كشف  المستور  في  بعض سطور  عن  كبار   اللصوص  والسارقين للمساعدات  الإنسانية  من  بعض  الأفراد، والمؤسسات  في  غزة.. أ.د/ جمال أبو نحل

من المعلوم  عن أغلب شعب غزة  أنهم أهل نخوة، ووفاء، وشجاعة، وأهل الجود، والكرم في الضيافة ويحبون العطاء بكُل سخاء، على  الرغم من فقدانهم  الرخاء، وزيادة العناء عندهم في العقدين الأخيرين قبل الحرب، وقلة ذات اليد؛ فغالبية الشعب الغزي :”يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”.

 كان الناس في غزة يعيشون حياتهم في ستر الله، وكرمه، وفضله، ورحمته كُرماء رغم صعوبة الحياة، على أثر الحصار الصهيوني الإجرامي المتواصل عليهم منذ ما يقارب من ثمانية عشر عامًا!؛ وبالرغم من ضيق الحال كانت الحياة تسير جميلة بحلوها، ومرها؛ حتى جاء يوم تسبب للشعب في المسغبة  “المجاعة”، “وهو  يوم السابع من أكتوبر ” من العام 2023م، وما نتج عنه بعد ذلك من نتائج كارثية على الشعب الغزي، خاصة ما يجرى من العدوان الرهيب، والإبادة الوحشية الصهيونية الإجرامية المتواصلة منذ ما يقارب من عام ونصف على الشعب في غزة، حتى تم احتلال القطاع، وصولاً  اليوم لمفاوضات كيف فقط نوقف حرب إبادة الشعب بغزة، وتبادل الأسرى، لتعيدنا لنقطة الصفر!؛  أي التفاوض على أمل العودة لما كان عليه الحال في غزة ليوم السادس أي قبل يوم السابع من أكتوبر!!. بعدما حل الدمار، والخراب، ودمر العدو غالبية قطاع غزة، وظهر الفقر  المدقع، والأمراض، والبطالة، والمشاكل الاجتماعية، وتواصل القصف الصهيوني الوحشي، وانتشار الجوع بين النازحين في الخيام، والسعي من أغلب الشعب، وخاصة الأطفال لتوفير الطعام، والشراب، بدل ذهابهم لمقاعد الدراسة صاروا يذهبون كل صباح يتسابقون سعيًا للحصول على  ربطة خبر،  ويبحثون عن  “تكيات توزع الطعام”، أو  عن المساعدات!؛ حاملين معهم الأواني الفارغة سعيًا منهم للحصول على  وجبة طعام تسد رمق جوعهم!؛ وصار غالبية الشعب في قطاع غزة على هذا الحال؛ يكافح رب الأسرة ليلاً، ونهار اً سعيًا لتحصيل لقمة عيش لأسرته من تكية طعام، أو مؤسسة خيرية أو جمعية لعله يسد رمق جوعهم!؛  بعدما فقد أغلب الشعب الفقراء، والأغنياء كل  ممتلكاتهم في الحرب  وتحولت حياتهم كحال من كان يعيش في القصور ، وفجأة انتقل للعيش في القبور!؛ ومن النور  إلى الظلام، ومن الرخاء إلى العناء!؛ ومن نور العلم، والتعليم إلى ظلمات الجهل!؛ بعدما كان الشعب الفلسطيني أكثر شعب متعلم في العالم وخاصة في غزة فأكثرهم يحملون المؤهلات العلمية العليا من الماجستير، والدكتوراه؛ وصار  الشعب بغزة يعاني الأمرين في النزوح بسبب العدوان الصهيوني الغاشم، والمتواصل منذ حوالى عام، ونصف، وسكن الشعب في خيام الموت، والعذاب، والمعاناة، والألم،  وصار  مجرد حصول الأسرة بغزة على خيمة  تسترهم للعيش فيها هو إنجاز!؛ مع العلم أن تلك الخيام  التعيسة لا تصلح أصلاً للحياة البشرية الأدمية، ولا  تَقى من حر الصيف اللهاب، ولا من  برد الشتاء القارص، وصار الموت يحيط فيهم من كل جانب؛  فإما الموت تجمدًا من شدة البرد القارص شتاءً أو الموتُ جوعًا، أو الموت من القصف الصهيوني الوحشي المتواصل فوق رؤوسهم!؛  وكأن عجلة الحياة في غزة توقفت وشُلتْ في غزة، فلا عمل، ولا علم، ولا  تعليم، ولا حياة أدمية!؛ وليت الأمر توقف عند هذا الحد!؛ لنقول حينها وبشر الصابرين؛ ولكن كان هناك ما هو أدهى، وأمر ؛ وهو  بروز  بعض الظواهر  السيئة جدًا، والتي لم تكن معلومة من قبل، ومعروفة من قبل الحرب، ألا وهي هتك ستر  بعض العوائل العفيفة المكلومة المستورة  في غزة، ممن فقدوا بيوتهم، وأموالهم، وكل ممتلكاتهم، وسكنوا في خيام النزوح، وذلك من خلال أفعال كبار اللصوص من السارقين للمساعدات عديمي الضمير، والإنسانية، من تجار الدم، والدين، والحروب!