نبض الحياة.. مثالب خطة ترمب.. عمر حلمي الغو

مما لا شك فيه، أن أي خطة أو صفقة تبرم بموافقة جميع الأطراف وتؤمن وقفا تاما ودائما للحرب في قطاع غزة خصوصا والوطن الفلسطيني عموما مرحب بها. لأن هدف وقف الإبادة الجماعية الإسرائيلية على أبناء الشعب في القطاع أولوية قصوى، وكذا وقف التهجير القسري للمواطنين من مدنهم ومخيماتهم، وتأمين ادخال المساعدات الإنسانية دون شروط أو قيود ومن كافة المعابر، والشروع بإعادة الاعمار وفق الخطة العربية الإسلامية المنسقة مع الحكومة الفلسطينية تحتل مكانة مركزية في الأجندة الوطنية.
لكن خطة الرئيس دونالد ترمب المنشورة في وسائل الاعلام المختلفة والمكونة من 21 نقطة، التي رحب بها الزعماء العرب والمسلمين الذين التقوا بالرئيس الأميركي الثلاثاء الماضي في نيويورك 23 أيلول / سبتمبر الحالي، صرح بعضهم انها تحتاج الى إعادة نظر في عدد من النقاط الملتبسة وغير المفصلة، والحقيقة ان العديد منها يتطلب مراجعة وتدقيق، وتغيير كامل، لتكن الخطة مقبولة وتخدم بلوغ هدف السلام وتجسيد خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وتنهي التطرف والإرهاب وجرائم الحرب والابادة الإسرائيلية، ومنها:
أولا عدم تبني الخطة العربية الإسلامية التي قررتها القمم المشتركة لهم، وكان من بين أولوياتها بعد وقف الحرب فورا وبشكل دائم، وانسحاب حركة حماس من المشهد السياسي بعد تسليم سلاحها لأجهزة الامن الفلسطينية أو لمصر الشقيقة، تولي منظمة التحرير والدولة الفلسطينية وحكومتها الولاية السياسية والقانونية والإدارية بشكل كامل على قطاع غزة، وعدم الفصل بين القطاع والضفة الغربية بما فيها وعلى رأسها القدس الشرقية العاصمة الفلسطينية..
ثانيا قبلت القيادة الفلسطينية بالاتفاق مع الاشقاء العرب والدول الإسلامية وجود إدارة فلسطينية مؤقتة لمدة لا تزيد عن 6 أشهر، وتكون على تماس مع الحكومة الفلسطينية، بحيث يتولاها وزير من الحكومة مع شخصيات تكنوقراطية مستقلة من أبناء القطاع. الا ان الخطة قفزت عن ذلك، وطالبت بتشكيل إدارة دولية عربية مطعمة بشخصية فلسطينية مرتبط بالحكومة، وهذه الإدارة مقترح استمرارها من 3 الى 5 سنوات برئاسة مندوب سامي بريطاني، هو توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، المعروف بانحيازه لدولة الإبادة الجماعية الإسرائيلية. فضلا عن ان المدة الزمنية المقترحة تعيدنا مجددا للمرحلة الانتقالية التي حددتها اتفاقية أوسلو 1993، بالتالي لا ضمانة لانتهاء ولاية هذه الإدارة.
ثالثا لم تحدد الخطة بشكل واضح الفترة الزمنية المحددة لانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وتركت الباب مفتوحا على الغارب لتقرر الحكومة الإسرائيلية الفترة التي تريدها. كما لم تحسم الخطة، رغم ذكرها عنوان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، ما إذا كانت إسرائيل ستبقي لها نقاط ارتكاز اسوة بما حصل في جنوب لبنان بعد اتفاق اللجنة الخماسية على انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، ومازال لبنان الشقيق حتى الان يدفع ثمنا غاليا وكبيرا من دم أبنائه نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، أضف الى ان النقاط الخمس باتت الان نحو 20 نقطة!
