يوم القتل العالمي.. أبو شريف رباح

بينما يحتفل العالم سنويًا بـ”يوم الصحة العالمي”، حيث تتسابق الدول والمؤسسات الصحية في العالم لتقديم المبادرات المجانية لعلاج الفقراء والمحتاجين وتوزيع الأدوية المجانية والمستلزمات الطبية عليهم، يغيب عن هذا المشهد أهالي قطاع غزة الجريح والمنكوب والذي يعيش على وقع حرب إبادة جماعية متواصلة، فهناك لا أدوية ولا مستشفيات ولا مستلزمات طبية هنالك فقط الموت يهيمن على المشهد ومجازر تحصد أرواح الفلسطينيين.

لذلك ومن قلب المعاناة الألم من قلب غزة المدمرة، نطالب المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان والصليب الأحمر الدولي والجمعيات الصحية حول العالم بإعلان “يوم القتل العالمي” ليكون صرخة في وجه الصمت الرهيب وتوثيقا لهذا العصر الرديء الذي سمح لإسرائيل بالقتل والإبادة المستمرة من 18 شهرا أمام أعين البشرية دون رادع.

من هنا نقول ألا يستحق أكثر من 200 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود أن يُخلدوا في يوم عالمي؟ ألا تستحق غزة التي خُنقت حتى آخر نفس أن يُرفع صوتها في المحافل الدولية؟ فإن هذه الحرب لم تستثن حتى سيارات الإسعاف والدفاع المدني، ولا الأطباء والممرضون والمسعفون، ودمرت المستشفيات والمراكز الصحية ومراكز الولادة حتى أن نساء غزة الحوامل أصبحت هدفا مباشرا لآلة القتل الإسرائيلية.

نعم غزة تستحق يوما عالميا لوقف المقتلة المستمرة، فلقد تحول القطاع إلى مقبرة جماعية مفتوحة فلا دواء فيه ولا علاج ولا حتى قدرة على دفن الموتى بعد أن ضاقت غزة بمن عليها، وإن “يوم القتل العالمي” ليس مجرد عنوان بل هو استحقاق أخلاقي وإنساني لتذكير البشرية بفشلها الذريع في حماية المدنيين ولتعرية الصمت الدولي المتواطئ مع إسرائيل، نعم إننا نطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة “بيوم عالمي للقتل” يوم لا احتفال فيه بل للحداد على الأموات والعار للبشرية، يوم يرفع فيه صوت الضحايا فوق صوت المصالح ويُسلَّط فيه الضوء على جريمة العصر التي تتواصل في غزة دون رحمة.

كفى يا وطن… صرخة من عمق الجراح

8\4\2025

أبو شريف رباح

عجبًا لكم يا عرب! أما شاهدتم أشلاء أطفال غزة تتطاير في السماء؟ أما سمعتم صراخ الأمهات وأنين الشيوخ؟ أما شعرتم بقسوة المشهد حين يحتضن التراب أجسادًا صغيرة لم تكد تبدأ حياتها؟ أما شعرتم بالخزي حين تُقصف البيوت فوق رؤوس ساكنيها، وتُحرق الأجساد، وتُمحى الأحياء عن الوجود؟!

عجبًا لك يا وطن..أما ارتويت من دماء نسائك وأطفالك وشيوخك؟ أما اكتفيت من الحزن، من الفقدان، من الحصار؟ كفى يا وطن.. لم تعد هناك أرحام تحمل لتنجب جيلًا جديدًا، ولم تعد هناك أمهات تبكي أبناءها فقط، بل تبكيك أنت.. تبكي الوطن كله.

غزة اليوم تُباد.. تُسحق تحت نار القصف والدمار، لا شيء فيها يُستثنى، بشرٌ يُفنون بلا رحمة، منازل تُهدم فوق رؤوس ساكنيها، خيام تحترق، ومساجد ومستشفيات تُقصف، حتى الجرحى لا يجدون مأوى، ولا الأطباء ملاذًا لعلاجهم.

إنها ليست حربًا فقط، بل إبادة ممنهجة، وتجويع مقصود، وحصار قاتل، ومخططات تهجير وتسفير لاقتلاع شعب بأكمله من جذوره، من ذاكرته، من أرضه التي لا يملك سواها.

فإلى أين نذهب؟ وبمن نستغيث؟ من يسمع بكاء أطفالنا؟ من يداوي صرخات نسائنا؟ من يمسح دموع رجالنا؟ وإلى متى هذا النحيب؟ إلى متى الألم والمعاناة؟ كم من الدماء يجب أن تُراق حتى يتحرك العالم؟ وكم من الأرواح يجب أن تُزهق حتى يصحو الضمير العربي؟

بالله عليكم يا عرب أوقفوا شلال الدم الفلسطيني فلم يعد لدينا من يقدم الدماء، قدّمنا أرواحنا وقدّمنا طفولتنا وأحلامنا وأعمارنا ولا زلنا ننزف بصمت نتألم في ظلمة ونُذبح تحت الضوء، غزة تناديكم.. فلسطين تستغيث بكم.. فهل من مجيب؟ كفى موتًا..

