في دائرة  الضوء.. العنف ضد المرأة.. جلال نشوان

كعادتي أراجع الطبيب في احدي المستشفيات ، وقادني الحديث  مع الطبيب الرائع عن حرب الإبادة وتعقيدات المشهد السياسي،  و أثناء الحديث جاءت امرأة متزوجة وكانت حالتها سيئة حيث أصيبت بجروح قاسية ، وتبين فيما بعد أن زوجها  الكاسر  قد أوجعها ضرباً ، وقد  جاءت المسكينة للعلاج ….

أٌٌصبت بقشعريرة، جعلتني أشعر  بالاحباط وشعرت أن  المسيرة مازالت شاقة وصعبة، ارتعدت فرائصي وغادرت على الفور ورغم  هول هذا المشهد ،  اعتصرت ذاكرتي وحاولت أن أسبح بخيالي وتمنيت أن أكون قريباً من ذلك الوحش الآدمي لأذكره بقول الله تعالى  (  وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ  مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هواء )…

ورغم  حرب الإبادة التي يشنها النازيون الجدد ، تلك الخرب التي أحكمت قبضتها على حياتنا ، إلا  أن نسمات الليل الجميلة  تسللت إلى نفسي لتخفف  هول ما أصابني من إحباط ثقيل  هاجمني بقوة  وجعل جسدي المنهك يزداد ارهاقاً

السادة الافاضل:

وحوش آدمية هي من تتلذذ بالمعاناة والبطش  ومع الأسف  هناك من لا يقوم بالدفاع عن المعاني الانسانية بوقف الظلم بيده ان استطاع، أو بكلمة طيبة، او بأي وسيلة اخرى توقف ظلم الانسان لأسرته وبيته

سؤال  داهمني بعد  ذلك المشهد البشع  :

هل ما حدث هو حالة استثنائية ؟

من الإنصاف أقول إن مجتمعنا حقق إنجازات كبيرة على هذا الصعيد ، ورغم ذلك هناك وحوش آدمية  ارتضت أن تمارس الظلم وللأسف ما أكثر  تلك  الوحوش الآدمية في هذه الأيام فصور القتل الهمجي للنساء وممارسة العنف ضدهن  تملأ العالم  العربي

وفي الحقيقة:

يمثّل العنف ضد المرأة وخصوصاً عنف الزوج لزوجته مشكلة مستديمة وكبيرة من مشاكل الصحة العامة، وانتهاكاً لحقوقها وانسانيتها ، حيث تشير التقديرات العالمية المنشورة من منظمة الصحة العالمية  أن واحدة من كل 3 نساء (30%) في أنحاء العالم كافة تتعرض في حياتها للعنف البدني والجسدي

وتفيد  الإحصائيات العالمية أن ثلث النساء تقريباً (27%) اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة  يتعرضن لشكل معين من أشكال العنف البدني

وغني عن التعريف أن  العنف  يؤثر،سلبياً على صحة المرأة البدنية والنفسية والجنسية وصحتها الإنجابية، ويتسبب في زيادة خطورة الإصابة بالعديد من الأمراض

أيها السادة الأفاضل: 

رغم  حرب الإبادة ووحشية الاحتلال الذي لا زال يربض على أرضنا ويمعن في الاستيلاء على هذه الأرض بكل الوسائل غير الشرعية، إلا أن  المرأة الفلسطينية صنعت  أجيالاً  أدت  رسالة عظيمة في  فلسطين ولم يقتصر دورها بالوقوف عند تربية الأبناء بل كانت وفي حالات كثيرة المربية والمعيلة والموجهة للأسرة الوحيدة في كثير من الأسر الفلسطينية، فكم من العائلات ترأسها امرأة، وتعمل على الحفاظ على هذه الأسرة حتى يصل الأبناء إلى بر الأمان

أوقفوا العنف ضد النساء، فما أكرمهن الا كريم وما أهانهن الا لئيم

إن للأم في الشريعة الإسلامية مكانة عليا لا تضاهيها أي مكانة، فقد أمر الله تعالى بالإحسان إليها، وجعل ذلك مقروناً بأمر عظيم وهو التوحيد، قال تعالى (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) لذلك فقدرها مصان،  فهي إنسانة تُضحي وتربي، وتسهر على عيالها، وتحرم نفسها الخير كله وتهبُه لأبنائها، وعرفانا بكريم عطائها، فقد كرمتها السيرة النبوية كثيرا وأحاطتها بسياج من الرعاية والعناية، وأمر الرجال بحسن معاملتها سواءً كانت أمًا، أو أختًا، أو بنتاً، أو زوجة، وأكد على أن الرجل والمرأة سواء في الإنسانية، حيث أشار الله تعالى في القرآن الكريم إلى أن الرجل والمرأة خلقا من أصل واحد، ولما بُعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انكر العادات الجاهلية التي كانت تضهد المرأة وتظلمها، وأنزلها مكانة رفيعة تليق بها كأم وأخت وبنت وزوجة، وسَن للنساء الحقوق التي تكفل لهن الحياة الكريمة والاحترام والتقدير

 جاء الإسلام ورفع من شأنها وقدرها وجعل لها المقام الأول في البيت، فالمرأة مخلوقٌ لطيف، وحساس ، وذو قدرات محددة خلقها الله تعالى بكيفية معينة لتأدية بعض المهام التي تستطيع تحملها، وقد تكون المرأة ، أماً أو زوجة أو أختاً أو ابنة، وفي جميع حالتها يجب  مراعاتها واحترامها.

أتمنى من كل زوج ضاقت به الأرض بما رحبت أن يكون حنوناً، على  زوجته وأتمنى أن تكون الرسالة قد  وصلت…..

الكاتب الصحفى والمحلل السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com