حَبْكُ الحكاية…! نصٌ بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس

نُولدُ من ضوءٍ عنيدٍ…

نَصعَدُ من شقوقِ الحلمِ،

لا نخشى انكسارَ الريح…

وفي يَدَينا قبسُ المعنى…

 ومفتاحُ الحكاية…

*

كان يشدو…

كعصفورٍ أطلَّ للتوِّ …

 من قفصِ الغياب…

كان يُداعبُ الوقتَ …

 بأطرافِ القصيدة،

كما ترقصُ فوقَ خديهِ …

حروفُ الزمانِ إذا اشتعلَ الحلمُ،

 وانسكبَ العتاب…

*

كان يكتبُ بحبرٍ فريد،

من وريدٍ لا يذبلُ،

ولا يُهادنُ العذاب…

كان صوتُه يُشبهُ صوتي،

وصورتي المُعلَّقةُ ..

 على أعمدةِ السحاب،

تتماهى معه…

كأنهما …

 توأمانِ في مرآةِ الغياب…

*

كان يقرأُ …

في كتابٍ لا تُعاندُهُ الحروف،

ولا الكلمات…

يحتضنُها …

 كما العصفورُ …

 يضمُّ الغصنَ في ارتجافةِ المطر…

*

كان يتربعُ مقهى الثائرين،

يتحسسُ أمانَ أصابعه،

ويمسكُ القلمَ …

 كما يُمسكُ المتيقّنُ نبضَه،

يتفرسُ وجوهَ الحالمين،

ويتلو آياتِ وجعهِ …

 على الحاضرين،

بصمتٍ وأنين…

*

كان لا ييأسُ،

ولا يَبتئسُ من صخبِ العابرين،

ولا من الجالسين على الرصيف،

ثم ينفخُ زفيرهُ في وجهِ الظلام،

كأنّه يُشعلُ قنديلًا في ممرٍّ مُعتم…

*

كان يرسمُ وجهي…

 ووجه أبيه…

بلا تجاعيدِ الحياة،

ويمضي في سحابةٍ

من بياضِ السماء…

*

يُراودُ الغوايةَ عن سرِّها،

ويفكُّ لُغزَ القصيدة،

ويُكمِلُ حَبكَ الحكاية…

حين يُشبهني في الصلاة…

*

ثم يمحو الرسمَ …

عن وجهِ السحاب،

يتركُ لي وجهي،

ويستأذن بالانصراف…

*

لكنني أعلمُ…

أنَّ الحكايةَ لن تنتهي،

ما دام في الأرضِ …

 مَن يُؤمنُ بالنور،

ويُمسكُ القلمَ …

 كأنَّه سيفٌ من نبض…

ما دام في الذاكرةِ ظلالُ صلاة،

وفي الأرواحِ من يُكمِلُ الحَبْكَةَ  …

بالحبرِ والسكوتِ والصدى…

*

ستبقى الحكايةُ تُروى…

ما دام فينا مَن إذا غابَ،

تركَ ملامحهُ في جدارِ القصيدة…

وفي صدى  …

آخر سطرٍ لم يُكتبْ بعد…!

د. عبدالرحيم جاموس 

4/8/2025  م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com