اغتيال السنوار والهجوم على شمال قطاع غزة والصفقة الشاملة

التاريخ: 20-10-2024م

تقدير موقف (11): 

اغتيال السنوار والهجوم على شمال قطاع غزة والصفقة الشاملة

إعداد اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس – مركز الناطور للدراسات والابحاث

الموقف شمال قطاع غزة:

  • بعد عودة جيش الاحتلال للمرة الرابعة لاجتياح شمال قطاع غزة، في عملية تتميز بعنف أكثر من المرات السابقة، تزامنت هذه المرة مع مطالبة المواطنين بالرحيل إلى جنوب قطاع غزة، ما عزز التخوفات من توجهات حكومة نتنياهو لضم شمال قطاع غزة، بعد تدمير كل مقومات الحياة، وتحويله الى منطقة عسكرية مغلقة، خاصة ان جيش الاحتلال قد بدأ الهجوم بإصدار أوامر عسكرية بتهجير المواطنين وقطع المساعدات الإنسانية.
  • بدأ الهجوم في السادس من اكتوبر 2024 بقيادة الفرقة 162 في جيش الاحتلال (التي تم نقلها من رفح)، وكانت تعليمات قائد المنطقة الجنوبية الجنرال يارون فنكلمان واضحة بالتعامل بقوة نارية وتدميرية هائلة للمناطق المأهولة بالسكان. 
  • تم تكليف كتيبة “صبار” بقيادة المقدم متان الغربالي بقيادة الهجوم على عمق مخيم جباليا، في هجوم وصف انه الاعنف منذ بداية الحرب، وكان التركيز على تدمير كافة مناحي الحياة وتدمير مربعات سكنية بالكامل والمدارس والمستشفيات التي تُعد مراكز إيواء المدنيين. 
  • وتقدمت قوات الاحتلال على 4 محاور قتالية: 
  1. المحور الاول: على طول شارع بيت لاهيا العام الواصل من مفترق حمودة على شارع صلاح الدين مرورا باتجاه بيت لاهيا وصولا إلى شارع الرشيد الساحلي غربا، وهو المحور الذي بموجبه يتم عزل مخيم جباليا عن بيت لاهيا وبيت حانون.
  2. المحور الثاني: من شارع الرشيد الساحلي باتجاه غرب مخيم جباليا مرورا بمنطقة التوام والصفطاوي وصولا الى منطقة الفالوجا ودوار ابو شرخ. في هذا المحور قام بالسيطرة على عدة شوارع وطرق واغلاقها بسواتر ترابية وقام بفصل شمال قطاع غزة عن مدينة غزة من الجهة الغربية.
  3. المحور الثالث: تمركزت قوات الاحتلال في المنطقة الفاصلة بين منطقة الشيخ رضوان وجباليا، للحيلولة دون نزوح المواطنين الى مدينة غزة، واجبارهم على النزوح عن طريق شارع صلاح الدين الذي تركه مفتوحا امام حركة الخروج من شمال القطاع، لضمان ضغط حركة النزوح باتجاه جنوب القطاع وعرقلة الحركة باتجاه شمال مدينة غزة.
  4. المحور الرابع: كثفت قوات الاحتلال عمليات القصف المدفعي والجوي على منطقة تل الزعتر شرق مخيم جباليا، تمهيدا لعملية اقتحام محتملة للمخيم من هذا المحور، وهو ما يضع المخيم بين محوري هجوم رئيسيين من الغرب والشرق.
  • وطالبت قوات الاحتلال المواطنين بإخلاء مزيد من المناطق المجاورة لمخيم جباليا، جباليا البلد، النزلة، بيت لاهيا، بيت حانون، الصفطاوي، بير النعجة، التوام وشمال حي الشيخ رضوان (منطقة ابو اسكندر). 
  • وأحكمت قوات الاحتلال حصارها بشكل كامل على مخيم جباليا وبلدات شمال قطاع غزة، وقامت بتقطيع كل الطرق المؤدية إلى مدينة غزة بالكامل، ووضعت سواتر ترابية في الشوارع الرئيسية الفاصلة بين بلدات شمال القطاع ومدينة غزة، ما اضطر المواطنين الى محاولة المرور عبر ما بات يعرف بـ “طريق الموت” وهو الشارع الذي يوصل إلى منطقة “دوار أبو شرخ”، حيث يعتلي هناك القناصة البنايات، فيما تتواجد آليات عسكرية في المنطقة. وطالب السكان بالتحرك عبر شارع “الترنس” إلى شارع صلاح الدين فقط والانتقال جنوبا.
  • وقام بتدمير كل مظاهر الحياة في المنطقة والمباني ومراكز الإيواء ومضخات المياه ومحطات الوقود، وطلب الجيش الإسرائيلي من 3 مستشفيات في المنطقة: كمال عدوان، الأندونيسي، والعودة، إخلاءها من المرضى والطواقم الطبية، وانقطاع خطوط المساعدات الغذائية إلى شمال قطاع غزة، واغلقت نقاط توزيع الأغذية، ما عزز من خطر المجاعة، ما ادى الى نزوح آلاف السكان الى مدينة غزة.