رابعا ما هي الضمانات لانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع؟ وهل الدول العربية والإسلامية تستطيع ان تضمن عدم عودة إسرائيل للإبادة الجماعية بعد الافراج عن الرهائن الإسرائيليين؟ وهل بالأساس يمكن للدول الشقيقة والإسلامية ان تضمن سلامة أراضيها ذاتها؟ وحتى لو “تعهد” ترمب وادارته بذلك، هل يمكن ان يضمن أولا بقائه في الحكم؟ وما هي ضمانة تعهداته؟ هل تتبناها الإدارات القادمة، وتلتزم بها؟ الم تتعهد العديد من الإدارات الأميركية السابقة للقيادة الفلسطينية بدعم خيار حل الدولتين، ونقضها ترمب نفسه منذ ولايته الاولى، وانقلب عليها، ومازال غير ملتزم بها؟
خامسا لماذا لم تتضمن الخطة التزاما واضحا من الإدارة الجمهورية بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967؟ ولماذا لم تتضمن الخطة اعترافا بالدولة الفلسطينية من قبل الإدارة الاميركية؟ وهل ما ورد في الخطة بعودة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين يكفي؟ وما هي حدود الدولة الفلسطينية التي وردت بشكل خجول في الخطة؟ وما هو المسار نحو الدولة الفلسطينية؟ لماذا لم يتم التأكيد على عقد المؤتمر الدولي للسلام لتنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وقرار مجلس الامن الدولي 2334؟ وهل المسار الوارد في الخطة ملزم أم وهمي لذر الرماد في العيون العربية والإسلامية والفلسطينية؟ وهل في الحكومة الإسرائيلية الحالية او من سيعقبها من حكومات سيلتزم بخيار الدولتين على حدود يونيو 1967؟
سابعا لماذا لم يطلب من إسرائيل الانسحاب من مخيمات جنين وطولكرم، وتفكيك البوابات المنتشرة كالفطر ويزيد عددها عن 900، وضمان حرية الحركة للفلسطينيين؟ ولماذا لم يطلب وقف الاستيطان الاستعماري بشكل كامل، وتفكيك المستعمرات الإسرائيلية المقامة بعد عام 2000 كمقدمة للمؤتمر الدولي للسلام؟ ولماذا لم تنص الخطة على إعادة أموال المقاصة بشكل كامل للحكومة الفلسطينية، ووقف هذا الاجراء كليا؟
سادسا لماذا لم يحدد بشكل واضح الافراج الكلي عن أسرى الحرية الفلسطينيين؟ وغيرها من النقاط الواردة تحتاج الى التنقيح والتغيير بما يخدم وقف التطرف والإرهاب الصهيوني.
بالنتيجة على أهمية ما تضمنته الخطة من وقف الإبادة فورا، ورفض التهجير القسري وإدخال المساعدات الإنسانية كافة وإعادة الاعمار، الا ان الخطة تتطلب مراجعة جادة، إن كانت إدارة ترمب معنية ببلوغ خيار السلام.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
نبض الحياة
ملامح خطة على النار
عمر حلمي الغول
مدارس وفرق الغرب الامبريالي وامتداداته الاستعمارية بكل منهاجها وتبايناتها تتسم بالتخطيط والاعداد المسبق لخططها لتحقيق أهدافها، وتضع لها مجموعة من السيناريوهات المختلفة لتفادي أية ارباكات، في حال تعثر السيناريو (أ)، يكون السيناريو (ب) وحتى (ج) جاهز لمواصلة الخطة، ليس هذا فحسب، بل إنها تتمتع بالديناميكية والحيوية لتعديل خططها في حال بروز تطورات غير محسوبة أو طارئة نتيجة تحولات جيوسياسية أو أمنية، مع التأكيد على نقطة هامة، تضع في حسابها أن خططها قد تفشل، وتنقلب رأسا على عقب، لاعتبارات ذاتية وموضوعية، فتلغي الخطط الفاشلة وتنتقل لخطط جديدة.