؛ من بعض الأفراد سواء في المؤسسات أو بعض التنظيمات، أو بعض الجمعيات الخيرية، والتي أصلاً  هي غير  مرخصة؛ وغير قانونية، فيقومون  بتصوير الناس أثناء تسليمهم المساعدة  بشكل مُذل، ومُهين، أو امتهان لكرامتهم، وإنسانيتهم، مستغلين حاجة الناس الماسة للطعام، والشراب، والمال!؛ علمًا أن تلك الأموال ليست أموالهم الخاصة لمن يصوروا الناس، وإنما حصلوا عليها من المتبرعين المتعاطفين مع سكان قطاع غزة!؛ وهذا الوضع الطارئ على الشعب هو مما خلفته حرب الإبادة الجماعية الصهيونية الوحشية  من مصائب، ونكبات، وويلات على الشعب الفلسطيني في غزة، والتي لا تعد، ولا تحصي، ناهيك عن  ارتقاء عشرات ألاف الشهداء ، والجرحى، والمعاقين، والأسرى، والمعتقلين!؛ والسبب الأول لتلك الويلات هو آلة الدمار، والقتل، وحرب الإبادة، والإجرام الصهيونية الوحشية!؛  والسبب الثاني هو الإفرازات والظواهر السلبية الخطيرة التي خلفتها الحرب على غزة، بعدما أنهكت الناس، واستباحت خصوصياتهم، ومَسَتْ  كرامتهم في مقَتَل!. وظهرت ظواهر  لا تقل خطورة عن بشاعة المحتل القاتل المجرم؛ وقد تزعم تلك المشاهد الأليمة بعض الأشخاص الأنذال، السيئين ممن يتاجرون بمعاناة شعبنا، وبدماء الشهداء من كبار اللصوص، والسارقين ممن احترفوا  النواح، والبكاء، والصراخ، والنحيب على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض من أفراد التنظيمات الحاكمة في غزة، والأفراد، وبعض المؤسسات، والجمعيات؛ فمنهم من جمع، وسرق ما يقارب مليون دولار  على حساب دم الشعب الفلسطيني في غزة، وصار من الأغنياء بمالٍ سُحتٍ حرام، ومنهم من جمع نصف هذا المبلغ وتراهم على مواقع التواصل يخدعون المتبرعين حينما يذرفون دموع التماسيح، ويصورا بعض الناس الغلابة  بفتات من المبالغ التي يحصلون عليها باسم الشعب بغزة،  ويستذروا عطف المتبرعين، وهؤلاء الأشخاص السفلة  أغلبهم حاليًا معروفين لغالبية أبناء الشعب الفلسطيني، ومنشورة أسماء، وصور  أولئك اللصوص الكبار  والمبالغ التي جمعوها على بعض مواقع التواصل الاجتماعي!؛ ومما يبكي القلب حينما ترى ذلك اللص الكبير  الساقط أخلاقيًا يقوم بتصوير الشخص المحتاج، وهو  يقدم المساعدة المالية له، ويوثق ذلك ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي، ويرسله للمتبرع خارج الوطن، لكى يثق المتبرع فيه أكثر ،ويرسل له المزيد من المال!؛ فيقوم هذا اللص الكبير  إن كان شخص أو مؤسسة أو جمعية بتوزيع الفتات على النازحين وتصوير ذلك!؛ ثم  يسرق حصة الأسد هو ومن لف لفيفهم!؛ ويا حبذا وقف الأمر عند هذا الحد، بل شاهدنا عشرات الفيديوهات لمسلحين من ولاة الأمر  في غزة يطلقون النار على صابونة أرجل بعض المواطنين من مسافة صفر، على الرغم من وجود أطفال أقل من سن البلوغ مما يتسبب في بثر أقدامهم بسبب أنه إنسان فقير، فسرق كيس طحين “دقيق” ليطعم أسرته  ويطلقون النار عليه، وأما اللصوص من كبار أولئك المسلحين، ومسؤوليهم من أدعياء التدين والدين، والوطنية فإنهم يسرقون كل أغلب شاحنات المساعدات التي تأتي أصلاً للشعب دون حسيب، ولا رقيب عليهم، ولا محاسب  لهم؛ كما يقول المثل الشعبي: “حاميها حراميها”!؛ ومن المعلوم أن بعض كبار قادة تلك التنظيمات التي تدعي أنها تنظيمات إسلامية جمعوا ملايين الدولارات باسم الشعب الفلسطيني بغزة، ولكن الشعب لم يرى شيء من تلك التبرعات إلا الفتات!. فكيف تنتصر أمة غابت من بينهم العدالة، وإحقاق الحق، والحقيقة!؛ ولنا المثل الأعلى في السلف الصالح من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين حينما كان معهم سيد الأنبياء، والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فخالف الصحابة الكرام أمرًا  واحدًا  للنبي صلى الله عليه وسلم في غزة أحد، حينما نزلوا عن الجبل الرماة في أُحد فكانت الهزيمة بعد النصر!