عمليات جيش الاحتلال والمخططات الاستيطانية في الضفة الغربية وفق خطة الحسم

إعداد اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس – مركز الناطور للدراسات والابحاث
- شهدت الضّفة الغربية منذ 2023 تصعيداً في عمليات المقاومة، وتطور قدراتها التي أصبحت أكثر تنظيماً وتطوراً، من حيث الاساليب القتالية، واستخدام العبوات الناسفة، وتحديد نقاط ضعف جيش الاحتلال، وزيادة عمليات إطلاق النار على المستوطنين وقوات الاحتلال. ما عزز مخاوف جيش الاحتلال، من تراكم القوة لدى مجموعات المقاومة، وتحول الضفة الغربية إلى جبهة إضافية تثقل على الجيش الإسرائيلي مواجهة تحديات الجبهات الأخرى، ولذلك فقد قام بتصنيف الضفة باعتبارها “منطقة قتال ثانية” بعد قطاع غزة، وأطلق عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية، أسماها “المخيمات الصيفية”.
- وبينما سجلت العملية العسكرية الاسرائيلية في الضفة الغربية، أكبر حصيلة ضحايا منذ أكثر من عقدين، فقد ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين لـ 682 شهيدًا، وأكثر من 6000 جريح، وتخطى عدد الأسرى في سجون الاحتلال 10 ألاف أسيرا. الا انه لا يمكن اعتبار الحملة العسكرية الحالية الأكبر منذ عملية السور الواقي 2002، فالعملية في جنين 2023 بقيادة الفرقة 98، والحملة الحالية بقيادة لواءان مقلصان، في طولكرم تحت قيادة قائد لواء كفير، العقيد ينيف باروت، وفي جنين تحت قيادة العقيد أيوب كيوف، قائد لواء منشه، وفي غور الأردن ومخيم الفارعة تستخدم قوة مقلصة بقيادة قائد لواء الغور، العقيد أفيف أمير، اضافة الى أربع كتائب لـ«حرس الحدود»، ووحدات المستعربين والكتائب المنتشرة في الضفة الغربية والتي تقدر بحوالي 19 كتيبة، منها 7 كتائب على خط التماس (توجد كتائب اخرى من حرس الحدود)، في بداية حرب غزة كانت توجد 30 كتيبة.
- ويتركز الجهد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية على تكتيك “المنع”، الذي يستند الى تكثيف مهاجمة مراكز المقاومة الفلسطينية، لتشكيل حالة ضاغطة على التنظيمات للتراجع الى حالة الدفاع بدلا من حالة الهجوم، واصبحت عمليات قوات الاحتلال في الضفة الغربية مكثفة زمنياً ومكانياً ومتواصلة، ما يتوافق مع التغييرات في العقيدة العسكرية الاسرائيلية التي كانت تستند الى مفهوم «الحرب السريعة الخاطفة»، وأصبح من المقبول عند النخب العسكرية الإسرائيلية خوض الحروب الطويلة التي قد تتواصل لأشهر، ما قد يساعد على تفادي اية احتجاجات دولية وإقليمية.
- تحاول اسرائيل تضخيم الوجود الإيراني وقدرات التنظيمات الفلسطينية في الضفة الغربية لتبرير عمليات جيش الاحتلال، الا ان تقديراتنا تؤكد أن تلك العمليات تحمل طابعاً أكثر خطورة، فهناك خشية من تطبيق “خطة الحسم”، وإرساء معادلات جديدة، وفق توجهات اليمين المتطرّف التي تطالب بتوسيع الاستيطان ومصادرة المزيد من أراضي الفلسطينيين. ويمكن القول ان العملية العسكرية في شمال الضفة الغربية هي مقدمة لحملة استيطانية كبرى، خاصة انها تزامنت مع إلغاء الكنيست بنود قانون «فك الارتباط» الخاصة بمستوطنات شمال الضفة الغربية، واتخاذ قرارات بتكثيف الاستيطان في تلك المنطقة ([1]).
- وعلى الرغم ان الحرب في الضفة منذ 7 اكتوبر هي الاشد من حيث القوة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية في عام 2006. الا انها لم تدفع الجمهور الفلسطيني الى الانضمام، مثلما كان الحال في الانتفاضات السابقة، ربما بسبب الإحباط وفقدان الفلسطينيين الإجماع الوطني اللازم، على صعيد خياراتهم السياسية والكفاحية، وبات الأمر يقتصر على مبادرات أفراد أو جماعات معزولة، الا ان تصاعد هجمات الإرهاب اليهودي، ومصادرات الاراضي، ومشاريع الاستيطان، كلها عوامل ستؤدي إلى انفجار الاوضاع في الضفة الغربية.
