نبض الحياة.. خلفيات الهجوم على ماكرون.. عمر حلمي الغول

في اعقاب زيارة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لمصر، والمشاركة في القمة الثلاثية التي جمعت قادة الدول الثلاثة: مصر والأردن وفرنسا في 7 نيسان / ابريل الماضي، صرح الرئيس الفرنسي بأن بلاده تنوي الاعتراف بالدولة الفلسطينية كتتويج للمؤتمر الدولي لدعم خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، الذي سيعقد في نيويورك، لا سيما وان المملكة السعودية وفرنسا هما نواة تأسيس المؤتمر، وسيعقد تحت قيادة الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي. وكان تشكيل المؤتمر خطوة هامة في الرد على الإبادة الجماعية الإسرائيلية.
كما أن ماكرون كتب على منصة “إكس” مؤكدا على جوهر الموقف الفرنسي من الإبادة الجماعية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني: اليكم موقف فرنسا، وهو واضح: نعم للسلام؛ نعم لأمن إسرائيل؛ نعم لدولة فلسطينية بدون حماس. وأضاف، وهذا يتطلب الافراج عن جميع الرهائن، ووقفا دائما لإطلاق النار، واستئنافا فوريا للمساعدات الإنسانية، والبحث عن حل سياسي على أساس الدولتين. وخلص الى أن “الطريق الوحيد الممكن هو الطريق السياسي.” وتابع “يجب ان يكون مؤتمر الدولتين في يونيو المقبل نقطة تحول، أبذل قصارى جهدي مع شركائنا لتحقيق هذا الهدف من أجل السلام، نحن في أَمس الحاجة إليه.”
هذا الموقف الفرنسي الإيجابي من حيث المبدأ، وفي حال تحقق فعليا في يونيو القادم، سيمثل نقطة تحول إضافية الى جانب الدول الأوروبية التي سبق وان اعترفت بالدولة الفلسطينية العام الماضي، وسيحفز العديد من الدول الأوروبية التي مازالت تراوح حتى اللحظة في مواقع الانتظار، لا سيما وان فرنسا تحتل موقعا ومركزا أوروبيا متقدما، وأحد أعمدة الاتحاد الأوروبي، فضلا عن انها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، لذا سيشكل اعترافها بالدولة الفلسطينية رافعة للقضية الفلسطينية ومصالح وحقوق الشعب الفلسطيني السياسية والقانونية، وهو بمثابة رد على خيار دولة الإبادة الجماعية الإسرائيلية العدمي والنازي، الهادف الى تبديد وتصفية القضية والكيانية الفلسطينية من حيث المبدأ عبر عملية التطهير العرقي الواسعة لأبناء الشعب في ارجاء حدود الدولة المحتلة في يونيو 1967.
موقف الرئيس ماكرون أثار غضب وسخط حكومة الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، وكانت أبرز ردود الفعل من بنيامين نتنياهو وابنه يائير، الذي تهجم على الرئيس الفرنسي، بالقول ” اذهب الى الجحيم!” مساء السبت 12 ابريل، في خروج عن اللياقة الديبلوماسية، وتجاوز حدود الأعراف البروتوكولية، وبدل أن يؤنبه والده، رئيس حكومة الإبادة الجماعية على الفلسطينيين، شَد على يده، وأفتخر بابنه، وكتب على منصة “إكس” أول أمس الاحد “أحب ابني يائير، فهو صهيوني حقيقي، يهتم بمستقبل الدولة، وكأي مواطن، أيضا له الحق في ابداء رأيه الشخصي،” وللتغطية على فجور ووقاحة ابنه أضاف “مع أن أسلوب رده على تغريدة الرئيس ماكرون الداعية الى إقامة دولة فلسطينية غير مقبول بالنسبة لي.” وتابع في منشورة كاتبا ” يخطأ الرئيس ماكرون خطأً فادحا بمواصلته الترويج لفكرة دولة فلسطينية في قلب بلادنا، طموحها الوحيد هو تدمير دولة إسرائيل. لن نُعرض وجودنا للخطر بسبب أوهام منفصلة عن الواقع، ولن نقبل مواعظ أخلاقية تُنادي بإقامة دولة فلسطينية، تُعرض وجود إسرائيل للخطر.”
ومن يقرأ ما دونه نتنياهو النازي والمرتزق، الآتي من بلاد الخزر الصهاينة، والذي يدعي كذبا وزورا وبهتانا، كما يدعي نظرائه في الائتلاف، بأن ارض فلسطين العربية، هي “بلادهم”، دون ان يرف له جفن، في قلب لحقائق التاريخ والوقائع والشواهد، التي تؤكد للقاصي والداني، ان فلسطين هي ارض الشعب العربي الفلسطيني، الذي قبل بخيار السلام، وقدم تنازلات هامة واستراتيجية من أجل إنقاذ شعوب المنطقة والعالم من دوامة الحروب والإرهاب والجريمة المنظمة والابادة الجماعية، وحقن الدماء، وصونا لحقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني. ليس هذا فحسب، بل يعمق عملية القلب للحقائق، باتهام الشعب الفلسطيني ودولته القائمة والموجودة والمحتلة من قبل جيشه العصابي والميليشاوي في اعقاب هزيمة يونيو 1967، بانها تهدد السلام، أنها خطر على “بلاده” اللقيطة، مع ان العالم في دول المعمورة كلها يعلمون علم اليقين، ان الشعب والقيادة الفلسطينية يعملون ليل نهار لبناء جسور السلام، واستقلال دولتهم على الحدود المذكورة انفا .
المهم ان غضب وسخط نتنياهو وابنه وساعر وسموتريش وبن غفير وباقي اركان جوقته النازية الإبادوية تعكس خيارهم في رفض السلام من حيث المبدأ، ورفض استقلال وسيادة الشعب الفلسطيني في دولته القائمة، ومواصلة الإبادة الجماعية في عموم الوطن الفلسطيني بأشكال وأساليب مختلفة، وتهديد السلم والأمن الإقليميين والدوليين، والتمرد ورفض القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والتخندق في الخنادق الامامية للحروب والإرهاب، وإدامة الموت والقتل والابادة والتجويع والتطهير العرقي للفلسطينيين، الامر الذي يتطلب من الدول التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية ان ترد على جرائم الحروب والابادة الإسرائيلية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفرض العقوبات الاقتصادية والتجارية والعسكرية عليها، كما ان الاتحاد الأوروبي عليه مسؤولية الغاء الاتفاقات المبرمة مع إسرائيل، أو على الأقل تخفيض مستوى العلاقة بين دول الاتحاد والدولة اللقيطة والخارجة على القانون، لإعادة الاعتبار لخيار السلام،
oalghoul@gmail.com