من “نظرية” فراغ السيادة إلى شرعنة الاحتلال: قراءة نقدية لأطروحات يهودا بلوم وخطاب الضم الإسرائيلي.. الدكتور / عـمـر رحـال

يشير مصطلح فراغ السيادة إلى حالة قانونية وسياسية يتم فيها تغييب أو إضعاف ممارسة السلطة السيادية على إقليم معين أو على جماعة بشرية محددة، سواء بشكل كلي أو جزئي. ويتجلى هذا المفهوم في الأوضاع التي تكون فيها الدولة غير قادرة على فرض سلطتها الفعلية أو حينما لا تحظى السلطة القائمة باعتراف دولي، كما في حالات الاحتلال العسكري أو الانقسام السياسي أو انهيار الدولة. ويُعتبر فراغ السيادة من المفاهيم المرتبطة مباشرة بمبدأ سيادة الدولة، الذي يشكل حجر الأساس للنظام الدولي المعاصر، حيث لا يجوز لأي سلطة خارجية التدخل في شؤون الدولة الداخلية أو المساس بسيادتها إلا في حالات محددة ووفق قواعد القانون الدولي.

ويعد الاحتلال العسكري أحد أبرز السياقات التي يستخدم فيها مفهوم فراغ السيادة، إذ ينزع من الدولة المحتلة حقها في ممارسة سيادتها الكاملة على أراضيها، لتفرض قوة الاحتلال سلطتها الفعلية على الأرض والسكان، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وسياسية. كذلك، يظهر المفهوم في حالات الدول الفاشلة التي تشهد انهياراً كلياً في مؤسساتها وقدرتها على بسط النظام، ما يؤدي إلى نشوء سلطات موازية أو حالة من الفوضى الأمنية. أما الانقسام السياسي فيؤدي بدوره إلى تفتيت السيادة، كما في حالة الدول التي تنقسم بين حكومتين أو أكثر، ما يخلق مناطق جغرافية خارج سيطرة سلطة مركزية موحدة. وتعد المناطق العازلة أو المحرّمة مثالاً إضافياً على غياب السيادة، حيث تُفرض ترتيبات دولية تمنع ممارسة السلطات الوطنية لأي طرف في هذه المناطق.

وفي السياق الفلسطيني تحديداً، برزت محاولات لإعادة تفسير مفهوم فراغ السيادة بشكل يخدم الرواية الإسرائيلية ، ومن أبرز هذه المحاولات “نظرية” يهودا بلوم ، أستاذ القانون الدولي وممثل دولة الاحتلال في الأمم المتحدة ، الذي طرح “نظرية” فراغ السيادة من خلال ورقة بعنوان “تأملات حول وضع يهودا والسامرة”، ونشرها في مجلة القانون الإسرائيلي ،العدد (3) عام 1968 لتبرير استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بعد عام 1967.

تعد “نظرية” فراغ السيادة التي طرحها يهودا بلوم واحدة من أكثر المحاولات القانونية إثارة للجدل في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث وظّف بلوم خلفيته الأكاديمية القانونية لتقديم مقاربة تبريرية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة بعد عام 1967، وبشكل خاص الضفة الغربية وقطاع غزة. تقوم هذه النظرية على الادعاء بأن هذه الأراضي لم تكن خاضعة لسيادة شرعية معترف بها دولياً قبل الاحتلال الإسرائيلي، نظراً لعدم الاعتراف الدولي بضم الأردن للضفة الغربية أو الإدارة المصرية لقطاع غزة، وبذلك، يرى أن إسرائيل لم تغتصب سيادة أي جهة عند سيطرتها عليهما، وأن الوضع القانوني لهذه الأراضي يظل مفتوحاً للتفاوض.وهو ما يخلق، وفقاً لبلوم، حالة من “فراغ السيادة”. وبهذا الطرح، يحاول بلوم نفي صفة الاحتلال بالمعنى القانوني الكامل عن الوجود الإسرائيلي في تلك المناطق، متجاهلاً المبادئ الراسخة في القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تؤكد على انطباق قواعد الاحتلال على الأراضي الواقعة تحت السيطرة الفعلية لقوة أجنبية، بغض النظر عن الوضع القانوني السابق لهذه الأراضي.

