مواقف صلبة تتحدى الاغتيالات.. يوسف السعدي

يبرز أسم عمار الحكيم في المشهد السياسي العراقي المعاصر، كأحد أبرز القادة ممن جمعوا بين الإرث العائلي العريق، والخطاب السياسي المعتدل، والرؤية الوطنية الجامعة. ورغم دعواته المتكررة للحوار وبناء دولة المؤسسات، فهو كان عرضةً لسلسلة من الاستهدافات السياسية والإعلامية، بل وحتى محاولات الاغتيال، التي عكست حجم التحديات التي تواجه مشروعه.
منذ توليه قيادة تيار الحكمة الوطني عام 2017، حرص الحكيم على تقديم خطاب سياسي متوازن، يدعو إلى الشراكة الحقيقية بين مكونات الشعب العراقي، ويرفض الإقصاء والتهميش، أي كان الطرف المقابل.
في خطاب ألقاه عام 2021، قال:
“لا بديل عن الحوار، ولا سبيل إلا بالتفاهم، فالوطن لا يبنى بإقصاء بعضه لبعض”
هذه المواقف، وإن لاقت قبولًا لدى جمهور واسع، إلا أنها وضعت الرجل في مواجهة، مع قوى وأطراف، رأت في منهجه تهديدًا لمصالحها وطموحاتها السياسية.
تعرض الحكيم لسلسلة من حملات التشويه الإعلامي، التي استهدفت صورته ومصداقيته، عبر أخبار مضللة أو تأويلات مجتزأة لتصريحاته.. ولم تكن هذه الحملات مجرد خلافات سياسية، بل بدت وكأنها محاولات منظمة، لإضعاف تأثيره في الساحة العراقية.
رغم ذلك ظل متمسكًا بنهج الرد الهادئ، معتمدًا على تبيان الحقائق، ومؤكدًا أن معركته الحقيقية ليست مع الأشخاص، بل مع الفساد والانقسام.
كما يبدوا فالحكيم وعلى خطى أجداده وآبائه، دفع ثمن مواقفه الوطنية.. حيث أشارت تقارير أمنية وإعلامية إلى عدة محاولات بارزة لتصفيته منها:
1. 2013: خلال تصاعد التوترات الأمنية في بغداد، أحبطت الأجهزة الأمنية، محاولة لزرع عبوة ناسفة على طريق موكبه.
2. 2016: وردت معلومات استخباراتية، عن مخطط لاستهدافه، أثناء حضوره أحد الملتقيات الجماهيرية في بغداد.
3. 2018: في أجواء ما بعد الانتخابات، أُحبطت محاولة استهدافه خلال تنقله في محافظة النجف، وتم اعتقال مجموعة مرتبطة بجهات متطرفة.
4. 2020: تلقى تهديدات علنية من جماعات مسلحة، على خلفية مواقفه الداعية إلى حصر السلاح بيد الدولة.
2025:5 أثناء مشاركته في مراسيم زيارة أربعين الإمام الحسين، في منطقة المحمودية ببغداد، تعرض موكبه لمحاولة استهداف عبر إطلاق نار من مسافة بعيدة، قبل أن تتمكن قوات الأمن، من تأمين المنطقة وإخراجه بسلام.
هذه الحوادث، رغم تفاوت خطورتها، عكست حقيقة أن مشروعه السياسي كان يواجه محاولات تصفية، من أطراف داخلية وخارجية.. ورغم كل ذلك، لم يتراجع الحكيم عن خطه السياسي، بل زادته الاستهدافات إصرارًا على المضي قدمًا، فينقل عنه في أحد تصريحاته عقب موجة من الحملات الإعلامية ضده، قال:
“قد نستهدف، وقد نشوه، وقد نُحارب، لكننا لن نحيد عن طريق خدمة شعبنا.”
إن التجربة التي خاضها الحكيم، بين الاستهدافات ومحاولات الاغتيال، أظهرت أن السياسة في العراق، ليست مجرد صراع على السلطة، بل ميدان تتقاطع فيه المبادئ مع المخاطر، وأن البقاء فيه يتطلب إرادة صلبة لا تلين.