نتنياهو في واشنطن: إخفاق سياسي يعيد سيناريوهات الماضي وخيارات تضيق أمامه.. بقلم/ المحامي علي أبوحبله

عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من واشنطن بخفي حنين، بعدما علّقت وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية آمالًا كبيرة على زيارته، وروّجت لعناوين كبرى عن اختراقات سياسية واستراتيجية قد تتحقق. لكن الواقع جاء مغايرًا، لتكشف نتائج الزيارة عن إخفاق سياسي جديد يعيد إلى الأذهان إخفاقات نتنياهو السابقة مع إدارات أمريكية مختلفة، ويضعه أمام خيارات داخلية وخارجية أكثر تعقيدًا.
لم نشهد إعلانًا من واشنطن عن وقف لإطلاق النار بحضور نتنياهو، كما توقعت بعض الأطراف، إذ تشير جميع المؤشرات إلى أن أي اتفاق – إن تم التوصل إليه – سيكون في الأيام المقبلة بعيدًا عن الأضواء. كما تلاشت تمامًا كل أحاديث التطبيع مع السعودية وسوريا، وسلطنة عمان، وإندونيسيا، ودول أخرى، والتي صوّرتها بعض وسائل الإعلام وكأنها ستتحقق خلال ساعات من النقاشات، في حين أن الواقع الإقليمي والدولي أكثر تعقيدًا بكثير.
إخفاق يعيد الذاكرة إلى سنوات أوباما
هذا الفشل ليس الأول في مسيرة نتنياهو السياسية. فقد سبق أن واجه في عام 2011 موقفًا مشابهًا مع إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، عندما رفضت واشنطن الانصياع لضغوطه بخصوص الملف الفلسطيني، وبدلًا من منحه دعمًا سياسيًا، وجد نفسه أمام خطاب أوباما الشهير الذي تبنى حدود 1967 كأساس للتسوية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي عام 2015 اختار نتنياهو تحدي البيت الأبيض بخطاب ألقاه أمام الكونغرس ضد الاتفاق النووي مع إيران، لكنه فشل في تغيير سياسات إدارة أوباما، ليخرج من المواجهة ضعيفًا ومعزولًا دبلوماسيًا.
اليوم، ومع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه. نتنياهو الذي كان يراهن على إعلان سياسي ضخم يعود خاوي الوفاض، في ظل إدارة أمريكية باتت أقل حماسًا لإعطائه مكاسب مجانية، وتفضّل إبقاء الملفات مفتوحة بانتظار توافقات أوسع تتوافق مع مصالح واشنطن الاستراتيجية، وليس أجندة نتنياهو الشخصية.
انعكاسات داخلية وخيارات محدودة
في الداخل الإسرائيلي، جاء الفشل ليضيف عبئًا جديدًا على نتنياهو الذي يواجه ضغوطًا متزايدة من شركائه في اليمين المتطرف، إضافة إلى معارضة سياسية شرسة بقيادة يائير لابيد، والذي بدأ بتصوير نتنياهو على أنه “زعيم فقد القدرة على المناورة الخارجية”.
إزاء هذه التحديات، قد يلجأ نتنياهو إلى خيارات مألوفة:
- 1. التصعيد العسكري المحدود في غزة أو لبنان للهروب إلى الأمام وإعادة خلط الأوراق داخليًا.
- 2. إثارة المخاوف من التهديد الإيراني لإعادة توحيد الجبهة الداخلية واستجداء الدعم الدولي.
- 3. مناورات سياسية مع أحزاب اليمين لإطالة عمر حكومته المأزومة.
إخفاق نتنياهو في واشنطن ليس مجرد فشل تكتيكي، بل مؤشر على تآكل نفوذه الشخصي والسياسي على الساحة الدولية. وبينما تتراجع قدرة إسرائيل على فرض أجندتها في المنطقة، يجد نتنياهو نفسه محاصرًا بين ضغوط الداخل الإسرائيلي والتحديات الخارجية، ليبقى السؤال مفتوحًا: هل يختار التصعيد لمواصلة البقاء في السلطة، أم أن إخفاقه الأخير سيكون بداية نهايته السياسية؟