يهدف بلوم من وراء طرح “نظرية” فراغ السيادة إلى تحقيق أهداف سياسية وإستراتيجية تخدم المشروع الاستيطاني والتوسعي الإسرائيلي، عبر محاولة إضفاء شرعية قانونية زائفة على الاحتلال، ونزع الأساس القانوني والسياسي عن المطالب الفلسطينية بالسيادة والاستقلال الوطني. فهي تمثل جزءاً من خطاب إسرائيلي يسعى إلى إعادة تفسير القانون الدولي بصورة انتقائية تتوافق مع مصالح الاحتلال، بما يؤدي إلى إضعاف المركز القانوني والسياسي للفلسطينيين، وتبرير استمرار سياسات الاستيطان والضم وفرض الأمر الواقع، في تناقض واضح مع قرارات الشرعية الدولية والمبادئ القانونية التي تحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة وتؤكد حق الشعوب غير القابل للتصرف في تقرير المصير. وتُعد هذه النظرية نموذجاً صريحاً لتسييس القانون الدولي وتطويعه لخدمة أجندات استعمارية، حيث تنطلق من فرضية باطلة تزعم غياب السيادة الشرعية على الأراضي الفلسطينية قبل عام 1967، متجاهلة أن السيادة لا تقتصر على الاعتراف الدولي الرسمي بالدولة، بل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحق الشعوب الأصيل في تقرير المصير. إن إنكار بلوم لوجود الشعب الفلسطيني ككيان سياسي وقانوني يتمتع بالحق المشروع في السيادة وتقرير المصير يشكل انتهاكاً جوهرياً لهذا المبدأ، ويكشف الطبيعة الأيديولوجية الموجهة لطرحه القانوني وأهدافه التوسعية.

من منظور القانون الدولي الإنساني، تعد محاولة بلوم نفي صفة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة بناءً على مفهوم فراغ السيادة مخالفة صريحة للسوابق القانونية الدولية والاتفاقيات الملزمة، وفي مقدمتها اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تطبق على جميع حالات الاحتلال العسكري، بغض النظر عن الوضع القانوني السابق للأرض المحتلة، كما أن قرارات مجلس الأمن الدولي، وفي مقدمتها القرار (242) لعام 1967 والقرار (338) لعام 1973، اعتبرت الأراضي الفلسطينية المحتلة أراضٍ خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، وطالبت بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منها، ما يبطل عملياً أي مزاعم بوجود فراغ سيادة يمكن استغلاله قانونياً لتبرير الاحتلال.

 وهو ما أكده الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية عام 2004 بشأن الجدار العازل. كما أن الاجتهاد القانوني الدولي يرفض بشكل قاطع أي تبريرات للاستيلاء على الأراضي بالقوة، وهو مبدأ راسخ نصت عليه قواعد القانون الدولي العرفي وميثاق الأمم المتحدة، وخاصة في المادة الثانية الفقرة الرابعة التي تحظر التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة. ويضاف إلى ذلك أن المجتمع الدولي بأسره، من خلال قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يعترف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بل يطالب بإنهائه الفوري، ويؤكد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه. وعليه، فإن نظرية فراغ السيادة التي طرحها بلوم تفتقر إلى أي سند قانوني موضوعي، وتعد جزءاً من خطاب أيديولوجي إسرائيلي يهدف إلى إضفاء شرعية زائفة على مشروع استعماري يتعارض مع قواعد القانون الدولي ومبادئ العدالة وحقوق الإنسان.

وتتناقض نظرية بلوم أيضاً مع الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وهو حق كرسته الفقرة الثانية من المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة ، والقرار (1514) الصادر عن الجمعية العامة عام 1960 بشأن تصفية الاستعمار، والقرار(3236) لعام 1974 الذي يعترف بحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والسيادة الوطنية. كما أن اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار (67/19) لعام 2012 بمنح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو، والتصويت بأغلبية واسعة لصالح هذا القرار، يعكس اعترافاً دولياً متنامياً بالشخصية القانونية والسيادية للشعب الفلسطيني، ما ينفي عملياً مقولة فراغ السيادة التي يروج لها بلوم.

