زيارة ترامب والخنوع الرسمي والشعبي العربي.. د/ كاظم ناصر

اختتم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة 16/5/ 2025 جولته الخليجية التي تعد الأولى خلال ولايته الثانية، والتي استمرت أربعة أيام وشملت كلا من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، وأسفرت عن اتفاقات اقتصادية وعسكرية ضخمة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الدول؛ ولهذا أعرب ترامب عن سروره البالغ بنتائج جولته، وأكد أنها أسقرت عن تحقيق ” تريليونات الدولارات ” لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
ترامب استقبل بحفاوة بالغة غير مسبوقة في الرياض والدوحة وأبو ظبي، ونجح في ابتزاز دول الخليج بحصوله على أربع تريليونات دولار ستمكن إدارته من إيجاد مليوني وظيفة للأمريكيين وتخفيض العجز في ميزانية بلاده، وتعزيز شعبيته التي تراجعت في الداخل الأمريكي خلال الأشهر الأربعة الماضية، وعقد اجتماع قمة مع قادة مجلس التعاون الخليجي لتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري مع دولهم والضغط على السعودية والكويت وعمان للتطبيع مع دولة الاحتلال، وأسفرت عن تطور هام في علاقات بلاده مع سوريا برفع العقوبات عنها كمكافئة لها على قيامها بتفكيك الجيش السوري والضغط عليها لإخراج المقاتلين الأجانب وترحيل الفصائل الفلسطينية المسلحة والتطبيع مع إسرائيل، واسست لتحالفات وقيام استراتيجيات جديدة لتغيير الشرق الأوسط وبسط الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية عليه من خلال تطويق وإضعاف حواضن المقاومة الشعبية، وتصفية المقاومة الفلسطينية واللبنانية واليمنية، والضغط عل إيران ومنعها من تطوير سلاح نووي.
فما الذي حصل عليه الفلسطينيون من هذه الزيارة؟ وما هي دلالاتها وتداعياتها المستقبلية على القضية الفلسطينية والدول العربية؟ لم يقدم ترامب أي بارقة أمل للفلسطينيين؛ فخلافا لما روجت له بعض وسائل الاعلام العربية، خاصة الخليجية، من أوهام قبل بدء زيارته عن نيته الاعتراف بفلسطين، فإنه لم يتفوه بكلمة واحدة عن حل الدولتين التي كانت تردده الإدارات الأمريكية السابقة، وتمسك بموقف الولايات المتحدة الأمريكية المعادي لكل ما هو فلسطيني وعربي، وتجاهل المجازر التي تقوم بها إسرائيل في غزة والتي أدت إلى قتل مئات الفلسطينيين بينما كان يعقد الصفقات مع قادة دول الخليج ويبتزهم بطريقة مشينة سيسجلها التاريخ كدليل واضح لا لبس فيه على غباء وانهزام حكامنا وخذلان شعوبنا.
الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة إدارة ترامب، لا تخفي نواياها العدائية للعالم العربي واستغلالها لمقدراته وهيمنتها على قراراته السياسية، وتخطط وتعمل لإضعافه وشرذمته خدمة لمصالحها وتماشيا مع المخططات الصهيونية التوسعية؛ ونقولها بكل أسف إن ذلك يحدث بينما الشعوب العربية مغيبة خانعة مستسلمة لإرادة حكام متسلطين انهزاميين فاسدين فاشلين يقودونها إلى الهاوية ويتصورون بأن الولايات المتحدة حليفتهم، ويتجاهلون الحقيقة التي أثبتتها التطورات التاريخية وهي أن أمريكا لا أصدقاء دائمين لها، وإنها تخلت عن أهم اصدقائها وحلفائها، وستفعل نفس الشيء مع الحكام العرب الذين يعولون عليها لحمايتهم عندما ينتهي دورهم وتتطلب مصالحها ومصالح إسرائيل التخلص منهم ومن أنظمتهم!
كاتب فلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com