مخططات استيطانية:
- تزامنت الحرب على غزة والعملية العسكرية في الضفة الغربية مع نشاطات استيطانية حثيثة عكست تغييرًا استراتيجيًا في طبيعة وأهداف المشروع الاستيطاني، تهدف إلى خلق تواصل جغرافي بين المستوطنات وربطها بالبنية التحتية الإسرائيلية، وانهاء الخط الاخضر الفاصل بين إسرائيل والضفة الغربية، كجزء من استراتيجية أوسع لإعادة رسم حدود السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما يتناسب مع العقيدة السياسية للحكومة الحالية، التي تتبنى رؤية “الضم التدريجي”، ضمن إجراءات دمج المستوطنات في النظام الإسرائيلي من خلال توسيع البنية التحتية، وفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنين، ونقل صلاحيات من الجيش إلى الإدارة المدنية التي يديرها المستوطنون، وتحويل المستوطنات إلى جزء لا يتجزأ من إسرائيل، ما يعقد أي محاولة لفصلها في المستقبل في إطار حل الدولتين.
- ومن الجدير بالذكر فان العدد المعلن للمستوطنين حوالي 500 ألف مستوطن في 176 مستوطنة، ويرتفع إلى حوالي 720 ألف مستوطن، بعد إضافة 185 بؤرة استيطانية، اي انه في مقابل كل خمسة فلسطينيين هناك مستوطن واحد، وتستهدف استراتيجية الاستيطان، تغيير هذه النسبة إلى مستوطن لكل ثلاثة فلسطينيين، وفي مرحلة لاحقة مستوطناً واحداً إلى كل فلسطيني، وتغيير الواقع السياسي والجغرافي والديموغرافي، وتحويل تجمعات الفلسطينيين إلى معازل منفصلة، تفتقد مقومات الحياة، تحت ضغط حواجز الجيش وإرهاب المستوطنين، وصولا الى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، وانهاء حل الدولتين ([2]).
- وصادقت الحكومة الإسرائيلية على أكبر عملية توسع استيطاني في الضفة الغربية في 3-7-2024، حيث وافقت على بناء 5300 وحدة استيطانية جديدة في مناطق استراتيجية في الضفة الغريبة، وبذلك تصبح الوحدات الاستيطانية الجديدة أكثر من 24 ألف وحدة خلال عامين.
- وكانت الحكومة الاسرائيلية قد أقرت الخطة “E1” لفصل وسط الضفة الغربية عن شمالها، وخطة “تلبيوت الجديدة” لتعزيز الاستيطان شرقي القدس وتغيير تكوينها الديموغرافي، وإضافة اكثر من 22 ألف وحدة سكنية، في منطقة مطار عطروت شمال القدس، وانشاء حي استيطاني يضم 9 آلاف وحدة، بالتزامن مع انشاء 2.610 وحدة سكنية في حي جفعات همتوس جنوب القدس، اضافة الى 1446 وحدة سكنية في حيين جديدين، و 539 وحدة في جبل ابو غنيم، و 473 وحدة في جفعات هشكيد بالقرب من بيت صفافا، واضافة 3412 وحدة سكنية في حي مفسيرت ادوميم في مستوطنة معاليه ادوميم، و 2.500 وحدة في جفعات عيتام في مستوطنة افرات، و 3500 وحدة استيطانية و1300 غرفة فندقية في مستوطنة “جفعات هاماتوس” على المنحدرات الشرقية جنوب القدس. وإقامة مستوطنات تمتد على أكثر من 140 دونمًا جنوب القدس حتى بلدات بيت صفافا وأم طوبا وصور باهر، في المنطقة بين القدس وبيت لحم، لقطع التواصل بين المدينتين ([3]). وبناء مستوطنة في حي رأس العامود، تضم 384 وحدة سكنية، وتم اقرار بناء مطار جديد بديلا لمطار القدس (قلنديا)، وتخطط بلدية القدس لاقامة 483 برج سكني في القدس، كل برج 18 طابقاً، تشمل 60 ألف وحدة سكنية، تمثل ربع الوحدات السكنية التي توجد في القدس.

