استشهاد الأسير مصعب عديلي: يكشف منظومة الإعدام البطيء للأسرى في سجون الاحتلال

رام الله- البيادر السياسي:ـ  أعرب مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” عن إدانته واستنكاره وألمه  لاستشهاد الأسير مصعب حسن عديلي (20 عاماً) من قرية أوصرين بمحافظة نابلس، والذي استشهد في مستشفى “سوروكا” مساء يوم أمس، علماً أنه كان من المقرر الإفراج عنه بعد ثلاثة أيام فقط. وقال المركز إن استشهاد الأسير عديلي يبرز بوضوح سياسة القتل البطيء والإهمال الطبي المتعمد التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق الأسرى المرضى في سجونها، وكان الأسير الشهيد معتقلاً منذ تاريخ 22 آذار 2023، وقد أعلنت سلطات الاحتلال عن استشهاده صباح 17 نيسان 2025، فيما يؤكد مركز “شمس” أن هذه الجريمة تُضاف إلى سجلٍ طويل من الانتهاكات المستمرة بحق الحركة الأسيرة.
وقال مركز “شمس” إنه باستشهاد عديلي، يرتفع عدد الشهداء من الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى (66) شهيداً، ممن تم توثيق استشهادهم، من بينهم على الأقل (42) شهيداً من قطاع غزة. ويُعد هذا الرقم هو الأعلى في تاريخ الحركة الأسيرة، ما يجعل المرحلة الراهنة الأكثر دموية منذ العام 1967.
كما يرتفع بذلك عدد شهداء الحركة الأسيرة المعروفة هوياتهم منذ العام 1967 إلى (303) شهيداً، مع وجود عشرات المعتقلين من غزة الذين ما زالوا رهن الإخفاء القسري . في السياق ذاته، يرتفع عدد الشهداء الأسرى المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال إلى (75) شهيداً، من بينهم (64) شهيداً منذ بدء العدوان الأخير في 7/10/2023.
وقال مركز “شمس” إن عمليات الإعدام المنظمة بحق الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وفق سياسة منظمة وممنهجة هادفة إلى تصفية الأسرى والمعتقلين في مراكز التوقيف والاحتجاز من خلال استخدام أساليب القمع الوحشية التي تؤدي بهم إلى الموت سواء من خلال التعذيب الجسدي بكافة أشكاله، والتجويع، والعزل الانفرادي، والتنكيل بهم في أقبية التحقيق وزنازين القهر أو من خلال الإهمال الطبي للنيل من عزيمتهم وإيصال رسالة لكل أسير فلسطيني ولكل مواطن أن ما ينتظر الفلسطيني هو الموت والقتل، والضغط على الفلسطينيين للتهجير من أرضهم ووطنهم.
وجدد مركز “شمس” دعوته للمجتمع الدولي وللمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى التدخل العاجل للضغط على سلطات الاحتلال من أجل إنهاء سياسة الإهمال الطبي، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وضمان حماية الأسرى وفقاً لما تكفله القوانين الدولية واتفاقيات جنيف. وحذر مركز “شمس” من تصاعد وتيرة إعدام الأسرى في سجون الاحتلال والناتجة عن سياسات الاحتلال بحقهم في ظل انشغال العالم بحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، ووسط صمت دوليّ، وعجز كما هو الحال أمام استمرار الإبادة.
وشدد مركز “شمس” على أن استمرار تلك الجرائم هو تجلي واضح لسياسة الإفلات من العقاب التي تمتع بها الاحتلال ونتيجة للغطاء السياسي والقانون الذي توفره الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرها من الدول للاحتلال في المؤسسات الدولية وعلى رأسها مؤسسات الأمم المتحدة، والضغوط التي تقوم بممارستها على المحكمة الجنائية الدولية لإعاقة سير التحقيقات في جرائم الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يكشف عن سياسة المعايير المزدوجة التي تتعامل بها تلك الدول مع حقوق الإنسان والقانون الدولي والتي لطالما تباهت تلك الدول بأنها تحمي حقوق الإنسان وتعمل على نشرها في العالم .
وقال مركز “شمس” إن جريمة إعدام الأسير مصعب حسن عديلي في سجون الاحتلال الإسرائيلي تُشكّل انتهاكاً جسيماً ومباشراً لكل من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتحديداً اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949، التي تنظم حماية الأسرى أثناء النزاعات المسلحة. ويُشير المركز إلى أن ما تعرض له الأسير الشهيد عديلي يخرق بوضوح المادة (13) من اتفاقية جنيف الثالثة، التي تُلزم الدولة الحاجزة بمعاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات، وتحظر أي فعل أو إهمال يؤدي إلى موت الأسير أو إيذائه جسدياً أو نفسياً، كما تمنع تماماً أعمال العنف والتهديد والاقتصاص ضد الأسرى.
وقال مركز “شمس” إن هذه الجريمة تُعد خرقًا فاضحًا للمادة (15) من نفس الاتفاقية، والتي تُلزم الدولة الحاجزة بتقديم الرعاية الطبية اللازمة للأسرى مجانًا، وبما يتناسب مع احتياجاتهم الصحية. غير أن سلطات الاحتلال، ومن خلال سياسات الإهمال الطبي الممنهج، ترتكب ما يمكن وصفه بجرائم القتل البطيء بحق المعتقلين. إضافة إلى ذلك، فإن استمرار احتجاز جثامين الشهداء الأسرى وحرمان ذويهم من وداعهم ودفنهم وفق الشعائر الدينية يُمثل انتهاكاً خطيراً لاتفاقية روما لسنة 1998 الخاصة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، والتي صنّفت الاختفاء القسري كجريمة ضد الإنسانية في المادة (7) منها. كما يُعد ذلك انتهاكًا واضحًا للقاعدة رقم   (117)   من قواعد القانون الدولي العرفي الصادرة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتي تلزم أطراف النزاع ببذل كل الجهود الممكنة للكشف عن مصير الأشخاص المفقودين أثناء النزاعات المسلحة، وتزويد ذويهم بالمعلومات اللازمة، سواء في النزاعات الدولية أو غير الدولية.
وأكد مركز “شمس” أن هذه الجريمة ليست حادثاً معزولاً، بل تأتي ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تُمارَس بشكل ممنهج ضد الأسرى والمعتقلين، ما يُشكّل سياسة ثابتة ومقصودة تستهدف حقهم في الحياة والرعاية والحماية القانونية. إن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم يُشجع الاحتلال على التمادي في انتهاكاته، ويضع علامات استفهام كبيرة حول جدية المنظومة الدولية في تطبيق القانون الدولي على أرض الواقع. كما ويجدد مطالبته بتشكيل لجان تحقيق دولية، ومحاسبة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية، واتخاذ خطوات فورية وفعالة (لوقف جرائم القتل والإهمال الطبي والاختفاء القسري بحق الأسرى الفلسطينيين).
وطالب مركز “شمس” مجلس الأمن الدولي والأطراف السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف، والصليب الأحمر الدولي، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ومنظمة الصحة العالمية، ومجلس حقوق الإنسان،  والمؤسسات الحكومية والغير حكومية، بضرورة التحرك العاجل والقيام بواجباتها القانونية والإنسانية وإجبار حكومة الاحتلال الإسرائيلي وقف سياسة الإعدام والتعذيب بحق الأسرى الفلسطينيين وتوفير الرعاية الطبية اللازمة لهم والاعتراف بهم كأسرى حرب تنطبق عليهم قواعد القانون الإنساني الدولي.
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com