نبض الحياة.. ممداني يؤرق ترمب.. عمر حلمي الغول

قبل عام جلس زهران ممداني (33 عاما) الأميركي من أصول هندية، في مقهى متواضع في كوينز، يحتسي كوبا من الشاي لوضع خطته الانتخابية لرئاسة عمدة مدينة نيويورك، وكان مغمورا لا يعرفه الكثير من سكان المدينة، لكنه طموحا ومسكونا بحب الشعب وخاصة الطبقات الفقيرة والمسحوقة، شجاع ولا يخشى التعبير عن مواقفه الداخلية او الخارجية. كونه ذات خلفية اشتراكية، وهو عضو في الحزب الديمقراطي والديمقراطيين الاشتراكيين في اميركا، ويمثل الدائرة ال36 في جمعية ولاية نيويورك عن منطقة كوينز، منذ عام 2021، بيد انه بات المرشح الديمقراطي المفترض لمنصب عمدة مدينة نيويورك في انتخابات تشرين ثاني / نوفمبر 2025. وهو من اسرة ذات ميول اشتراكية، تربى في كنفها على حب الناس والقانون وحقوق الانسان، وتعمقت مثله الاشتراكية من خلال انتمائه السياسي للقوى المذكورة انفا.
هذا الشاب الواعد انطلق كالسهم في صعوده السريع من نائب في الجمعية التشريعية، الى مرشح محتمل لمنصب عمدة لواحدة من اهم المدن الأميركية، متبنيا رسالة واضحة ركزت على معالجة أزمة غلاء المعيشة. وكانت شعارات حملته الانتخابية تتركز على: تأمين النقل المجاني للمواطنين في الحافلات، وتجميد الإيجارات، وتوفير رعاية الأطفال مجانا، وهي رؤية “شعبوية” مثلت العمود الفقري للحملة، مما أتاح له استقطاب واجتذاب حماس الشباب، بفضل المزج الإبداعي والبراعة والقدرة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
فضلا عن محاكاته سكان احياء المدينة من مختلف الاثنيات والانتماءات، وخاصة أنصار الرئيس دونالد ترمب، الذين وعدهم بحل أزمة الغلاء، لكنه لم يفعل لهم شيئا، وهذا ما ذكره ممداني في اول مقابلة له بعد الانتخابات التمهيدية مع صحيفة “نيويورك تايمز” يوم الجمعة 27 حزيران / يونيو الماضي، أن ترمب وعد بمعالجة أزمة الغلاء، الا ان الرئيس ال 47 لم يبد أي رغبة حقيقية في حلها. وأشار ممداني الى ان الفرق بينه وبين ترمب ” أن ترمب يستغل هذا الشعور (بأزمة الغلاء) دون أي نية لمعالجته، بينما نحن نلتزم بمواجهته فعلا.” وكان ذلك كافيا لإقناع العديد من الناخبين، لأن الناخبين استشعروا مصداقية ما طرحه المرشح الديمقراطي الاوفر حظا في تولي منصب عمدة المدينة. ونجح ممداني في بناء تحالف واسع مخترقا الحواجز العرقية والاقتصادية والدينية في مختلف أنحاء مدينة نيويورك، مكنه من إزاحة الحاكم السابق أندرو كومو، وممهدا الطريق أمامه ليكون المرشح الديمقراطي الأساس في الانتخابات القادمة في نوفمبر.
وقال ممداني في مقابلته “لقد حققنا انتصارا مع مجتمعات الطبقة العاملة من مختلف الخلفيات، سواء كانوا من الاسيويين او اللاتينيين أو السود أو البيض، في أحياء مثل كينسينجتون وفلاشينج والمهورست وجامايكا هيلز وجاكسون هانتس وتشاينا تاون وسنست بارك.” وأضاف “لم أكن مستعدا مطلقا لهذا الحجم من الدعم الذي تلقيناه.” وأضاف ان فوزه يعكس “حالة من النهم السياسي عبر مدينة نيويورك، في الاحياء التقدمية وغير التقدمية على حد سواء، نحو نوع مختلف من السياسة، وجيل جديد من القيادة، وديمقراطية يرى فيها سكان نيويورك أنفسهم وهموهم ونضالاتهم.”
وبحسب الصحيفة، فإن الحملة غير التقليدية التي قادها ممداني، الساعي لأن يكون أول عمدة اشتراكي ديمقراطي للمدينة، بدأت بشكل لافت حين قرر تبني نهج غير متوقع، يتمثل في استكشاف المناطق التي صوتت لترمب لفهم دوافع سكانها، وكانت الإجابة واضحة وهي “أزمة القدرة على تحمل تكاليف المعيشة”.
ولم يقف ترمب مكتوف اليدين، إذ وصف ممداني عبر منصة “تروث سوشيال” بأنه “شيوعي مجنون”، محذرا من أن صعوده وصعود النائب الكساندرا أوكاسيو كورتيز، أبرز حلفائه التقدميين، سيؤدي الى “تدمير البلاد.” وهو يعكس الأرق الذي سببه فوز ممداني على خصومه في الانتخابات التمهيدية، لذا لجأ ترمب كما هي عادته للتحريض وتشويه مكانة الشاب الذي تفوق حتى الان على منافسيه.
وفي خطوة تهدف لتهدئة قلق الناخبين اليهود بشأن مواقفه من إسرائيل، أعلن ممداني عن حصوله على دعم عضو الكونغرس جيرولد نادلر، أحد أبرز القادة اليهود في المدينة، الذي كان قد دعم في الانتخابات التمهيدية المرشح سكوت سترينجر، وجاء ذلك في ظل استمرار الجدل حول رفض ممداني إدانة شعار “عولمة الانتفاضة”، واتهامه إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وتشكيكه في حقها في الوجود كدولة يهودية. وأكد في المقابلة، انه ملتزم بحماية الجالية اليهودية في نيويورك، وانه سيزيد التمويل المخصص لمكافحة جرائم الكراهية. وأضاف “سأسعى خلال الفترة المقبلة لتوضيح أن موقفي السياسي يستند الى التزام كامل بحقوق الانسان العالمية. “وأردف “مسؤوليتي كقائد لهذه المدينة أن أمد يدي أكثر لفهم هذه الخلافات، وأن اتعامل مع تعقيداتها، وأن أمثل كل شخص يعتبر هذه المدينة موطنا له.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com