خريطة مخطط منطقة E1 شرقي القدس
- وشرعت حكومة الاحتلال في شرعنة البؤر الاستيطانية الغير قانونية، فقد أقام المستوطنون، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حوالي 23 بؤرة استيطانية جديدة، وفي نهاية الشهر الماضي، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن إضفاء الشرعية لخمس مستوطنات في الضفة: “افيتار” جنوب نابلس و”سدي أفرايم” غرب رام الله، “جفعات أساف” شرق رام الله، “حالتس” بين القدس والخليل و”أدوريم” قرب الخليل، وهو ما يرفع عدد البؤر الاستيطانية التي تمت المصادقة على تحويلها إلى مستوطنة رسمية الى 15 بؤرة خلال فترة حرب غزة

خارطة توزيع البؤر الاستيطانية التي أنشأت منذ مطلع العام 2023
- وتتجنب حكومة الاحتلال الإعلان عن إقامة مستوطنات جديدة وتكتفي بـ”التوسع الاستيطاني”، وتتعمد عند تسوية أوضاع البؤر الاستيطانية مدها بشبكات الكهرباء والماء واعتماد مخططات هيكلية باعتبارها حياً جديدة يتبع لمستوطنة قريبة.
- ويجري تطوير شبكات الطرق في الضفة، لخلق تواصل بين المستوطنات، خاصة التي يتم التخطيط لتحويلها إلى مدن، والحيلولة دون تواصل التجمعات الفلسطينية، وستسمح هذه الطرق بإقامة شوارع استراتيجية، مثل: الطريق بين العيزرية والزعيم قرب مستوطنة معاليه أدوميم، بهدف خلق نظاماً من الطرق المنفصلة للإسرائيليين والفلسطينيين، والتمهيد لضم كتلة معاليه أدوميم ضمن E1 ([4])، وتوسيع شارع 505 الواصل بين مفترق مستوطنة أرئيل المقامة على أراضي سلفيت وحتى مفترق مستوطنة تبوح زعترة جنوب نابلس، وتسهيل ربط هذه المستوطنات بمنطقة الأغوار. والطريق رقم 5 بين مستوطنتي “اريئيل” في سلفيت و”عيلي” شمالي رام الله.
- وشرعت سلطات الاحتلال في تنفيذ مخططات سموترتيش لاقامة “مناطق عازلة” حول المستوطنات يتم من خلالها مصادرة المزيد من الاراضي لحساب توسيع المجال الحيوي للمستوطنات، وافساح المجال امام المستوطنين لتنفيذ هجماتهم وحرمان المزارعين الفلسطينيين من الوصول الى حقولهم (حوالي نصف مليون دونم مزروعة بالزيتون)، ما انعكس سلبا على اوضاعهم الاقتصادية، واشارت الاحصاءات إلى انخفاض انتاج زيت الزيتون لهذا الموسم إلى 11 ألف طن فقط موسم 2023، في مقابل 33 ألف طن للموسم 2022. هذه الخطوة ستؤدي الى “تبوير” الأراضي، الأمر الذي سيؤدي إلى إعلان الاحتلال أنها “أراضي دولة”، يذكر انه يوجد حاليا في الضفة الغربية اكثر من مليون دونم من يعتبرها الاحتلال أراضي دولة، تم مصادرتها تستخدم في عمليات توسعة وبناء المستوطنات.

خريطة المنطقة العازلة حول المستوطنات
- ووسعت سلطات الاحتلال هدم المباني الفلسطينية في المنطقة “ب”، بهدف كبح التنمية الفلسطينية وترسيخ السيطرة الإسرائيلية على مناطق استراتيجية، وتزامن هذا الاجراء مع نقل الصلاحيات الإدارية في المناطق “ج” من سلطة الجيش إلى سلطة مدنية من قادة الاستيطان، ما شكل تحولاً استراتيجياً يضفي الطابع المدني على حكم المستوطنات الإسرائيلية، سيتم دمجها بشكل كامل في جهاز دولة الاحتلال، ما يمهد الطريق امام الضمّ القانوني وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.