كفى صمتًا كفى جراحًا.. صبرًا فلسطين.. صبرًا غزة.. فإن سُدّت آذان العرب عن سماع صراخكم، فإن الله سميعٌ قريب مجيب الدعوات ،، والله لا يخذل المظلوم وإن طال الليل فلا بد للفجر أن يبزغ، وإن تكاثفت العتمة فإن النور قادم لا محالة.

 

البرهان يسارع للتطبيع مع إسرائيل… وشلال الدم الفلسطيني-السوداني لم يتوقف

9\4\2025

أبو شريف رباح

بينما لا تزال رائحة البارود تعبق في شوارع الخرطوم، والدماء السودانية تنزف في كل زاوية من زوايا الوطن، وبينما لا تزال حرب الإبادة الجماعية تفتك باطفال ونساء وشيوخ فلسطين، وآلة حرب إسرائيلية دمرت غزة عن بكرة أبيها، وبينما تجتاح معظم دول العالم موجات من الاحتجاجات ضد إسرائيل على جرائمها ومجازرها ضد الشعب الفلسطيني، وبينما تحاكم في محكمة الجنايات الدولية بجرائم حرب، اختار “عبد الفتاح البرهان” قائد الجيش السوداني أن يفتح نافذة على كيان الاحتلال الإسرائيلي، بإرسال مبعوث لبحث ملف التطبيع وتسريعه.

خطوة تثير الكثير من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذا التحرك وفي هذا التوقيت تحديدًا، خاصة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر والمجازر التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني، فهل جاء هذا التطبيع من موقع قوة؟ أم هو محاولة للبحث عن شرعية خارجية تعوض غياب الشرعية الشعبية للبرهان داخل السودان؟

فما الذي جنته الدول العربية التي وقعت على اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل؟ لم تستطع أي من هذه الدول أن توقف العدوان الإسرائيلي على الشعبين الفلسطيني واللبناني، ولم تستطيع أن تفرض الحد الأدنى من شروط السلام العادل بل رأينا العكس تماما مزيدا من التوسع الاستيطاني، وعدوانًا أكثر دموية على الفلسطينيين، واجتياحا لبعض المناطق السورية، وتجاهلاً فاضحًا لكل القرارات الدولية، وإن دولا كالإمارات والمغرب والبحرين تملك اقتصادا قويا وتحالفات دولية لم تحقق من هذا التطبيع سوى خيبة الأمل، فماذا ستجني السودان المنهك اقتصاديا وأمنيا من التطبيع مع إسرائيل؟ هل ستدعم إسرائيل الجيش السوداني بالعتاد؟ هل ستسهم في إعمار الخرطوم؟ أم أن المسألة لا تعدو كونها ورقة تفاوض يستخدمها البرهان لكسب رضا ترامب مقابل ثمن قد لا يدفعه هو بل يدفعه الفلسطينيون هذه المرة؟

في هذا التوقيت المريب والأسئلة الأخطر، وفي ظل عدوان وحشي على غزة أوقع مئات آلالاف من الشهداء والجرحى يأتي إرسال البرهان لمبعوثه إلى تل أبيب وكأن القضية الفلسطينية صارت في ذيل أولويات الدول العربية، وهنا لا بد من طرح تساؤل ربما يكون خطير، هل هناك نية لدى البرهان لتوطين نازحين فلسطينيين في السودان لكسب رضى الإدارة الأمريكية؟ وهل يسعى البرهان لتحويل السودان إلى “أرض بديلة” للفلسطينيين في إطار مشاريع التهجير القسري بمباركة أمريكية؟ إن صمت عبد الفتاح البرهان عن مثل هذه التسريبات وعدم توضيح موقف السودان من القضية الفلسطينية، يفتح الباب أمام الشكوك والمخاوف ويضعه في خانة التواطؤ مع مخطط تهجير الفلسطينيين، وليس مجرد تحالف سياسي أو عسكري ضد “حميدتي”.

وهنا يبقى الأمل على الشعب السوداني الذي خرج في انتفاضات متتالية من أجل الكرامة والحرية والذي يرفض ان يكون مجرد ورقة تفاوض في أيدي البرهان الذي يسعى للبقاء في الحكم بأي ثمن، حتى ولو على حساب القضية الفلسطينية، التي كانت دومًا في وجدان وضمير الشعب السوداني المعروف  بتاريخه النضالي وموقفه العروبي الرافض أن يكون شريكا في طعن الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته العادلة ولن يسمح للبرهان أو لغيره بأن يزجوا السودان بمشاريع تطبيعية تعود عليه بمزيد من الانقسام الداخلي.

فالتطبيع لم ولن يكون طريقا للاستقرار، لا للسودان ولا لغيره من الأنظمة العربية والإسلامية ولن يكون التطبيع مع الاحتلال سبيلا لتحقيق السلام الشامل لا في فلسطين ولا في أي من الدول العربية، وأن الشعوب ولو غفلت فلن تنام لأنها شعوب مناضلة لا تنسى ولا تسامح كل من يحاول بيع فلسطين من خلال مخطط التهجير أو إعادة التوطين، وعلى قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان أن يستفيق قبل فوات الأوان، فإن طريق التطبيع مع إسرائيل لا يحمل للسودان سوى الخسارة والخذلان، ولن يوقف شلال الدم الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com