  • وقام بقصف مدفعي عنيف لمشروع بيت لاهيا ووسط مخيم جباليا والمناطق الشمالية والغربية لبيت لاهيا، واحكم الحصار من منطقة الصفطاوي وصولا الى منطقة الفالوجا وابو شرخ غرب المخيم، وقام بقصف عنيف على المناطق الشمالية لمدينة غزة وتحديداً مناطق الكرامة، المخابرات والمقوسي. وتقدمت قوات الاحتلال باتجاه وسط المخيم على محورين: الاول من الجهة الشرقية منطقة نصار وتل الزعتر التي استهدفها بعمليات قصف مدفعي وجوي عنيف. والمحور الثاني من غرب المخيم منطقة ابو شرخ والفالوجا والاتصالات.
  • وقامت قوات الاحتلال بعمليات قصف مركز على المنطقة الفاصلة بين جباليا وحي التفاح، تحديدا امتداد شارع يافا، للحيولة دون نزوح الاهالي الى حي التفاح الذي يمتد الى حي الدرج وسط مدينة غزة ويأوي النسبة الاكبر من النازحين في مدينة غزة. 
  • وبالتزامن مع الهجوم قامت قوات الاحتلال بهجوم بري على مناطق شرق وجنوب مدينة غزة، وتحديدا المنطقة المحيطة بشارع صلاح الدين في حي الزيتون وجنوب منطقة التركمان في حي الشجاعية. وتعرضت المنطقتين لقصف مدفعي عنيف، وقامت طائرات مسيرة “كواد كابتر” بالمشاركة في الهجمات من خلال إطلاق النار والقنابل على منازل المواطنين، وتركز القصف المدفعي على شارع رقم 8، من مفترق دولة الى محيط الكلية الجامعية، وتم استهداف المناطق الغربية في حي تل الهوا من زوارق الاحتلال والطائرات المروحية، اضافة الى القصف المدفعي المركز. وتشير التقديرات الى ان هذه العمليات تستهدف استكمال تفريغ المنطقة الجنوبية والجنوبية الشرقية من حي الزيتون وصولا الى وسط مدينة غزة، ما يشكل عاملا ضاغط على المنطقة السكنية ذات الكثافة العالية في النزوح في وسط المدينة حاليا.
  • ووفق المعلومات فان جيش الاحتلال واصل عمليات القصف المدفعي المكثف باتجاه منطقة تل الهوا من شارع الرشيد وصولا الى شارع الصناعة، مستهدفا استكمال تهجير ما تبقى من مواطنين في تلك المنطقة، التي تعتبر المدخل الجنوبي الغربي لمدينة غزة، والقريبة من مخيم الشاطىء ومنطقة الرمال التي لا زال يتواجد في داخلها اعدادا من المواطنين.
  • ووفق التقديرات المتوفرة يستهدف الهجوم على شمال قطاع غزة الضغط على سكان شمال القطاع للانتقال الى الجنوب، تمهيدا لتنفيذ “خطة الجنرالات”، التي أعدها الجنرال غيورا ايلاند ومجموعة من ضباط الاحتياط في جيش الاحتلال، والتي تستهدف تحقيق التالي: 
  1. السيطرة على جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، بحجة احباط مخططات حماس لإعادة بناء منظومتها المدنية والعسكرية، وافقاد الحركة السيطرة في المناطق التي يجري فيها قتال.
  2. نقل أكبر عدد من السكان المدنيين، جنوباً، بحجة أن بقائهم يعرقل تحركات جيش الاحتلال في التعامل مع مجموعات المقاومة في شمال القطاع، الذين يمتلكون هوامش حركة ما بين شمال القطاع ومدينة غزة.
  3. إنشاء منطقة يمكن إدخال المساعدات الإنسانية إليها وتوزيعها بعيدا عن سيطرة حماس، ما يفتح المجال امام تشكيل البنية التحتية لبدء الادارة المدنية بإشراف جيش الاحتلال، وهو ما تحدثنا عنه في تقرير سابق، ما يؤشر الى ان العملية تمثل تمهيدا على الارض لتمرير تسوية طويلة المدى ’ لليوم التالي’، تضمن سيطرة إسرائيل على شمال قطاع غزة.
  4. جعل شمال القطاع منطقة غير قابلة للحياة، والتهجير القسري وزيادة اعداد النازحين في جنوب القطاع، سيؤدي الى زيادة الغضب والاحباط ضد حركة حماس، ومن ثم الضغط على الحركة، للتوصل إلى صفقة تؤدي إلى إنهاء الحرب. 
  • الحديث عن عراقيل امام الخطة وتسريب وسائل الاعلام الاسرائيلية معارضة الجيش الاسرائيلي لهذه الخطة بحجة تعارضها مع “القانون الدولي”، وتقديراتهم انها غير ناجحة في ضوء رفض المواطنين النزوح الى جنوب القطاع. تقديراتنا تؤكد أن هذه التسريبات تأتي في اطار “الخداع التكتيكي” كما اعتاد الاحتلال، الذي يقوم بإشغالنا عن الهدف الحقيقي الذي يجري تنفيذه على الارض بواسطة جيش الاحتلال، والذي قام بتوسيع نطاق عملياته الى شمال وجنوب مدينة غزة، ما يؤكد المخاوف من نوايا الاحتلال لتهجير سكان شمال القطاع بالكامل.