- وتشكل المناطق “ج” في الضفة الغربية، حوالي 61% من أراضي الضفة الغربية، وتقع تحت سيطرة إسرائيل الأمنية والمدنية، وتشمل ثلاث مناطق ذات مصلحة حيوية اسرائيلية: غور الاردن، غلاف القدس، غرب الضفة الغربية باتجاه مناطق المركز او الوسط، وتعتبر المقاربة الأمنية الإسرائيلية المناطق “ج” بمثابة مجالاً أمنياً للدفاع عن الجبهة الداخلية الإسرائيلية، لإدارة المعركة ومنع إدخال قدرات عسكرية معادية إلى هذه المناطق، اضافة الى حماية الاستيطان في الضفة الغربية ومحاور الحركة، وتعزيز التواصل الاستيطاني وخلق حاجز بين المناطق الفلسطينية ما يؤدي الى إحباط إقامة الدولة الفلسطينية.
- وتم الكشف عن وثيقة خطة “خط المحراث”، التي تنفذها منظمة “ريغافيم” الاستيطانية، والتي تهدف إلى الاستيلاء على المناطق المصنفة “ج” في الضفة الغربية، من خلال استيطان نصف مليون مستوطن في أكثر من 150 بؤرة استيطانية. ويفوق عدد المستوطنين في المنطقة ج عدد الفلسطينيين، خاصة مع إقرار الحكومة بناء وحدات استيطانية جديدة كان آخرها إقرار بناء 5300 وحدة جديدة. وفي الأغوار عملت إسرائيل على تهجير الفلسطينيين، ووفق إحصاء رسمي للسكان أصدرته الحكومة الإسرائيلية نهاية 2023، فإن عدد المستوطنين قفز إلى 517 ألفا و407، وهو ما يتماشى مع خطة تغيير الواقع الديموغرافي في الضفة فيما بات يُعرف بـ”خطة المليون مستوطن”، والتي يجري العمل على تطبيقها.
- وتم اقتراح خطة لمنطقة “شعار شمرون” الصناعية غرب المنطقتين الصناعيتين في مستوطنتي بركان وأريئيل، ومن المتوقع أن تصبح المنطقة الصناعية أكبر منطقة صناعية استيطانية في الضفة الغربية (2700 دونم) بمساحة 2 مليون متر مربع للاستخدام الصناعي والتجاري، والتي تسمح بمصادرة اكبر مساحة من المناطق المصنفة “ج” .
- واستغل الاحتلال حالة الحرب وقام بالاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي في الأغوار، ومنذ السابع من اكتوبر 2023 تم مصادرة نحو 20 ألف دونم، وتخطط لمصادرة 24 ألف دونم اخرى، في منطقة الأغوار. وكان وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموترتش، أعلن عن مصادرة 8 آلاف دونم في الأغوار لصالح توسيع الاستيطان. ويقوم إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، بتسليح المستوطنين، الذين صاروا يمثلون جيشًا مسلحًا في الضفة الغربية، ونجح المستوطنون في تهجير عشرات الأسر في منطقة الأغوار، وجرى إفراغ مساحات كبيرة من البدو والرعاة وتهجيرهم إلى محيط القرى والبلدات الفلسطينية خارج منطقة الضم المقترحة، التي يمكن تسميتها بـ “منطقة العزل الشرقية”.
خريطة تقسيم المناطق A , B & C في الضفة الغربية

خريطة مخططات السيطرة على الأغوار ومنطقة القدس

خريطة عزل الأغوار عن الضفة الغربية

خريطة مستوطنات غور نهر الأردن
- وجاءت عمليات التهويد الواسعة ومخططات الاستيطان في الضفة الغربية، تحت غطاء الحرب على قطاع غزة وتصعيد عسكري في الضفة الغربية، فقد تم رصد 12 ألف اقتحام لقوات الاحتلال للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية خلال الفترة من 10-2023م حتى 8-2024م، بالتزامن مع ارتفاع ملحوظ في نسبة اعتداءات المستوطنين بحماية جنود الاحتلال، أكثر من 1700 هجوم خلال تلك الفترة، التي شهدت استشهاد حوالي 700 فلسطيني، وجرح حوالي 3000 فلسطيني، واعتقال 11400 مواطنا. كما شهدت تلك الفترة مصادرة حوالي 1083 دونم من المواطنين، وهدم 359 منزل، وتدمير البنية التحتية في العديد من القرى والمخيمات الفلسطينية، اضافة الى حوالي 600 اعتداء على دور العبادة واهمها المسجد الاقصى المبارك، وعرقل الاحتلال حرية حركة الفلسطينيين، مستخدما الحواجز العسكرية، لمنع تواصل القرى والطرق الرئيسية، ما أدى الى تهجير العديد من التجمعات الفلسطينية.
