نبض الحياة.. نتنياهو بق البحصة.. عمر حلمي الغول

أكدت وغيري من كتاب الرأي والنخب السياسية والإعلامية والأكاديمية، أن الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية كانت أحد الأهداف الاستراتيجية في روزنامة قادة إسرائيل عموما، واقطاب اليمين المتطرف وقوى الصهيونية الدينية، وكانت معدة سابقا بانتظار اللحظة المناسبة للشروع بها، أي ان عملية التنفيذ لها، لم تكن مرتبطة بما حدث في 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، وإن كان طوفان الأقصى قدم الذريعة الشكلية لتنفيذ المخطط الصهيوني القديم الجديد. ومن يعود لتاريخ الحركة الصهيونية وشعارها الناظم القائل “أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض”، وسلسلة المجازر والحروب على مدار عقود الصراع الطويلة، لاحظ ان حكومات دولة إسرائيل اللقيطة والمارقة المتعاقبة بكل تلاوينها، والأحزاب التي شكلتها، جميعها كانت تنفذ مخطط الدولة العميقة، الهادف لشطب القضية الفلسطينية، ونفي الشعب العربي الفلسطيني من ارض وطنه، وتحقيق عملية التطهير العرقي والتهجير القسري الواسعة والشاملة لكل تجمعات وأبناء الشعب الفلسطيني.
ومن هنا جاء الرفض المطلق لاتفاقية أوسلو على هشاشتها، وكم المثالب والنواقص التي حملتها، واعتبرها أنصار اليمين المتطرف تراجع وانكفاء على المخطط الصهيو أميركي، ولهذا تم التحريض على رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين واغتياله باكرا في 4 تشرين ثاني / نوفمبر 1995، كونه من وجهة نظرهم حرف بوصلة المشروع الصهيوني الكولونيالي الاجلائي الاحلالي، ودفع العربة الإسرائيلية للخلف، وبالتالي كان القرار بالتخلص منه، ومن خياره.
ومع تولي بنيامين نتنياهو اول حكومة في عام 1996، أعلن صراحة ودون مواربة، انه قادم لدفن اتفاقيات أوسلو، وهذا ما فعله طيلة توليه مهام الحكم في حكوماته الست، وصوب دفة المشروع الصهيوني وفق المخطط الاستراتيجي، ولم تكن المخططات الإسرائيلية منفصلة عن التنسيق الدائم مع الإدارات الأميركية المتعاقبة لتنفيذ المشروع الاستعماري. لأن الثابت في السياسة الأميركية بقاء وتوسع وتعمق الدور الوظيفي للدولة الإسرائيلية اللقيطة، رغم ان الإدارات المتعاقبة منذ ما بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو 1993 كانت تتحدث وتؤكد بالشكل على تمسكها بخيار حل الدولتين، ولكن بالممارسة العملية عطلت على مدار العقود الثلاثة الماضية تحقيق خطوة عملية جدية واحدة على طريق التسوية السياسية المرتكزة على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وبالتالي لم تكن الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية وليدة ردة فعل آنية، انما هي جزء لا يتجزأ من المخطط الاستراتيجي لتسيد إسرائيل على الوطن العربي خصوصا وإقليم الشرق الأوسط عموما.
ولهذا طرح منذ أواسط سبعينيات القرن الماضي هدف إعادة فك وتركيب الدولة الوطنية، ودول العالم العربي الى دويلات دينية وطائفية واثنية، وهذا ما طرحه هنري كيسنجر في العام 1975 عندما كان وزيرا لخارجية الولايات المتحدة الأميركية، وبدأ المخطط بإشعال فتيل الحرب الاهلية في لبنان، لتحقيق هدفين بحجر واحد، الأول تفتيت لبنان الى دويلات متنافرة، والثاني القضاء على الثورة الفلسطينية، وتصفية المشروع الوطني قبل تطوره، وسعوا لتجسده في اجتياح يونيو 1982 للبنان بما في ذلك العاصمة بيروت، والذي باء بالفشل. وسبق ذلك التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد 1979، وتلاها حرب الخليج الأولى 1980، ثم حرب الخليج الثانية 1990/1991 وامتدادها 2003 على العراق، التي حملت في ثناياها اخطارا وانقلابا حقيقيا على الواقع العربي، وقصمت ظهر التلاحم والتكافل العربي، ثم فتحت بوابة ما سمي “الربيع العربي” وتداعياته الخطيرة. كل ذلك لم يكن وليد الصدفة، او ردة فعل على هذا الحدث او ذاك، وانما تم استنادا الى خطط معدة مسبقا في ادراج الدولة العميقة الأميركية والدولة الإسرائيلية اللقيطة النازية.
وبالعودة للإبادة الجماعية الإسرائيلية، وعدم ارتباطها بما حدث في 7 أكتوبر 2023، كشفت صحيفة “هآرتس” أمس السبت 10 أيار / ماي الحالي، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو في لحظة توتر وغضب مع مجموعة من ضباط الاحتياط الإسرائيليين، عندما اتهموه بأنه يقود حربا “بلا هدف استراتيجي، وتخدم مصالحه الشخصية والسياسية على حساب حياة الاسرى الإسرائيليين في غزة،” أقر حينئذ، بأن الحرب على غزة ليست مجرد رد فعل على ما وصفه ب “الإرهاب” الفلسطيني، بل تمثل فرصة تاريخية لتنفيذ مخطط يهدف الى تهجير سكان قطاع غزة. وأكد “نحن ندمر غزة بالكامل… لا يجب أن يبقى لهم مكان يعودون اليه.. يجب ان يرحلوا.”
وفي سياق متصل، كشف بروتوكول صادر عن لجنة الخارجية والامن في الكنيست وفق “هآرتس”، أن نوابا من اليمين الحاكم برروا سياسة الحصار والتجويع المفروضة على سكان غزة، بما في ذلك منع دخول الأدوية، كجزء من سياسة ممنهجة تجاه القطاع.

لذا علينا ان ننتبه جيدا ونحن نتحدث عن الإبادة الجماعية، وبغض النظر عن تقييمنا لجماعة الاخوان المسلمين (حركة حماس) والذرائع التي يقدمونها من حيث يدرون او لا يدرون، والتي عجلت في تنفيذ المخطط الصهيو أميركي، والتركيز على الخطر النازي الإسرائيلي، ووضع السيناريوهات المضادة لإفشاله، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني من خلال ووقف الإبادة الجماعية، وإدخال المساعدات الإنسانية كافة، وإعادة ترتيب شؤون البيت الفلسطيني، وتفعيل دور منظمة التحرير وهيئاتها القيادية وخاصة اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com