وكون إسرائيل جزء من المنظومة الغربية، فإنها تعتمد ذات المنهجية بالتكامل مع سادتها في الغرب. لا سيما وان الأهداف بالمحصلة واحدة، حتى لو برزت تباينات هنا وهناك بين الاجتهادات المختلفة، ونموذج الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني الذي بدأ تنفيذه بعد 7 تشرين اول / أكتوبر 2023 في قطاع غزة وعموم الوطن، ليس استثناءً ولا يخرج عن المبدأ الناظم لفلسفة ومنهجية خطط الغرب، ولا أضيف جديدا، إذا أعدت التأكيد على هدف المشروع الصهيوني الكولونيالي التاريخي المستند الى شعار وهدف الحركة الصهيونية المركزي “ارض بلا شعب، لشعب بلا أرض”، الذي يصب في مصلحة الغرب الامبريالي الاستراتيجية الجيوسياسية والاقتصادية واللاهوتية.
وعلى مدار عقود الصراع الطويلة تغيرت الخطط وسيناريوهاتها مرات عدة بسبب فشلها، وتجربة العامين الماضيين من الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني شهدت الانتقال المتعدد من سيناريو لآخر: من السيوف الحديدية الى القيامة والمحرقة، وجدعون 1 وجدعون 2، وسقطت إدارة أميركية ديمقراطية وتولت إدارة جمهورية أخرى، وتغيرت السيناريوهات لتحقيق الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الاوسع والأخطر في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتحقيق الهدف الصهيو أميركي، ولكنها جميعا اصطدمت بتمسك الشعب الفلسطيني بترابه الوطني، رغم الكارثة والفاجعة الأعظم عليه، مما دفعهم للانتقال لخطة جديدة، ليست وليدة الامس، وانما وضعت ملامحها مع بداية الحرب القذرة التي جرى تحديثها في سياق دوامة الإبادة الوحشية.
واثناء لقاء الرئيس دونالد ترمب مع الزعماء والوزراء العرب والمسلمين في نيويورك يوم الثلاثاء الماضي 23 أيلول / سبتمبر على هامش انعقاد الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عرضها عليهم، وتتكون من 21 نقطة، قام موقع “أكسيوس” بنشر نقاطها الرئيسية الأربعاء الماضي: إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين ومقابلهم من أسرى الحرية الفلسطينيين؛ انسحاب إسرائيلي تدريجي من قطاع غزة بالكامل؛ خطة لليوم التالي للحرب، تتضمن آلية حكم في غزة بدون حماس؛ تشكيل قوة أمنية تضم فلسطينيين، بالإضافة الى جنود من دول عربية وإسلامية؛ تمويل عربي واسلامي للإدارة الجديدة في غزة ولإعادة اعمار القطاع؛ مشاركة محدودة من السلطة الفلسطينية؛ وغيرها من النقاط.
وأشارت مصادر عليمة الى ان الرئيس الأميركي وافق على عدة شروط طرحها القادة العرب لدعم خطته، منها: عدم ضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية أو غزة؛ لن تحتل إسرائيل أجزاء من غزة؛ لن تبني إسرائيل مستوطنات في غزة، ستتوقف إسرائيل عن تقويض الوضع الراهن في المسجد الأقصى؛ زيادة المساعدات الإنسانية بمشتقاتها كافة فورا.
وعلى إثر انفضاض الاجتماع مع الرئيس ال47، قال احد المسؤولين، خرجنا بآمال كبيرة، ولأول مرة نشعر ان هناك خطة جدية على الطاولة، وأكد المسؤول ان الرئيس ترمب يريد ان تنتهي الحرب، والتقدم بما يخدم مصالح المنطقة. وفي السياق صرح المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف يوم الأربعاء الماضي، إن الولايات المتحدة “متفائلة، بل واثقة من اننا سنتمكن خلال الأيام القادمة من الإعلان عن شكل ما من الإنفراجة” بالحرب في غزة، وفق موقع “رويترز” وهذا ما أكده مباشرة فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي في لقاء مع إحدى القنوات الفضائية الأميركية، كما أشار الرئيس رجب طيب اردوغان الرئيس التركي، بأنه ساهم في وضع بعض اللمسات على خطة صانع القرار في واشنطن. بالمثل أفاد أكثر من مسؤول عربي حضر الاجتماع، عن دعم القادة العرب والمسلمين للمبادئ الأميركية، والتزموا بالمشاركة في خطة ما بعد الحرب، وغادروا الاجتماع “متفائلين للغاية”.
