نبض الحياة.. هاكابي ناطق رسمي باسم اسرائيل.. عمر حلمي الغول

لا أحد لديه شك بموقف الولايات المتحدة الأميركية من دعم وشراكة إسرائيل في الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني ولم يكن لإسرائيل اللقيطة والمارقة ان تتغول على العالم وأعلى هيئة دولية عموما والشعب الفلسطيني خصوصا لولا الدعم غير المشروط لها. لا سيما وان التحولات النوعية في المشهد العالمي على الصعيدين الأهلي والرسمي تجاه المسألة الفلسطينية، التي شكلت رافعة هامة في مواجهة الجنون الوحشي الصهيو أميركي، رغم هذه التحولات العالمية الإيجابية على الصعد المختلفة لصالح الشعب والقيادة الفلسطينية، الا ان ما يعرقل ويحد من قيمة واهمية التطورات الهامة حتى الان، ويحول دون تجسيدها وانتقالها من الطابع المعنوي والسياسي الديبلوماسي الى الواقع العملي للجم دولة الإبادة الإسرائيلية، والزامها بالقانون الدولي، وفرض انسحاب جيشها من الأراضي الفلسطينية عموما وقطاع غزة خصوصا، كان ومازال الإدارات الأميركية السابقة والحالية، الشريكتان في الابادة المنفلتة من كل عقال قانوني وانساني.
وإذا أخذنا نموذجا لذلك مواقف وتصريحات السفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكابي، نجد أنه يتماهى مع الرؤية الإسرائيلية الاستعمارية المعادية للسلام، لا بل بدا منذ ما قبل تسلمه لمهامه كسفير بإعلان دعمه غير المشروط، للدولة الإسرائيلية اللقيطة، وعكس وتبنى المواقف الإسرائيلية، ودافع عنها بشكل مفرط وعبثي، تخلو من الحد الأدنى من الصيغ البروتوكولية الديبلوماسية، ونراه نصب نفسه ناطقا رسميا لإسرائيل الخارجة على القانون، كونه غارق في الأوهام والاساطير اللاهوتية الافنجليكانية أسوة برئيسه وادارته المتصهينة، ويناصب العداء لأبسط حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني السياسية والقانونية والإنسانية.
وفي تعليقه على التصنيف الاممي بوجود مجاعة في قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي تقر فيها المؤسسة الأممية مع خبراء أمميين مستقلين بكارثة حرب التجويع، التي تفتك بالأطفال والنساء وعموم أبناء الشعب الفلسطيني، يكتب هاكابي على منصة “إكس” أمس السبت 23 آب/ أغسطس الحالي ” يغفل الاعلام الدولي القصة الحقيقية للمجاعة في غزة.” ويقلب الحقائق رأسا على عقب، ويجتر ما يردده بنيامين نتنياهو رئيس الائتلاف الحاكم في تل ابيب “الرهائن يتضورون جوعا، بينما تزداد حركة حماس وزناً، والأمم المتحدة تعلن المجاعة، فيما يتم سرقة 92% من طعامهم لتبيعه “حماس”، وفي هذه الاثناء، يتعفن طعام الأمم المتحدة تحت أشعة الشمس.” ويتابع “على الأمم المتحدة أن تعلن نفسها فاسدة وغير كفؤة.” وهو تطاول وبلطجة على هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية، وعلى العالم أجمع، الذي يرى الحقيقة كما هي على الأرض، حيث يموت الأطفال والنساء والشيوخ جوعا، فضلا عن عمليات القتل بكل أسلحة الدمار الشامل، وجلها أميركي، وهو ما يعكس فجورا أميركا قذرا، لا يستقيم مع أي منطق ولا مع أي شواهد ماثلة على الأرض وفي أوساط الشعب الفلسطيني.
وفي تصريح له على قناة الشرق يوم أول أمس الجمعة 22 من ذات الشهر الحالي، يعكس أكاذيبه ونفاقه اللامسؤول بالقول أن “الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين “أفسدت” جهوده للإفراج عن أموال السلطة الفلسطينية المحتجزة”، ويضيف ذرائعه الوقحة “الإسرائيليون يشترطون وقف رواتب الاسرى، وتغيير المناهج التعليمية مقابل تحويل أموال الجمارك للسلطة.” ولم يسأل نفسه للحظة، وماذا عن المناهج التعليمية الإسرائيلية؟ ولماذا لم يطالب إسرائيل اللقيطة والنازية عن تغيير مناهجها ومواقف قيادات إسرائيل بدءً من رئيس الحكومة مرورا ببن غفير وسموتريش وغيرهم الذين يصرحون على الملأ عن رفض إقامة الدولة الفلسطينية من حيث المبدأ، وضم المنطقة E1 وبناء الاف الوحدات الاستيطانية، والسيطرة كما ذكر وزير الاتصالات كوهين على الضفتين لنهر الأردن، وإقامة دولة إسرائيل الكبرى؟ اين هو المنطق في مواقف السفير والناطق الرسمي باسم اسرائيل؟ ومع ذلك الحكومة الفلسطينية قدمت تنازلات كبيرة وهامة، وأجرت العديد من الإصلاحات الإدارية في المجالات المختلفة، مع ان المنطق يقول، بانه كان على هاكابي ان يطالب بتطوير المناهج الفلسطينية العلمية في حقول ومساقات الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلم الفضاء والذكاء الاصطناعي وغيرها من العلوم، لكنه لا يأبه اسوة بإدارته بتطور المنهاج العلمي الفلسطيني، انما يريد ان يجرد الشعب الفلسطيني واجياله المتعاقبة من روايتهم الوطنية، ويدمر العقد الاجتماعي الفلسطيني، وتسييد الرواية الصهيونية، التي تعمل كل من إسرائيل وإدارته بشكل حثيث على نسف التاريخ والموروث الحضاري والثقافي الفلسطيني.
وفي استمرائه لأكاذيبه أشار الى انه كان يقوم ب “جولات مكوكية” بين رام الله وتل ابيب لحل أزمات البنوك، وتحويل العملة قبل ان تُفشل الاعترافات الأوروبية جهودي.” والسؤال ما علاقة ذلك بحقوق واموال الشعب الفلسطيني؟ ولماذا لا تدعم الإدارة الأميركية الجهود الأوروبية في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتقوم هي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية؟ ولماذا لا تلزم إدارة ترمب إسرائيل بالاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير ودولة إسرائيل؟ ثم اليست الأموال المحتجزة في وزارة المالية الإسرائيلية، أموالا فلسطينية، وتأخذ إسرائيل مقابل ذلك على كل دولار أو شيكل 3% من مجمل أموال المقاصة؟ لكن هاكابي الصهيوني لا يقبل القسمة على الحقوق الفلسطينية، لأنه يرفضها، ويعمل دون تردد على تبديد مكانة الكيانية الفلسطينية، ولا يتورع عن ارتكاب وممارسة أي عمل يهدد وجود الشعب الفلسطيني على ترابه الوطني، واستقلاله على أرضه وفي دولته القائمة تحت نير الاحتلال، والمعترف بها من قبل 149 دولة حتى الان.
من الواضح أن ترمب وسفيره وادارته ماضون في خيار تدمير أي بارقة أمل لدفع عملية السلام للأمام، لأنها تقف خلف مشروع إسرائيل الكبرى، وليس بحدود فلسطين التاريخية فقط، الامر الذي يفرض على الشعب والقيادة استلهام العبر والدروس من سياسات وممارسات وانتهاكات الإدارة الأميركية، وليس حكومة الاتئلاف الحاكم النازية الحاكمة في إسرائيل فقط.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com