ترتيبات اليوم التالي: 

  • تحاول اسرائيل الترويج الى امكانية تجاوبها مع الضغوط الدولية فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية في شمال قطاع غزة، حيث ادعت انه يجري حاليا مناقشة اقتراح من شركة الأمن الأمريكية GDC، المملوكة لرجال أعمال إسرائيليين أمريكيين، والمتخصصة في المساعدات في مناطق الحرب ويرأسها موتي كاهانا. حيث ستتولى الشركة تأمين قوافل المساعدات، بالتنسيق مع جيش الاحتلال، وستكون الشركة قادرة على البدء في العمل خلال 30 يوما من الحصول على الموافقة، وهي نفس الفترة التي اعلنت عنها الادارة الامريكية مؤخرا وطلبت من اسرائيل ضمان ضخ المساعدات الى شمال القطاع خلالها.
  • ومن الجدير بالذكر فقد قدمت GDC الخطة إلى الادارة الامريكية، بالتنسيق مع الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية مثل World Central Kitchen، اضافة الى عددا من الضباط الإسرائيليين منهم اللواء (احتياط) دورون أفيتال، والعميد (احتياط) يوسي كوبرفيرسر، والقائد السابق للبحرية الإسرائيلية ديفيد تسور.
  • وربطت اسرائيل هذه الخطوة بضرورة قيام جيش الاحتلال بإنشاء مناطق عازلة خالية من المسلحين، سيتم حظر الدخول إليها باستثناء السكان الذين سيحصلون على “الهوية البايومترية”، وهو الامر الذي أشرنا اليه في تقارير سابقة.
  • ووفق التقديرات تسعى اسرائيل من خلال هذه الخطوة الى استغلال موضوع المساعدات لفرض تصوراتها لليوم التالي من خلال التركيز على الاحتياجات الانسانية للمواطنين، لتكون المدخل للتعامل مع الادارة المستقبلية التي سيفرضها الاحتلال، والتي ستكون شكلا من اشكال الادارة المدنية بالتعاون مع العشائر التي قد تضطر تحت ضغط المجاعة والاوضاع الانسانية الصعبة المقبلة للتعامل مع الاحتلال. وتوفرت معلومات عن قيام جيش الاحتلال بالاتصال مع مخاتير وشخصيات، في بيت حانون وبيت لاهيا المحكومة بأعراف عشائرية.
  • ويجري التركيز في العملية الحالية في شمال القطاع على فصل تلك المناطق عن باقي مناطق الشمال، واخراج المسلحين منها، حيث تعتبر تقديرات استخبارية ان استمرار بقاء حركة حماس، على الرغم من تضرر الكثير من قواتها نتيجة الهجمات الاسرائيلية، سيكون عائقا امام موافقة العشائر على التعاون مع سلطات الاحتلال في المرحلة المقبلة، ولذلك تكثف قوات الاحتلال من هجومها على شمال القطاع، في محاولة دفع المواطنين للرحيل نحو الجنوب، وتقليل الكثافة السكانية في الشمال، ووفق تقديرات الامم المتحدة يتواجد حاليا في شمال قطاع غزة حوالي 200 الف مواطن، اضافة الى نفس العدد تقريبا في مدينة غزة، ما يعني انه يتواجد في شمال وادي غزة حوالي 400 مواطن.
  • ووفق المعلومات يضغط المستوى السياسي في اسرائيل على المستوى العسكري لتهيئة الاوضاع على الارض لتنفيذ مشاريع اعادة احتلال واستيطان شمال قطاع غزة، وهو الامر الذي يواجه بتحفظات المستوى العسكري باعتبار تكاليف إدارة القطاع عسكرياً ستصل إلى 20 مليار شيكل سنوياً أي أكثر من خمسة مليارات دولار، اضافة الى ضرورة اشراك اطراف دولية وعربية في ادارة القطاع مستقبلا، وهو الامر الذي رفضه المستوى السياسي، مؤكدا على ضرورة التركيز على اعادة احتلال واستيطان شمال القطاع وطرد اكبر كثافة سكانية الى جنوبي قطاع غزة، وهو احد اهم اهداف العملية العسكرية الحالية في شمال القطاع حاليا، تمهيدا لإعادة احتلاله واستيطانه.
  • وكشف موقع “واللا” العبري في 16-10-2024م، عن قيام وزراء واعضاء كنيست في الليكود بالدعوة الى عقد مؤتمر لتشجيع الاستيطان في قطاع غزة، وهم: مي جولان، أفيهاي بوفارون، إيلي دلال، تالي غوتليب، كيتي شتريت، حانوخ ميلبيتسكي، نسيم فاتوري، أرييل كيلنر، ساسون جوتا وأشير شكليم، اضافة الى حركة “نحالا” الاستيطانية وأحزاب يمينية مثل “عوتسما يهوديت” والصهيونية الدينية، ومن الجدير فان هذا المؤتمر هو الثاني بهذا الخصوص بعد المؤتمر الاول الذي عقد في يناير 2024م.