لكن رغم “التفاؤل” العربي والإسلامي، مازال هناك اللاعب الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي سيلتقيه الرئيس دونالد ترمب يوم الاثنين القادم 29 سبتمبر الحالي لمناقشة الخطة في البيت الأبيض لكسب دعمه، وكان اتصل (ترمب) مع رئيس وزراء إسرائيل يوم الأربعاء الماضي وطرح عليه الأفكار التي تضمنتها خطته، كما التقاه كل من ويتكوف وكوشنير صهر ترمب لذات الغرض في ذات اليوم في مقر اقامته في نيويورك، كما ان المسؤولين الإسرائيليين أشاروا الى ان نتنياهو ملم بالمبادئ الأميركية، ومع ذلك لم ترشح أية معلومات محددة بشأن موقفه من المبادئ الأميركية. غير ان صاحب القول الفصل هو الرئيس الأميركي، رغم تأكيد ترمب في مؤتمر صحفي انه لن يسمح بضم الضفة الغربية حتى لو حصل تضاد في المواقف مع نتنياهو، تبقى الخطة الموضوعة على النار تغلي حتى الان دون ان تتحدد معالمها بشكل نهائي، فضلا عن أن بعض المسؤولين العرب، قالوا انها بحاجة الى المزيد من الصقل، مما يتطلب الانتظار لحين تبلورها بشكل نهائي، ونقف على الغث من السمين فيها. لكن اعتقد أن الرئيس الأميركي بدا مقتنعا بخطته، وقد يدفع بها الى النور بعد اللقاء مع نتنياهو، وان غدِ لناظره قريب.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
نبض الحياة
اشرعة الاسطول لا تهزها الهجمات
عمر حلمي الغول
رغم الام وفواجع وكوارث الإبادة الجماعية والمجاعة والامراض الإسرائيلية الأميركية على الشعب العربي الفلسطيني، المستمرة منذ 719 يوما خلت على قطاع غزة، غير انها انتجت وطورت وعمقت اشكال التضامن مع القضية والدولة والمشروع الوطني، التي أسهمت في إحداث تحولات هامة في سياسات الأنظمة الغربية الامبريالية، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، ومن بين عناوين التضامن المتطورة انطلاق اسطول الصمود العالمي بقوام 44 سفينة من نحو 50 جنسية من دول العالم من ميناء بنزرت التونسي فجر 15 أيلول / سبتمبر الحالي متجهة الى قطاع غزة لرفع الحصار وايصال المساعدات الغذائية والدوائية للتخفيف من قيود الحصار الإسرائيلي القاتل المفروض على الشعب منذ 18 عاما وردا على مواصلة توجه الاسطول نحو شواطئ القطاع، أصدرت الخارجية الإسرائيلية بيانا، جاء فيه، إن تل ابيب “لن تسمح للأسطول المتجه الى غزة بخرق الحصار البحري، أو دخول منطقة قتالية نشطة”، معتبرة ان تنظيم الرحلة يخدم أغراض حركة حماس، وان السماح للسفن بالدخول يشكل خرقا للقانون وشروط الأمن.”
في حين أن الهدف الإسرائيلي الحقيقي حرمان الأطفال والنساء والشيوخ الجوعى والمرضى من دعم المتضامنين الامميين، وتعميق الإبادة الوحشية، وتضييق الخناق على حركة التضامن العالمية عموما واسطول الصمود العالمي وغيره من الاساطيل البحرية خصوصا، بذريعة انه “يخدم حركة حماس”، الذريعة التي لم تعد تنطلي على أحد. لأن المستهدف هو الشعب الذي ينزف دما ويموت جوعا، وتفتك به الامراض والاوبئة، ويتساقط جرحاه يوميا وكل ساعة بسبب نقص الادوية وفقدان المستلزمات الطبية الضرورية لمعالجة جراحهم.
