نبض الحياة.. تفعيل دور المجلس المركزي.. عمر حلمي الغول

دائما وابداً نتحدث في الجلسات الخاصة والعامة، وعبر المنابر الإعلامية وفي الورش والندوات السياسية عن ضرورة تفعيل دور هيئات ودوائر ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتطوير أدائها، وإصلاح لوائحها وانظمتها ومؤسساتها التي هرمت وشاخت، أو تقادمت وباتت عوامل كبح وعرقلة في استنهاض هياكل وهيئات منظمة التحرير وخاصة المجلسين الوطني والمركزي، وكذا استعادة اللجنة التنفيذية مكانتها ودورها وهيبتها الوطنية كقيادة يومية مركزية للشعب العربي الفلسطيني. ولكن في الدورات المختلفة وخاصة الدورة 32 ونتيجة عوامل ذاتية وموضوعية، ورغم اتخاذ سلسلة هامة من القرارات في الدورات المتعاقبة، الا ان غياب المتابعة، او لأكن دقيقا عدم ادراج بنود تتعلق بمراجعة تنفيذ القرارات السابقة، والقفز عن التقارير المطلوبة من أعضاء اللجنة التنفيذية، باستثناء د احمد أبو هولي، رئيس دائرة اللاجئين، ورئيس الوزراء د محمد مصطفى، والمناضل عدنان الحسيني، رئيس دائرة القدس اللذين قدما مداخلات موجزة ومكثفة، لا تفي بالمطلوب. أما تقرير الأخ الرئيس أبو مازن في الدورة الأخيرة ال32 على أهميته، كونه استعرض التطورات السياسية في الآونة الأخيرة على مدى ساعة ونصف الساعة، لكن التقرير لم يتعرض للفترة الفاصلة بين الدورتين الأخيرتين، كما ان كلمة رئيس المجلس الوطني لم تشر للعوامل التي لم تسمح بعقد دورات المجلس المركزي خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأيضا لم تتوقف أمام قرارات الدورات السابقة، ذات الأهمية الاستراتيجية، التي تم اعتمادها ما بين الدورة ال 27 والدورة ال 31،
ولحصر الحديث حول رسالة المقال الأساسية، اود التأكيد انه جرى الحديث مرات عدة في هيئات ودورات المجلسين الوطني والمركزي عن ضرورة تفعيل دور المجلس المركزي ليحل مؤقتا مكان الغرفة الصغرى (المجلس التشريعي) المنحل في اعقاب انقلاب حركة حماس على الشرعية الوطنية أواسط عام 2007، كون المجلس الوطني هو الغرفة الكبرى، وأعلى سلطة تشريعية في تمثيل الشعب العربي الفلسطيني في الوطن والشتات في مختلف المحافل العربية والدولية، وبما أن المجلس الوطني يضم عددا يفوق ال760 عضوا في الوطن والشتات والمهاجر، ويصعب في الظروف الفلسطينية المعقدة جمعه تحت نير الاستعمار الإسرائيلي بشكل دوري في دورات متعاقبة كل شهر، او كلما استعدت الضرورة لتولي مهام التشريع، وبحكم انه فوض المجلس المركزي بالإنابة عنه في عملية التشريع في الغرفتين الصغرى والكبرى، وهذا ما كرسته الدورة ال31 للمجلس المركزي المنعقدة ما بين 6 و8 شباط / فبراير 2022 في قرارها في النقطة الرابعة، المتعلقة بالمستوى الوطني، وفي البند (13) الذي نص على الاتي: “قرر المجلس المركزي ضرورة ممارسة صلاحياته الدستورية وولايته الرقابية على الجهات التنفيذية في المنظمة وأجهزتها ومؤسساتها، وعلى السلطة الوطنية الفلسطينية، وعمل الاتحادات والنقابات والجمعيات وفق القوانين التي تنظم عملها.”
وعندما بادر رئيس المجلس الوطني وهيئة مكتب المجلس لترجمة القرار على الأرض، اعترضته عقبة الحكومة السابقة، التي اعتبرت تولي المجلس المركزي للمنظمة دور التشريع والرقابة، سيشكل عقبة كأداء امام حرية عملها، وتضييق الخناق على قدرتها في سن القوانين من قبلها ووفق رغباتها. وهذا أمر طبيعي من وجهة نظرها، لأن السلطة التنفيذية الممثلة بالحكومة تريد ان تبقى طليقة اليد في اشتقاق ما تراه مناسبا لآليات عملها، وتخشى دور السلطة التشريعية.
بيد ان رفض السلطة التنفيذية الرقابة من المجلس المركزي يتعارض مع مبدأ فصل السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويدخل الواقع الفلسطيني داخل أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة في حالة ركود، وفي ذات الوقت، يعطل دور السلطة التشريعية في الرقابة والمحاسبة والتشريع، ويطلق يد السلطة التنفيذية في استباحة مبدأ فصل السلطات، وأيضا يثقل على دور رئيس الدولة بإصدار المراسيم المقدمة له من قبل الحكومات المتعاقبة، ويحمله ما هو فوق طاقته. في الوقت الذي فيه سلطة تشريعية، هي الأعلى وطنيا، والمفترض انها المؤهلة للعب دورها في حماية المصالح الوطنية العليا من خلال تعزيز وترسيخ مبدأ فصل السلطات.
وكان الواجب الوطني يحتم على رئيس البلاد واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئاسة المجلس الوطني منذ اللحظة الأولى لحل المجلس التشريعي في الوطن للأسباب المعروفة، إحالة التشريع للمجلس الوطني والمجلس المركزي لإيجاد صيغة لتفعيل السلطة التشريعية العليا والأولى. كونها هي الهيئة التشريعية الأولى للشعب الفلسطيني في كافة تجمعاته، وكان عليها أن تملأ الفراغ فورا دون الانتظار، لكن الحكومات المتعاقبة كانت غير معنية بوجود سلطة تشريعية، مما سمح لها بسن القوانين دون أي عملية رقابة أو محاسبة على أدائها وبرامج عملها، وعلى تشكيلاتها. وهو ما عطل دور السلطة التشريعية.
وعليه على رئيس المجلس الوطني وهيئة المكتب تنفيذ القرار الذي تبناه المجلس المركزي في الدورة 31 فورا ودون تردد او انتظار، والمساهمة بالدور المنوط به كأعلى سلطة تشريعية. ومؤكد ان ذلك يعزز دور المجلس المركزي ولا ينتقص منه، في حال تولى التشريع بديلا للغرفة المصغرة المنحلة (المجلس التشريعي)، الى ان تعود الأمور الى نصابها ويتم انتخابات تشريعية داخل الوطن، عندئذ تعود الأمور الى سابق عهدها، والى ذلك الحين لا بد من تولي المجلس المركزي مهامه التشريعية فورا في المرحلة الانتقالية والمؤقتة التي تعيشها البلاد والشعب. فهل نحن فاعلون وملتزمون بتنفيذ أحد القرارات الهامة لحماية السلطة التشريعية؟
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com