؛ فمن يحاسب أولئك اللصوص والسارقين الكبار  المجرمين!؛ ومن يحاسب من يطلقون النار على أبناء شعبهم بدمٍ بارد؟!؛ وعمومًا إن أفلت الطغاة الجبابرة السارقين اللصوص الكبار  من العقاب في الدنيا والعقاب في الآخرة أدهى، وأمَرْ؛ ولابد من  همسة عتاب كبيرة لأغلب المؤسسات، والتنظيمات، والجمعيات، والأفراد الذين يعملون في المجال الإنساني، ويقدمون المساعدات للشعب الغزي المكلوم، ممن يصورون الناس أثناء استلامهم المساعدة!؛ عليكم التوقف عن التصوير للناس، لأن في ذلك إذلال لهم، وانتقاص من كرامتهم، وهتك سترهم!؛ مع العلم أن من يقدم المساعدة  من العاملين في تلك المؤسسات، أو الجمعيات، أو التنظيمات ما  هو إلا موظف؛ وتلك المساعدة، ليست من جيبه، ولا من ماله، ولا من مال أبِّيه!؛ بل من تبرعات عربية، وعالمية؛ فلماذا تتعمدون إذلال الناس، ألا تعلمون أن صدقة السر  تطفأ غضب الرب، وليس العكس!؛ وأما من قاموا بإطلاق النار على عشرات المواطنين، وتسببوا ببتر أرجلهم بدون وجه حق،  ويلٌ لكم يا من تحملون عقلية المحتل المجرم الداعشي!؛ ألا تعلمون أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوقف حد السرقة في عام الرمادة؛ ولماذا إذا سرق الضعيف الفقير المحتاج أطلقتم عليه النار؛ وأما اللصوص الكبار،  ولربما بعضهم منكم، وفيكم فلا أحد يحاسبهم!؛ وأين أنتم من بعض التجار المرابين الذين يأخذون ثلاثين في المائة على كل مبلغ يتم تحويله لغزة فالألف دولار يستلمها صاحبها مكرهًا من التاجر  سبعمائة دولار!؛ وكل غزة تعلم أن أولئك التجار  الفجار ، وبكل صراحة هم في كنف وحماية “حركة  حماس”!؛  وأين ذهبت ملايين الدولارات التي جمعت من الخارج باسم الشعب في غزة؟! وهنا نُورد مثالاً واحدًا فقط لأموال تم جمعها لغزة من أفقر الدول وهي موريتانيا؛ حيث  أعلنت المبادرة الإيبيرية لدعم سكان غزة، التابعة لقبيلة أولاد أبييري الموريتانية، قبل بضعة شهور  عن تسليمها لحصيلة تبرعات أبناء القبيلة للأهالي في غزة، وهو مبلغ نصف مليار أوقية موريتانية قديمة (حوالي مليون و300 ألف دولار)، غير عن الذهب والمجوهرات؛ وسلمت أموال تلك التبرعات إلى ممثل حركة حماس في موريتانيا: “محمد صبحي أبو صقر” . فأين تلك الأموال، والتي لم تصل إلى الشعب في غزة منها شيء!؛ وهنا يؤكد صحة ما قاله قبل بضعة سنوات أمام كل وسائل الإعلام القيادي في حركة حماس: “خليل الحية “، “مال حماس لحماس”!!!؛ وختامًا لا نجد أصدق لسانًا  من قول الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل في الحديث الصحيح: ”   عن أم المؤمنين  عائشة – رضي الله عنها – أن قريشًا أهمهم شأن المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكلَّمه أسامة، فقال: أتشفع في حد من حدود الله؟، ثم قام فاختطب فقال: «إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحق، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»؛ وكل ما سبق لا ينفي من وجود الكثير  من الشرفاء الأتقياء الأنقياء أمثال مشايخ الدعوة وغيرهم، ولا نزكى على الله عز وجل أحدًا؛ ويقدمون  مال التبرعات للناس في غزة بكل أمانة، وسرية، ومن غير  تصوير ويقدمون تكيات الطعام، ويفعلون الخير،  ويعملون على مساعدة الناس في غزة  دون كلل أو ملل فأولئك كان سعيهم مشكورًا..

الباحث، والكاتب الصحفي، والمفكر العربي الإسلامي، والمحلل السياسي

الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر/ محمد عبد الله أبو نحل

عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين

الأستاذ، والمحاضر الجامعي غير المتفرغ/ غزة ــ فلسطين

رئيس الاتحاد العام للمثقفين، والأدباء العرب بفلسطين

dr.jamalnahel@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com