كما تتجاهل هذه “النظرية” وخطاب الضم كذلك الطبيعة الاستعمارية الاستيطانية للاحتلال الإسرائيلي، حيث تحاول فرض شرعية قانونية على سياسات السيطرة والضم وتهويد الأراضي وبناء المستوطنات، في مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي، لا سيما مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومنها القرار(2334) لعام 2016 الذي أكد عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية وطالب بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

بلوم نسي أو تناسى ومعه حكومة الاحتلال أن كل القرارات التي صدرت عن مؤسسات الأمم المتحدة أكدت على أن الأراضي الفلسطينية هي أراضي محتلة ، فمنذ بداية احتلال إسرائيل لما تبقى من الأراضي الفلسطينية في حزيران عام 1967، أصدر مجلس الأمن الدولي عدداً من القرارات الهامة التي تتعلق بالوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى وجه الخصوص مدينة القدس. ففي القرار رقم (253) الصادر بتاريخ 21 أيار 1968، دعا المجلس إسرائيل إلى إلغاء جميع الإجراءات التعسفية التي اتخذتها لتغيير وضع مدينة القدس. وفي عام 1980، تبنى المجلس القرار رقم (465) الذي طالب إسرائيل بتفكيك المستوطنات المقامة والتوقف عن تخطيط وبناء مستوطنات جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس.

وفي 29 آب 1980، صدر القرار رقم (478) عن مجلس الأمن، حيث نص على عدم الاعتراف بالقانون الإسرائيلي الذي يعتبر القدس عاصمة لإسرائيل، ودعا الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة. أما في 23 كانون الأول 2016، فقد تبنى المجلس القرار رقم (2334)، الذي أكد بشكل قاطع أن بناء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس ، يعد انتهاكاً للقانون الدولي، ودعا إلى الوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية، وعدم الاعتراف بأي تغييرات أُجريت على حدود الرابع من حزيران 1967.

إلى جانب مجلس الأمن، لعبت الجمعية العامة للأمم المتحدة دوراً محورياً في تأكيد الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني. ففي 29 تشرين الثاني 2012، أصدرت الجمعية القرار رقم (67/19) ، الذي منحت بموجبه فلسطين مركز “دولة غير عضو” بصفة مراقب في الأمم المتحدة، بتأييد (138) دولة، مقابل معارضة (9) وامتناع (41) دولة عن التصويت. ويعود هذا المسار إلى عام 1974، عندما أصدرت الجمعية القرار رقم (3236) الداعي إلى ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، والقرار رقم (3237) الذي منح منظمة التحرير الفلسطينية صفة مراقب.

وفي 10 أيار 2024، تبنت الجمعية العامة قراراً بأغلبية (143) صوتاً يدعم طلب فلسطين الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب، كما حدد القرار آليات لتعزيز مشاركة فلسطين في المنظمة الدولية. وتبع ذلك قرار آخر في 18 أيلول 2024، حظي بتأييد (124) دولة، وعارضته (14) دولة، وامتنعت(43) دولة عن التصويت، وطالب بإنهاء “الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة” خلال 12 شهراً، استناداً إلى فتوى طلبتها الجمعية العامة من محكمة العدل الدولية.

في السياق ذاته، أصدرت منظمة اليونسكو سلسلة من القرارات ذات الأهمية الرمزية والقانونية بشأن القدس. ففي 27 تشرين الثاني 1996، أصدرت القرار رقم (150)، مشيرة فيه إلى أن القدس القديمة مدرجة على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، وأدانت قيام إسرائيل بفتح نفق بمحاذاة الحائط الغربي للحرم الشريف. وفي 22 أيار 2015، صدر القرار رقم (196) الذي أعرب عن أسفه لرفض إسرائيل تنفيذ قرارات اليونسكو المتعلقة بالقدس، وشجب الأضرار التي لحقت بالمسجد الأقصى، خاصة إغلاق باب الرحمة. وفي 13 تشرين الأول 2016، اعتمدت اليونسكو قراراً مهماً نفى وجود أي ارتباط ديني لليهود بالحرم الشريف، مؤكداً أن المسجد الأقصى وحائط البراق جزء من التراث الإسلامي الخالص، وقد أعيد تأكيد هذا الموقف في قرار المجلس التنفيذي عام 2017، الذي وصف إسرائيل بالقوة المحتلة للقدس.

