاستحواذ على اهتمام ابائهم أو امهاتهم بهم دون غيرهم ومن الأبناء من يستنكرون ذلك الزواج ويتضررون منه ويعتبرونه شيئ مشين

ولنتذكر رسول الله ( صلوات الله عليه ) حينما تزوج السيده سوده بنت زمعه ( رضى الله عنها) بعد وفاه
زوجته الأولى السيده خديجه ( رضى الله عنها) رحمها الله
ومن الجدير بالذكر ان بنات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لم تعترضن على هذا الزواج

ان من لديه القدره على تلبيه الاحتياجات النفسيه والاجتماعيه للطرف الاخر بكل صدق وإخلاص ووفاء هما الزوج التقى والزوجه الصالحه وذلك من خلال علاقه زوجيه اصلها السكينه ورابطتها الموده وغايتها الرحمه وهدفها الونس والمؤازره والمشاركة الوجدانيه فى جو تسوده روح الالفه والوئام والتكافؤ الفكرى والثقافى والتوافق
فى الميول والرغبات والطباع والرغبه فى محاوله اسعاد الاخر

واذا كانت ذكريات الماضى الجميل للارمل أو الارمله مع شريك الحياه الراحل ستظل تدق كالناقوس فى اذان النسيان كلما استمرت الوحده وازداد الحرمان
فأن زواج الونس الناجح مع شريك الحياه العطوف والحنون سترتاح القلوب ويتم تعويض الحرمان وسوف يعاد من جديد نبض الحياه فى جو من السكينه والامان حتى تلتأم الجروح وتزول الالام وتنتهى الاحزان

حقا ان زواج الونس ضروره حتميه لكبار السن رغم أنف الرافضين

بقلم
د.سيد حسن السيد
الخبير الدولى للاتيكيت
واداب السلوك الاسلامى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com