المطران عطا الله حنا: نحن على يقين بأن قوة الخير سوف تنتصر على قوة الشر 

انطلاقا من قيمنا الإنسانية والأخلاقية والروحية فإننا نرفض وبشكل مطلق لا يقبل النقاش وبأي شكل من الاشكال فيما يتعلق بمسألة استهداف المدنيين وعندما أقول المدنيين اقصد كل المدنيين ، فليست هنالك فئة من المدنيين التي يمكن قتلها واستهدافها وفئة أخرى لا يجوز قتلها او استهدافها فكل المدنيين دون ان نستثني احدا وكل انسان أيا كان دينه او معتقده لا يجوز التعدي على حياته بأي شكل من الاشكال.
فالبشر جميعا انما ينتمون الى اسرة بشرية واحدة خلقها الله وقد خلق الله الانسان لكي ينعم بالحياة والحرية وليس لكي يكون عائشا في ظل الحروب وثقافة الموت والإرهاب والقتل والانتقام .
نرفض مظاهر الإرهاب بكافة اشكالها والوانها ، والقضية الفلسطينية تحمل ابعادا أخلاقية فلا يمكننا ان ندافع عن اعدل قضية عرفها التاريخ الإنساني الحديث بوسائل غير أخلاقية حتى وان تخلى عدونا عن اخلاقه وانسانيته فهذا لا يجوز على الاطلاق ان يجعلنا نتخلى عن انسانيتنا وعن قيمنا وعن اخلاقنا .
ان الجريمة الأكبر ترتكب اليوم في غزة واي محاولات لحرف البوصلة عما يحدث في غزة سوف تفشل ، ففي غزة ترتكب اكبر جريمة مروعة في التاريخ البشري الحديث واهل غزة يدفعون فاتورة باهظة لحرب ظالمة فرضت عليهم .
لقد تحفظنا ورفضنا ما حدث يوم ال7 من أكتوبر انطلاقا من مبادئنا وقيمنا الإنسانية والروحية والتي لا يجوز ان يكون فيها ازدواجية معايير فلا يوجد هنالك انسان حلال قتله وانسان حرام قتله ، فكل البشر لا يجوز قتلهم واستهدافهم على الاطلاق.
كنا نتمنى الا يحدث ما حدث يوم ال7 من أكتوبر والذي استعمل بعدئذ كذريعة لاحداث كل هذا الدمار في غزة وكذلك في الضفة وفي غيرها من الأقطار العربية الشقيقة لا بل يبدو ان المخططات تسير على قدم وساق لرسم خارطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط وكان يخطط لهذا منذ زمن بعيد ولكن الذريعة التي عجلت هذا المخطط هو ما حدث يوم ال7 من أكتوبر .
لست محللا سياسيا او عسكريا فأنا اكتب انطلاقا من رسالتي الروحية والإنسانية ومحبتي لشعبي وارضي وتمنياتي بأن يعيش هذا الشعب في أوضاع افضل .
الفلسطينيون بحاجة الى ترتيب أوضاعهم الداخلية وتصويب اخطاءهم لكي يكونوا جسدا واحدا فوجود أحزاب وتعددية فكرية او فصائلية لا يجوز ان يكون حائلا امام الوحدة والتعاضد والتفاهم لا سيما ان القضية كلها في خطر وكل الفلسطينيين في خطر ولا يستثنى من ذلك احد على الاطلاق .
نمر في مرحلة فيها الكثير من التحديات والمؤامرات والمشاريع الهادفة لتصفية القضية وبأساليب معهودة وغير معهودة وقد كثر في الآونة الأخيرة عدد المحللين السياسيين عبر عدد من الفضائيات وكل واحد منهم يحلل وفق اجندة هذه القناة وما تريده والجهة السياسية التي تقف خلفها .
لقد توقفت من المشاركة في كثير من القنوات والتي تحمل اجندات لا يمكن قبولها بأي شكل من الاشكال فنحن لسنا في جيب احد ولا يمولنا احد ولا نسمح لاحد بأن يوجهنا وان يقول لنا ماذا يجب ان نفعل وماذا يجب ان نقول .
نحن أحرارا كنا وهكذا سنبقى وما نقوله انما يأتي من باب الحرص على مصلحة شعبنا (حتى وان لم يعجب البعض) فما نحتاجه في هذه المرحلة هو العمل من اجل مصلحة شعبنا وتصويب البوصلة في الاتجاه الصحيح .
يجب ان نتوحد كلنا في هذه الأوقات في المناداة بوقف حرب الإبادة فهذا هو الموضوع الأساسي وهذا هو الموضوع الأهم في هذه الأوقات العصيبة ، ولكن تبقى المسألة الجوهرية هي الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة هذه القضية التي يراد تصفيتها وانهاءها بشكل كلي فالفلسطينيون اليوم في مرحلة في غاية الخطورة ، أما ان يكونوا واما الا يكونوا، وهم باقون حتما وسوف يبقون رغما عن كل المؤامرات الهادفة لتصفية وجودهم وانهاء عدالة قضيتهم .
قضيتنا إضافة الى ابعادها السياسية هي قضية أخلاقية وإنسانية وهذه الابعاد الأخلاقية والإنسانية هي التي تحرك الاحرار في كل مكان والذين نقدر انسانيتهم ومبادئهم ومناداتهم بوقف حرب الإبادة وتحقيق امنيات وتطلعات شعبنا.
لا نقبل بأن يفرض علينا احد اجندته وافكاره فالانسانية عندنا لا تتجزأ وازدواجية المعايير ليست موجودة في قاموسنا كما نتمنى الا تكون عند الاخرين.
بانسانيتنا وبقيمنا وباخلاقنا وبوطنيتنا الحقة ورصانتنا وصدقنا نحن قادرون على ان ننتصر على هذه الشرور المستشرية.
نداءنا سيبقى دائما بضرورة ان تتوقف الحرب وان يصار الى حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني لكي يعيش الفلسطينيون بحرية وسلام في وطنهم مثل باقي شعوب العالم .
نحن على يقين بأن قوة الخير سوف تنتصر على قوة الشر وفي النهاية سوف ينتصر الفلسطينيون لان قضيتهم هي الانبل والاعدل والتي لا يقدر احد ان يشطبها وان يلغي وجودها.

المطران عطا الله حنا 
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com