- وصعد المستوطنون انتهاكاتهم في محاولة لفرض سيطرتهم على مزيد من الأراضي وتخويف الفلسطينيين وتهجيرهم من المناطق ج، في النصف الأول من عام 2023، شنَّ المستوطنون 591 هجوماً في الضفة الغربية المحتلة، بمتوسط 95 هجوماً شهرياً، في زيادة بنسبة 39% على هجمات 2022، وارتفعت الهجمات بعد 7 تشرين الأول / أكتوبر، إلى 1700 هجوم بمعدل سبع هجمات يومياً. هذه الممارسات أحدثت شعوراً بانعدام الأمان لدى الفلسطينيين، وأجبرت نحو 1,000 فلسطيني على مغادرة منازلهم (راجع الجدول المرفق).
| الاعتداء/ الشهر | (10/23) | (11/23) | (12/23) | (1/24) | (2/24) | (3/24) | (4/24) | (5/24) | (6/24) | (7/24) | (8/24) |
| قتل | 135 | 121 | 70 | 62 | 35 | 38 | 36 | 30 | 34 | 39 | 81 |
| جرح | 864 | 534 | 361 | 214 | 126 | 101 | 148 | 131 | 163 | 154 | 224 |
| اعتقال | 2074 | 1864 | 1342 | 1082 | 827 | 691 | 725 | 664 | 687 | 672 | 715 |
| اقتحام | 1256 | 1269 | 1470 | 1200 | 1098 | 978 | 962 | 1004 | 723 | 962 | 1098 |
| حواجز مفاجئة | 450 | 616 | 645 | 593 | 432 | 377 | 441 | 452 | 234 | 396 | 501 |
| إطلاق نار | 781 | 450 | 397 | 312 | 234 | 233 | 194 | 244 | 186 | 248 | 303 |
| تدمير ومصادرة ممتلكات | 20 | 154 | 142 | 109 | 83 | 67 | 58 | 85 | 100 | 142 | 123 |
| هدم منازل | 60 | 38 | 30 | 11 | 19 | 11 | 6 | 34 | 48 | 65 | 37 |
| اعتداء على اماكن العبادة | 194 | 181 | 27 | 29 | 27 | 35 | 22 | 24 | 18 | 28 | 22 |
| اعتداءات استيطانية | 60 | 34 | 136 | 185 | 148 | 149 | 214 | 341 | 158 | 102 | 213 |
تداعيات وتوقعات:
- دراسة الواقع الميداني تشير الى العلاقة بين هجمات جيش الاحتلال في الضفة الغربية والمخططات الاستيطانية المتسارعة لفرض حقائق جيوسياسية في الضفة الغربية ترسم ملامح الحل الذي تسعى حكومة اليمين المتطرف لفرضه على ارض الواقع في الضفة الغربية، وفق “خطة الحسم” التي اعلنها وزير مالية الاحتلال بتسئيل سموتريتش وتبنتها الحكومة اليمينية الاسرائيلية، والتي تقوم على “حسم الصراع” وفرض أمر واقع، يقضي على خيار التسوية وامكانية قيام الدولة الفلسطينية، وفق المرتكزات التالية: تكثيف الاستيطان في “غلاف القدس” لفصل مدينة القدس عن الضفة الغربية، والإضرار بالتواصل الجغرافي الفلسطيني وتقسيم الضفة الغربية الى قسمين. وفرض السيادة والسيطرة الاسرائيلية على المناطق المصنفة (ج)، فرض السيادة الإسرائيلية على غور الاردن، شرعنة البؤر الاستيطانية، ودعم ميلشيات “الإرهاب اليهودي”، لتسريع هجرة الفلسطينيين. وصولا الى فرض السيطرة الاسرائيلية على الضفة الغربية والقضاء على اية امكانية لإقامة الدولة الفلسطينية.
- تتطابق جغرافية العمليات العسكرية لقوات الاحتلال، مع مخططات الاستيطان في شمال الضفة الغربية والأغوار الشمالية، الأقل كثافة من حيث الاستيطان والأكثر كثافة فلسطينيا، ولذلك تقوم قوات الاحتلال بتنفيذ عمليات تدمير البنية التحتية في شمال الضفة الغربية، والتركيز على المناطق المصنفة ج، والمخيمات، ومصادرة الأراضي، في إطار محاولة تغيير الحدود الجغرافية والديموغرافية، وحصر الفلسطينيين في تجمعات سكنية ضيقة، ما يتطلب زيادة نشاط قوات الاحتلال بحجة القضاء على المجموعات المسلحة الفلسطينية.
