دور الشباب في مواجهة الرواية الإسرائيلية المتطرفة.. الإعلامي/ خالد جودة

في ظل المعاناة والخسائر التي تسببت بها حرب الابادة الجماعية على غزة واستمرار العدوان والتوسع الاستيطاني في الضفة ، تتجلى الحاجة الملحة إلى رؤية مستقبلية تُرسِّخ الأمل وتفتح أفق الإبداع أمام الأجيال الشابة، بالتوازي مع تكثيف الجهود لمواجهة الرواية الإسرائيلية المتطرفة التي تسعى إلى تزييف الحقائق وسلب الفلسطينيين حقهم في الحرية والكرامة.

إن بناء مستقبل واعد للأجيال القادمة ينبغي أن يكون حجر الأساس في المشروع الوطني الفلسطيني، حيث تتداخل عناصره في منظومة متكاملة تُعزز التعليم، الاقتصاد، الهوية الوطنية، والتواصل الدولي.

الاستثمار في التعليم النوعي ضرورة لا بد منها، فهو النواة التي تنطلق منها النهضة الفكرية والتكنولوجية، وهو السبيل إلى صناعة جيل قادر على التفكير النقدي والإبداع، متسلحًا بالمعرفة، وقادرًا على مواجهة التحديات التي تفرضها الظروف القاسية. إلى جانب ذلك، فإن التمكين الاقتصادي لا يقل أهمية، إذ يشكل صمام الأمان الذي يتيح للشباب فرص عمل حقيقية وبرامج تدريبية تُسهم في بناء مجتمع منتج، يُحافظ على طاقاته ولا يدفعها للهجرة بحثًا عن حياة كريمة.

أما تعزيز الهوية الوطنية ، فهو عنصر جوهري يُرسِّخ الانتماء والوعي لدى الأجيال الناشئة، ويُشكِّل جدارًا أمام محاولات تغييب الرواية الفلسطينية في مقابل الدعاية الإسرائيلية المضللة. ومن هنا تأتي أهمية التواصل الدولي الذي يفتح أبواب الحوار وتبادل الأفكار، ويسمح للعالم برؤية الطاقات الفلسطينية المبدعة بعيدًا عن التشويه الإعلامي الذي يُمارَس بحقها.

وفي ظل هذه الاستراتيجيات، يبرز السؤال الجوهري حول كيفية مواجهة الرواية الإسرائيلية المتطرفة، تلك الرواية التي تسعى إلى تشويه صورة الفلسطينيين، وربط نضالهم المشروع بالإرهاب، بينما يُطالب الفلسطينيون – منذ عقود – بالسلام العادل القائم على الحقوق المشروعة.

لذلك، ينبغي التركيز على دور الإعلام الدولي في نقل الصورة الحقيقية للمعاناة الفلسطينية، فهو الأداة الفعالة في التأثير على الرأي العام العالمي، من خلال تسليط الضوء على القصص الإنسانية التي تُجسد المأساة بشكل غير قابل للإنكار. إلى جانب ذلك، يُشكِّل التوثيق محورًا جوهريًا، حيث يتطلب الأمر جمع الأدلة والشهادات حول الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية، ونشرها عبر منصات موثوقة بهدف استخدامها في المحافل القانونية والدبلوماسية.

ولا يمكن فصل هذه الجهود عن الدبلوماسية الشعبية التي تُتيح للشباب فرصة المشاركة في حملات دولية تُظهر الجانب الإنساني للقضية الفلسطينية، وتُبرز حقهم المشروع في الحرية والكرامة، وتعزز التعاون مع منظمات حقوق الإنسان لتوسيع نطاق الرواية الفلسطينية وإيصالها إلى العالم.

إن الحديث عن الرواية الفلسطينية لا يكتمل دون تسليط الضوء على الأبعاد الإنسانية لمعاناة الفلسطينيين، وهو أمر يستدعي توظيف الأدوات الثقافية والفنية في نقل الواقع بطرق مؤثرة، عبر الفن والأدب والسينما والموسيقى ، التي تُجسِّد حياة الفلسطينيين في ظل الاحتلال والحصار، مما يُحدث تأثيرًا عالميًا يتجاوز الحدود السياسية والجغرافية.

لقد شهد العالم خلال الحرب الأخيرة على غزة موجة تضامن واسعة، ظهرت في فعاليات وقروبات على مستوى العالم، مما يؤكد أن الشق الإنساني للقضية الفلسطينية قادر على حشد الدعم الدولي. لذا، يجب توفير المواد والتقارير الأولية الدائمة والمستمرة لهذه الجهات، حتى يتمكنوا من نقل المأساة الفلسطينية بكل تفاصيلها، سواء فيما يتعلق بالنازحين، قصف المستشفيات، أو تدمير البنية التحتية.

ولا يُمكن فصل هذه الجهود عن الهدف الأسمى، وهو وقف حرب الإبادة في غزة ، عبر خطوات ملموسة تشمل الضغط الدولي، وتعزيز الوحدة الوطنية، وإطلاق المبادرات الإنسانية التي تدعم سكان القطاع.

إن التماسك الفلسطيني الداخلي يُشكل أحد أهم الأعمدة في مواجهة التحديات، لذا ينبغي دعم وحدة الصف الوطني، وتوجيه الجهود نحو تحقيق العدالة الإنسانية، بدلًا من ترك الفلسطينيين يواجهون التهجير والحرمان بمفردهم.

كل هذه العوامل تُجسد رؤية متكاملة لبناء مستقبل واعد، يحفظ للأجيال القادمة حقها في الإبداع والعيش بكرامة، ويُعزز الرواية الفلسطينية في وجه التضليل الإعلامي، مع استمرار الجهود لصياغة أفكار خلاقة قادرة على إحداث اختراق حقيقي على كافة المستويات.

لإضافة جزئية تدعم جهود السلام في هذا المقال، يمكن إدراج فقرة تؤكد أهمية الحل السلمي والتفاوضي، مع التشديد على ضرورة العمل الدولي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وإرساء أسس السلام العادل والدائم.

في ظل كل هذه التحديات، يبقى السلام العادل هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار وضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة. إن دعم الجهود الرامية إلى إنهاء الاحتلال عبر الحلول الدبلوماسية المستندة إلى القانون الدولي، وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، هو جزء جوهري من النضال الفلسطيني. لقد أثبت التاريخ أن السلام لا يمكن أن يُبنى على القهر والتهميش، بل يتطلب إرادة سياسية حقيقية والتزامًا دوليًا لحماية حقوق الإنسان وضمان العدالة.

لذلك، ينبغي العمل على تعزيز المبادرات التي تدفع باتجاه مفاوضات عادلة، وتفعيل دور المجتمع الدولي في الضغط لوقف الاعتداءات، وتثبيت أسس الحل المستدام. إن دعم الأصوات الفلسطينية التي تنادي بالسلام ورفع الظلم يُعتبر واجبًا إنسانيًا وأخلاقيًا، ويجب أن يكون جزءًا من الحراك الدولي لضمان مستقبل يُتيح للأجيال الشابة فرصة للعيش بحرية وكرامة بعيدًا عن القهر والحرمان.

نحن، كفلسطينيين، نؤمن بأن العدالة لا تُمنح، بل تُنتزع بالحق، وأن القضية الفلسطينية ستبقى حية ما دام هناك من يحمل راية الإنسانية ويدافع عن صوت المظلومين. ✍️

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com