مراكز المساعدات الأمريكية في غزه: “منابرحياة” تحوّلت إلى مصائد موت.. أد سمير مصطفي ابومدلله

مقدمة

منذ مايو 2025، تصاعدت أنشطة توزيع المساعدات في غزة، تقودها جزئيًا الولايات المتحدة عبر وكالة USAID ومنظمات مثل Gaza Humanitarian Foundation (GHF)، إضافة إلى شركاء أمميين. ورغم المظهر الإنساني لهذه الجهود، تكشف التقارير الميدانية والحقوقية أن بعض مراكز التوزيع تحولت فعليًا إلى مصائد موت وإذلال، في ظل بيئة أمنية منهارة وحصار خانق.أرقام الضحايا: المساعدات تحت النيران
• 1,373 فلسطينيًا قُتلوا منذ 27 مايو 2025 أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات، بينهم 859 قرب مواقع GHF، و514 قرب قوافل الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.
• 4,891 جريحًا سقطوا في أحداث مماثلة، معظمهم نتيجة إطلاق نار مباشر أو تدافع في بيئة غير آمنة.
• تقارير وزارة الصحة تشير إلى أن 70% من الضحايا سقطوا في محيط مراكز GHF.
• مقارنة تاريخية: رغم أن الأعداد لا ترقى إلى حجم المجازر في معسكرات الإبادة النازية مثل أوشفيتز (1.1 مليون قتيل)، إلا أن النمط متماثل في استخدام الغذاء كسلاح حرب وإخضاع المدنيين عبر التجويع الممنهج.

الانتهاكات الموثقة
1. إطلاق نار مباشر على المدنيين من قوات إسرائيلية وحراس مدنيين وأطراف مسلحة مدعومة.
2. نهب منظم: 95% من قوافل برنامج الأغذية العالمي تعرضت للسطو قبل وصولها لمستودعاتها.
3. إعاقة متعمدة: 70% من القوافل المتجهة للشمال منعت أو تأخرت، رغم الحاجة اليومية لـ500–600 شاحنة، مقابل دخول نحو 70 شاحنة فقط.
4. استهداف البنية الإنسانية: مقتل 196 من موظفي الأمم المتحدة واستهداف أكثر من 150 منشأة إغاثة منذ أكتوبر 2023

الأبعاد السياسية لاستخدام المساعدات
• فرض هيمنة سياسية وأمنية عبر شبكات توزيع تخضع لإشراف أمريكي–إسرائيلي مباشر.
• رقابة وجمع معلومات عبر استمارات توثّق بيانات المستفيدين، تُستغل للسيطرة الاجتماعية.
• تلميع صورة المانحين: تقديم الولايات المتحدة كـ”المنقذ” رغم تمويلها المستمر لإسرائيل وتجاهلها للحصار.
• تفكيك المؤسسات المحلية وإحلال كيانات جديدة متوافقة مع الأجندات الخارجية.
. انهاء دور وكاله غوث وتشغيل اللاجئين

مسؤولية المجتمع الدولي

القانون الإنساني الدولي يحظر تجويع المدنيين كأسلوب حرب (المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف). ومع ذلك:
• مجلس الأمن لم يتخذ إجراءات عملية لوقف استهداف مراكز التوزيع.
• الأمم المتحدة تواجه شللاً ميدانياً بسبب العراقيل الإسرائيلية والقيود المفروضة على قوافلها.
• الدول المانحة تكتفي بالتمويل دون ضمان وصول المساعدات بأمان.

حلول عاجلة
1. فتح المعابر فورًا وتمكين دخول 500 شاحنة مساعدات يوميًا على الأقل، بإشراف أممي مباشر.
2. وقف التعامل مع GHF وتحويل آليات التوزيع إلى مؤسسات أممية ومحلية محايدة.
3. تحقيق دولي مستقل في عمليات القتل والنهب
4. إعادة بناء البنية الإنسانية المحلية ودعم المجتمع المدني الفلسطيني لقيادة عمليات الإغاثة.
5. آلية حماية ميدانية عبر قوات حفظ سلام أو مراقبين دوليين لضمان أمان نقاط التوزيع.

خاتمة

ما يجري في غزة من قتل مدنيين على أبواب مراكز المساعدات ليس مجرد مأساة إنسانية، بل جريمة حرب مكتملة الأركان. على المجتمع الدولي أن يتجاوز مرحلة التصريحات، ويتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية بوقف الحصار وضمان وصول الغذاء والدواء دون أن يتحول إلى رصاصة في رأس الجائع.

محاضر جامعي
عضو الامانه العامه لاتحاد الاقتصاديين الفلسطينيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com