- حذرت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية ان خيار العمليات العسكرية الواسعة سيهدد الاستقرار النسبي القائم، خاصة في ظل احتمالات انهيار السلطة الفلسطينية، والتي وعلى الرغم من المشاكل التي تعانيها فإنها لا تزال الخيار الأفضل، خاصة إذا أخذ بعين الاعتبار البدائل التي ستفرضها الفوضى الواسعة في الضفة، الذي سيفرض على إسرائيل التدخل لملء الفراغ، لتتحول إلى الحاكم الفعلي المسؤول عن أكثر من مليوني فلسطيني. ولذلك ترجح المنظومة الأمنية استمرار “الضربات المركزة” في عمق المناطق الفلسطينية، مع الحاجة لدمج الجهد العملياتي بجهد مدني يمنح الجمهور الفلسطيني “ثمن الخسارة”، وهو ما يضمن تجزأه الساحات، وكَسْب الوقت، والابتعاد عن “الحدث الاستراتيجي”. واكد على ذلك حجم قوات جيش الاحتلال المشاركة في العملية العسكرية في الضفة الغربية، والتي لا تشير إلى عملية عسكرية واسعة، حيث تركز اسرائيل على تكتيكات “حرب استنزاف طويلة الامد”، لا تتطلب تجنيد قوات كبيرة، تأخذ شكل عمليات عسكرية متكررة ومكثفة، هدفها إنهاك وتفتيت المقاومة، ومحاصرة الوجود الفلسطيني، جغرافيا وعسكريا.
- تحاول اسرائيل تضخيم قوة المجموعات المسلحة في الضفة الغربية، وعلاقاتها مع ايران، واظهار أن ما يجري على انه معارك بين جيشين، في مقابل التحريض ضد السلطة الفلسطينية، وإظهار عجزها، وإثارة الرأي العام المحلي ضدها، وصولاً إلى الاقتتال الداخلي، والفراغ السياسي، الذي سيتزامن مع زيادة هجمات المستوطنين، ما يؤدي الى استحالة الحياة في الضفة الغربية، سيمهد الطريق امام البدء في تنفيذ مخططات التهجير، واحداث تغيير جيوسياسي عميق في المنطقة، وفي الاساس انهيار السلطة الفلسطينية، وفرض سيطرة الإدارة المدنية وتوسيع الاستيطان، وصولا الى ضم الضفة الغربية الى إسرائيل، وفق خطة الحسم، وسيتطلب هذا السيناريو إضعاف الأردن من خلال حملة تحريض وخلق المزيد من الاضطرابات الامنية، وستكون الفرصة ملاءمة في حال نشوب حرب إقليمية ( [5]).
- تركز قوات الاحتلال جهودها على تقليص هوامش ومساحة الحركة امام المجموعات المسلحة الفلسطينية، في داخل المخيمات والمدن الفلسطينية، ما يؤدي الى انتقال التوتر والاحتكاك بين تلك المجموعات والاجهزة الامنية الفلسطينية، من جهة، ومن جهة اخرى تظل تلك المجموعات محاصرة في قلب تلك المراكز لفترات طويلة، ما يجعلها عرضة للانكشاف الامني، والهجمات المكثفة من قوات الاحتلال، التي ستؤثر بصورة كبيرة على امكانية نجاحهم في القيام بعمليات مؤثرة على نشاطات ومخططات الاحتلال في الضفة الغربية.