وفي 14 تشرين الثاني 2024، اعتمدت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمسائل الاقتصادية والمالية مشروع قرار بأغلبية (159) صوتاً، حول السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل، وهو قرار قدم من مجموعة الـ (77) والصين.

من جهته، منح مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بتاريخ 27 أيار 2021، لجنة التحقيق ولايةً للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وداخل إسرائيل، خصوصاً بعد الأحداث التي بدأت في 13 نيسان 2021. وقد أعلن عن أعضاء اللجنة في تموز 2021، حيث كلفت اللجنة أيضاً بالتحقيق في الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك التمييز والقمع المنهجي على أساس الهوية الوطنية أو الدينية أو العرقية. وفي تقريرها الأول الصادر في 7 حزيران 2022، خلصت اللجنة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي والتمييز الممنهج ضد الفلسطينيين هما السببان الرئيسيان وراء التوترات المتكررة واستمرار النزاع.

وإذا ما عدنا إلى بدايات الصراع، نجد أن لجنة التحقيق التي شكلتها عصبة الأمم عام 1930، عقب أحداث ثورة البراق عام 1929، خلصت إلى أن حائط البراق وما حوله، بما في ذلك الرصيف وحارة المغاربة، هو ملك للمسلمين دون سواهم، ويُعد جزءًا لا يتجزأ من الحرم الشريف ومن أملاك الوقف الإسلامي، وهو ما يعكس الجذور التاريخية لحق الفلسطينيين في مدينة القدس.

تظهر هذه القرارات والتقارير حجم التأييد الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني، ورفض المجتمع الدولي المستمر لمحاولات فرض الأمر الواقع من قبل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، التي تواصل التنكر لقرارات الشرعية الدولية، وترفض الانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية.

ومن هنا فإن السياسات والإجراءات التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية الحالية لضم الضفة الغربية تمثل التطبيق العملي والمباشر لما جاء في “نظرية” فراغ السيادة التي طرحها يهودا بلوم، إذ تسعى هذه السياسات إلى إضفاء شرعية قانونية زائفة على مشروع الضم والاستيطان من خلال الادعاء بغياب السيادة الفلسطينية الشرعية قبل عام 1967. فعمليات توسيع المستوطنات، وشرعنة البؤر الاستيطانية، وفرض القوانين الإسرائيلية على المستوطنين في الضفة، وتغيير الوضع القانوني والإداري للأراضي المحتلة، كلها خطوات تستند إلى ذات المنطق الذي يحاول إنكار الطبيعة القانونية للاحتلال وتبرير الاستيلاء على الأرض بالقوة، في تناقض صارخ مع قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومع المبادئ الراسخة في القانون الدولي الإنساني، وخاصة حظر ضم الأراضي بالقوة وحق الشعوب غير القابل للتصرف في تقرير المصير. وبذلك، فإن الممارسات الراهنة للحكومة الإسرائيلية ليست سوى امتداد عملي للخطاب الأيديولوجي الذي سعى بلوم إلى ترسيخه، بهدف تثبيت واقع استعماري دائم يقوض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

أخيراً تُظهر “نظرية” فراغ السيادة كما قدمها يهودا بلوم والإجراءات والسياسات التي تنتهجها حكومة الاحتلال بوضوح كيف يمكن للنص القانوني أن يتحول إلى أداة سياسية إذا تم فصله عن سياقه التاريخي والواقعي وعن المبادئ المستقرة في القانون الدولي، ويعكس تجاهل الحقائق السياسية والإنسانية التي كرستها قرارات الأمم المتحدة وأحكام محكمة العدل الدولية ومواثيق حقوق الإنسان . فالسيادة ليست حالة قانونية تمنح أو تنتزع بقرار أحادي ، بل هي تعبير عن الإرادة الجمعية لشعب يعيش على أرضه ويمارس حقه في تقرير المصير بحرية واستقلال ، وهو الحق الذي لا يمكن لادعاءات قانونية انتقائية أن تلغيه أو تفرغه من مضمونه . إن أخطر ما في هذه “النظرية” الساذجة والسطحية والركيكة ليس فقط تزييفها للمفاهيم القانونية بل سعيها لشرعنة ممارسات الاحتلال وتبريرها تحت غطاء قانوني زائف، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ويقوض أسس النظام الدولي برمته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com