المطران عطا الله حنا: نطالب وننادي كافة المسيحيين في العالم بأن ينادوا بوقف حرب الابادة

لم أتمكن ولم احتمل ولو لمرة واحدة من سماع مقابلة او خطاب لسفير أمريكا في تل ابيب حيث ان كلامه استفزازي ومهين ومسيء للايمان المسيحي وانا على الصعيد الشخصي لا يمكنني ان استمع الى كلماته وخطاباته المليئة بالمغالطات التاريخية والروحية والإنسانية ويبدو ان اختياره لكي يكون سفيرا لامريكا في تل ابيب اتى بشكل متعمد وخاصة في هذه الحقبة التي يعيش فيها الفلسطينيون حرب الإبادة.
انه نصب نفسه متحدثا باسم المسيحية مبررا جرائم الاحتلال ومدعيا بأن ما يحدث هو صراع ما بين الحق والباطل وما بين الخير والشر ، ولكنه تناسى وتجاهل بأن الباطل والشر انما يتجسدان من خلال سياسات الاحتلال ومن يدعم هذه السياسة ويبررها.
أقول للسفير الأمريكي في تل ابيب بأنك لست مسيحيا ولا علاقة لك بالمسيحية ونحن نرفض ان تدعي بأنك مسيحي مبررا جرائم الاحتلال لان في هذا إساءة للقيم المسيحية التي كانت دوما نصيرة للمستضعفين والمظلومين والمتألمين .
ذهب لزيارة بلدة الطيبة التي يعتدي المستوطنين على كنائسها ومقابرها وسكانها ولم تمر ساعات على زيارته الا واطلق تصريحاته الاستفزازية ولم يتطرق اطلاقا لاعتداءات المستوطنين على هذه البلدة المسيحية الوادعة والمسالمة .
وما اكثر امثاله في أمريكا حيث هنالك جماعات تدعي الانتماء للمسيحية وتدعي انها تدافع عن إسرائيل باسم المسيحية وتبرر جرائم إسرائيل باسم المسيحية فعن اية مسيحية يتحدثون والمسيحية هي ديانة الرحمة والإنسانية .
لا يكفي ان تقول بأنك مسيحي لكي تكون مسيحيا بالفعل ولا يمكن ان تكون مسيحيا وفي نفس الوقت داعما لإسرائيل ، ان تقول انك مسيحي داعم لإسرائيل وسياساتها وقمعها للفلسطينيين فهذا يجعلك في خانة معاداة المسيحية وقيمها .
نتمنى الهداية لهؤلاء الضالين التائهين الذين يشوهون الكتاب المقدس ويفسرونه كما يحلو لهم .
وقد اوضحنا في وثيقة الكايروس الفلسطينية بأننا نرفض التفسيرات الصهيونية السياسية للعهد القديم ، فالعهد القديم يتحدث عن حقبة ما قبل مجيء السيد المسيح والتي فيها كانت الخطايا والاثام منتشرة في كل مكان ، أما العهد الجديد فيحدثنا عن رسالة السيد المسيح ومجيئه الى العالم ناشرا قيم المحبة والاخوة والسلام .
لا نلتفت الى العهد القديم بمعزل عن العهد الجديد ولا نفسر العهد القديم بمعزل عن العهد الجديد عهد المجيء والخلاص والبركة والنعمة .
ان من يتمسكون بالعهد القديم ويتجاهلون العهد الجديد انما هم ليسوا مسيحيين على الاطلاق وكلماتهم وخطاباتهم انما تتناقض والقيم المسيحية .
نحن هنا لسنا بصدد ادانة احد ولكننا نرفض بأن يسيء احد للمسيحية بطريقة مباشرة او غير مباشرة ومن يؤيدون حرب الإبادة واستهداف الشعب الفلسطيني المظلوم لا يمكن وصفهم بأنهم مسيحيون على الاطلاق .
يبدو اننا امام ظاهرة المسيحيين المزيفين والذين يصفهم الكتاب المقدس بالكتبة والفريسيين .
ان تكون مسيحيا هذا يعني انك يجب ان تكون متحليا بالقيم والإنسانية والتواضع والصدق وان تنادي بالسلام والعدالة والرحمة.
يا أيها المسيحيون الحقيقيون في العالم ارفعوا صوتكم عاليا منادين بوقف حرب الإبادة وتحقيق السلام الحقيقي الذي يبنى على العدالة واحترام حقوق الانسان ورفع الظلم عن المظلومين .
يا أيها المسيحيون في العالم لا تسمحوا لاحد بأن يخطف الخطاب المسيحي وان يدعي بأنه يتحدث بإسم المسيحية وكلماته وخطاباته مليئة بالمغالطات .
ان السفير الأمريكي في تل ابيب هو عينة عن هذه الظاهرة التي اتحدث عنها فخطاباته وكلماته استفزازية الى ابعد الحدود وهو يلبس ثوبا يدعي انه ثوب مسيحي ولكنه في الواقع قلبه وداخله وخارجه مليء بالمعاداة والكراهية لشعبنا والذي ما يطلبه ليس بالشيء المستحيل بل ينادي بأن يعيش بحرية وكرامة وسلام في ارضه وفي وطنه .
يجب ان يعرف المسيحيون في العالم بأن هنالك من يسيء لمسيحيتهم باسم المسيحية وهنا يكمن الخطر فعندما يكون العدو من الداخل يكون اخطر من العدو الذي من الخارج .
كم نحن بحاجة الى الصدق والاستقامة وإبراز قيم الايمان المسيحي القويم في هذا الزمن الذي كثر فيه من يخاطبوننا باسم المسيحية والمسيحية منهم براء .
ان تكون مسيحيا حقيقيا هذا يعني انك يجب ان تطالب بوقف حرب الإبادة وكل الحروب في العالم لان المسيحية ترفض الحروب والعنف وترفض امتهان حرية وكرامة الانسان .
فلا يوجد هنالك انسان يستحق الحياة وانسان لا يستحق الحياة فكل البشر يستحقون الحياة ، كما انه لا يوجد هنالك شعب مختار فكل الشعوب مختارة ومدعوة لكي تدافع عن الحق والصدق والاستقامة وتنادي بوقف الحرب والابادة .
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
القدس 20/9/2025