اغتيال السنوار والصفقة الشاملة: 

  • كشف تعيين المقدم إلعاد غورين حاكماً عسكرياً لقطاع غزة تحت مسمى منسق الشؤون الإنسانية، عن المشروع الإسرائيلي لليوم التالي في قطاع غزة، والذي يرتكز الى إنهاء حكم حماس في قطاع غزة، وفرض سيطرة عسكرية اسرائيلية، بصورة متدرجة لتجنب ردود الفعل الدولية وتهيئة المناخ للمخطط النهائي، الذي يشدد على استبعاد عودة السلطة الفلسطينية، وانهاء الجسم السلطوي لحركة حماس، والذي يعتمد على المساعدات لفرض سلطته. 
  • وتزامن الاعلان عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، مع تصعيد هجوم جيش الاحتلال على شمال قطاع غزة، ما يؤشر على رغبة المستوى السياسي في تحقيق انجاز عسكري استباقا لعرض الصفقة الشاملة التي سترسم معالم المرحلة المقبلة.
  • وتوفرت معلومات ان رئيس الموساد ديدي برنيع سيقوم بتحركات مكثفة في الايام المقبلة لعرض اقتراح “الصفقة الشاملة”، على الاطراف العربية والدولية، بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الامريكي الى المنطقة الثلاثاء المقبل، للترويج للصفقة التي تشمل: 
  1. تشكيل “إدارة ذاتية مدنية” في قطاع غزة، بعيدا عن السلطة الفلسطينية.
  2. خروج عناصر حماس من قطاع غزة.
  3. إطلاق سراح من تبقى من الاسرى الاسرائيليين في قطاع غزة
  4. تسليم المسؤولية عن محور فيلادلفيا الى قوة متعددة الجنسيات، ستتولى ايضا المسؤولية في جنوب القطاع 
  5. انسحاب حزب الله اللبناني الى شمال الليطاني.
  6. التمهيد للمشروع الأمريكي لليوم التالي للحرب، وعنوانه شرق أوسط جديد ضمن واقع جديد يستند مركزيا لنتائج الحرب العسكرية. 
  • انتهى – 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com