- استخدام دولة الاحتلال المليشيات الارهابية الاستيطانية في مخططات حسم الصراع في الضفة الغربية من خلال تكثيف الهجمات الارهابية على الفلسطينيين وخاصة في المناطق المصنفة “ج”، من شأنه ان يؤدي الى وجود مليشيات خارجة عن القانون الاسرائيلي نفسه، وهو الامر الذي حذر منه قادة الجيش والاجهزة الامنية الاسرائيلية. وكانت وسائل الاعلام العبرية قد مؤخرا ثلاث وثائق هامة حول ما يجري في الضفة الغربية، الأولى: خطاب استقالة قائد المنطقة الوسطى، اللواء يهودا فوكس؛ والثانية كتاب رئيس الشباك روني بار حول الاعمال الخطيرة لوزير الامن القومي ايتمار بن غفير؛ والثالثة استنتاجات قائد المنطقة الوسطى اللواء آفي بلوط حول اعمال الارهاب اليهودي في قرية جيت، وقبل تلك الوثائق البيان المشترك لرئيس الأركان ورئيس الشباك والمفتش العام للشرطة السابق، هذه الوثائق جميعها أكدت أن منظمات يهودية تقوم بهجمات ارهابية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية لطردهم من أماكن سكنهم، تمهيدا للسيطرة عليها وضمها الى إسرائيل، بالتعاون مع شرطة الاحتلال، التي اصبح بيدها كامل الصلاحيات في الضفة الغربية، بدلا من الجيش، وتحت رعاية كاملة من وزراء اليمين المتطرف في الحكومة، ما ادى الى ان “الإرهاب اليهودي” اصبح يتحرك بدون عراقيل، ما سيساعد على نجاح مخططاتهم مستقبلا، التي لا تستهدف السيطرة على الضفة الغربية فقط، وانما على كل دولة إسرائيل، أي ان “الارهاب اليهودي” بات يشكل خطرا على وجود دولة إسرائيل ([6]).
- واشارت تقديرات استخبارية ان اندفاع اليمين الفاشي باتجاه خيار “حسم الصراع” في الضفة الغربية واطالة أمد الحرب في غزة والحرب في لبنان والتصعيد مع ايران، يهدف الى افساح المجال امام حسم الصراع الاسرائيلي الداخلي لتغيير طبيعة الدولة، ويسعى اليمين الاسرائيلي المتطرف، الى خلق البيئة الجيوسياسية الملائمة لمخططاته، التي تستهدف نقل مركز البلاد من الساحل إلى الاطراف والضفة الغربية والقدس، ضمن تقاسم وظيفي، يتولى فيه بن غفير استكمال تهويد النقب والجليل والقدس الشرقية، فيما يتولى سموتريتش استكمال تهويد الضفة، بالتزامن مع تغيير بنية مؤسسات الدولة نحو المزيد من هيمنة الدين على المجتمع، وهو الامر الذي عمق التوتر السياسي – الاجتماعي في اسرائيل بشكل متسارع، وادى الى انحراف التوازن الاستراتيجي الإسرائيلي.
- وسيكون لتلك التوجهات اليمينية المتطرفة تداعياتها على واقع الحياة في الضفة الغربية، وسيساهم في تعقيد العلاقات بين المجموعات السكانية اليهودية والفلسطينية، وسيرفع من احتمالات اندلاع انتفاضة جديدة، ستفرض ضغوطاً على جيش ودولة الاحتلال وتؤثر على قدراتهم لمواجهة التصعيد على عدة جبهات. وستواجه “المقاربة الامنية” عدة عوامل مؤثرة تدفع باتجاه الفشل في تحقيق تلك الأهداف الاستراتيجية التي تسعى لتنفيذها، فغياب الأفق السياسي، والسياسة الاستيطانية، ومشاريع الضم، ستخلق بؤر احتكاك جديدة، ستدفع الفلسطينيين الى تصعيد عمليات المقاومة لمواجهة المخططات الاسرائيلية. ويؤكد على ذلك ان العديد من العمليات العسكرية التي نفذتها اسرائيل ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية لم تؤد الى انهاء الوجود الفلسطيني، وإذا نجحت هذه المقاربة الامنية في تخفيض مستوى الصراع، الا ان ذلك سيكون لفترة محدودة، والموجة القادمة ستكون مسألة وقت.
[1] – جمال زحالقة، مركز الناطور 31-8-2024: حرب في الضفة من أجل سلامة المستوطنين
[2] – ماجد كيالي، مركز الناطور للدراسات 31-8-2024: حرب إسرائيل ضد الفلسطينيّين في الضّفة أيضاً
[3] – مديحة الأعرج، مركز الناطور 2023-07-29: بعد محو الخط الأخضر سلطات الاحتلال تتجه نحو محو خطوط اتفاقيات اوسلو
[4] – حركة السلام الان الاسرائيلية 20-9-2023: الضم كعملية قيد الإعداد
[5] – عبد الغني سلامة، مركز الناطور للدراسات 2-9-2024: سبعة شروط قبل التهجير
[6] آسا كيشر، يديعوت احرونوت 5/9/2024: أعيدوا للجيش السيطرة في الضفة
التاريخ: 4-10-2024م



