ورقة تقدير موقف: قرار IAGS وإمكانيات محاكمة إسرائيل على جرائم الإبادة الجماعية في غزه اد.سمير مصطفى أبو مدلله

أولًا: مقدمة

أصدرت الرابطة الدولية لدارسي الإبادة الجماعية (IAGS) بتاريخ 31 أغسطس/آب 2025 قرارًا تاريخيًا يقضي بأن المعايير القانونية للإبادة الجماعية قد توافرت بشكل كامل في الحالة الفلسطينية، وأن إسرائيل ترتكب منذ أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
هذا القرار يُشكّل سابقة علمية وقانونية دولية، إذ أنه صادر عن أرفع هيئة أكاديمية متخصصة بدراسة جريمة الإبادة، ويمنح دفعة قوية للمسارات القضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية (ICC) ومحكمة العدل الدولية (ICJ)، كما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليات مباشرة في منع استمرار الإبادة ومعاقبة مرتكبيها.

ثانيًا: مضامين القرار
• إقرار بأن إسرائيل قتلت أكثر من 59 ألف مدني فلسطيني، بينهم أكثر من 50 ألف طفل، (علما ان عدد الشهداء وصل الي 63 الف )وأصابت وشوهت ما يزيد عن 143 ألف إنسان.
• إثبات التهجير القسري الجماعي لـ2.3 مليون فلسطيني، وتدمير 90% من البنية السكنية.
• توثيق استهداف البنية الصحية والتعليمية والثقافية بهدف تدمير الهوية الجمعية الفلسطينية.
• الاعتراف بأن التجويع والحرمان من الغذاء والدواء والماء والوقود سياسة متعمدة تشكل وسيلة لإبادة السكان.
• التأكيد على أن تصريحات قادة إسرائيل تكشف عن نية مبيتة للتدمير الشامل.
• دعوة صريحة لوقف الجرائم فورًا، ولتنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية ومذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت.

ثالثًا: تقدير الموقف
1. قانونيًا:
• قرار IAGS يُعزز حجج جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، ويربط بين النية الجنائية المعلنة والجرائم الواقعية.
• يفتح المجال أمام إجراءات عقابية دولية ضد إسرائيل بموجب اتفاقية منع الإبادة (1948).
• يفرض على الدول الأطراف في نظام روما الأساسي التزامات بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.
2. سياسيًا:
• يشكّل القرار إدانة دولية أكاديمية تقوّض السردية الإسرائيلية بأن الحرب دفاعية.
• يزيد من عزلة إسرائيل على المستوى العالمي، ويُضعف قدرتها على تبرير سياساتها أمام حلفائها.
• يعزز حركات المقاطعة الدولية (BDS)، ويدفع باتجاه فرض عقوبات رسمية.
3. إنسانيًا:
• إبراز الطابع الممنهج للتجويع والتدمير يجعل من استمرار الصمت الدولي مشاركة في الجريمة.
• القرار يفتح الباب لمطالبة المنظمات الإنسانية والهيئات الدينيه علي اختلافهاوالنقابات بالضغط على الحكومات لوقف التواطؤ.

رابعًا: التوصيات

على مستوى الأمم المتحدة والدول:
1. تفعيل المادة 8 من اتفاقية منع الإبادة لإحالة الجرائم الإسرائيلية مباشرة إلى مجلس الأمن والجمعية العامة.
2. فرض عقوبات دولية شاملة تشمل حظر تصدير السلاح إلى إسرائيل (بموجب معاهدة تجارة الأسلحة).
3. الاعتراف القانوني بالإبادة الجماعية في غزة على المستوى الوطني من قِبل برلمانات الدول.
4. دعم مسار العدالة الانتقالية في فلسطين بما يضمن محاسبة الجناة وتعويض الضحايا.

على مستوى المحكمة الجنائية الدولية:
5. تسريع التحقيقات وتنفيذ مذكرات التوقيف الدولية ضد قادة إسرائيل.
6. حماية الشهود والضحايا وضمان تقديم الأدلة التي وثقتها المنظمات الدولية.

على مستوى المجتمع المدني الدولي:
7. تعزيز حملات المقاطعة BDS كوسيلة ضغط أخلاقية واقتصادية على إسرائيل.
8. تحريك الرأي العام عبر النقابات والجامعات والكنائس للضغط على الحكومات.
9. توسيع شبكة التوثيق المستقل للجرائم لتغذية الملفات القانونية بالأدلة

خامسًا: خاتمة

قرار IAGS يضع النقطة الفاصلة: لم يعد النقاش ما إذا كانت الجرائم في غزة إبادة جماعية أم لا، بل أصبح السؤال: متى وكيف سيُحاكم مرتكبوها؟
إن استمرار الجرائم تحت صمت دولي يُعد تقويضًا للنظام الدولي برمّته، ويكشف ازدواجية خطيرة في تطبيق القانون الدولي.
وعليه، فإن مسؤولية المجتمع الدولي ليست فقط قانونية، بل أخلاقية وحضارية، لإيقاف حرب الإبادة والتجويع الجارية في غزة، وضمان محاسبة إسرائيل على جرائمها بحق الإنسانية.

محاضر في جامعة الأزهر – غزة
عضو الأمانة العامة لاتحاد الاقتصاديين الفلسطينيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com