ومع ذلك لم يذعن قادة الاسطول واعضائه للبيان الإسرائيلي، ومازالوا مصممين على مواصلة توجههم لشواطئ القطاع، رغم الهجمات الإسرائيلية المتكررة على سفن الاسطول قبل الإبحار وحتى الان اثناء ابحاره، وبالأمس الأربعاء 24 أيلول / سبتمبر تعرضت سفن الاسطول العالمي ل 13 هجوما، والقت المسيرات الإسرائيلية اجساما مجهولة على 10 قوارب تسببت في اضرار عليها، كما تتعرض قواربه لتشويش واسع على الاتصالات، فيما بينها، وبين الاساطيل الأخرى التي ستلتحق به خلال أيام، ومع الانصار في البر العربي والاوروبي والعالمي، حيث أفاد القائمون على الاسطول بتحليق أكثر من 15 مسيرة فوق قارب “الما” خلال 24 ساعة.
وأشارت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة الى تعرض سفينتي “يولارا” و”أوهوايلا” لإطلاق مقذوفات قابلة للاشتعال، فيما سمع دوي انفجار قوي يرجح أن يكون قنبلة صوتية بالقرب من سفينة “دير ياسين”. وشددت اللجنة على ان إسرائيل تشن حملة تضليل لتبرير هجوم عسكري محتمل على السفن، معتبرة أن أي اعتداء على القافلة الإنسانية جريمة حرب وانتهاك للقانون الدولي.
وفي خطوة لتوسيع عملية التضامن البحرية الأهم والاكبر في تاريخ التضامن الإنساني، أعلنت اللجنة الدولية لكسر الحصار أول أمس الثلاثاء 23 سبتمبر، عن توسيع القافلة بالتحاق سفن جديدة يفترض ان تنطلق يوم السبت 27 سبتمبر من ميناء سان جيوفاني لي كوني الإيطالي لكسر الحصار على الفلسطينيين في القطاع. وأضافت اللجنة على منصة “إكس” أن “هذه المجموعة الجديدة من السفن التي لم تحدد عددها، تمت بتنظيم مشترك بين ائتلاف اسطول الحرية ومبادرة اسطول “ألف مادلين نحو غزة”،
ومبادرة “ألف مادلين” هي “تحالف دولي مدني مستقل من متطوعين ونشطاء وعاملين في المجال الإنساني، يهدف لتنظيم اسطول بحري سلمي مكون من ألف سفينة لكسر الحصار وتقديم المساعدات والتوعية والتضامن مع غزة”، وفق موقعها الاليكتروني. وسميت المبادرة بهذا الاسم تكريما لمادلين كلوب أول صيادة فلسطينية في غزة، ولسفينة “مادلين” التي حاولت الوصول الى عزة في حزيران / يونيو الماضي، لكن السلطات الإسرائيلية منعتها.
هذه التجربة العالمية الإنسانية السلمية الرائدة تشكل أحد أوجه التضامن الاممي الهامة والنوعية، والتي تعكس أكثر من بعد مهم، أولا كونها النموذج العالمي الأول من هذا الطراز؛ ثانيا أنها الأكبر عالميا؛ ثالثا اتساع حملة التضامن العالمية، وابداع حركة التضامن الإنسانية في اشتقاق أساليب واشكال نوعية ومتطورة لوقف الإبادة الوحشية على أبناء الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا، التي هزت الضمير العالمي، وحشرت دولة إسرائيل اللقيطة والمارقة في الزاوية، وزادت من عزلتها العالمية، واستقطبت ملايين البشر من اصقاع الأرض للتضامن مع فلسطين وشعبها المنكوب بالإبادة الإسرائيلية، وانتصرت للسردية الفلسطينية، التي هزمت الرواية الصهيونية الإسرائيلية الكاذبة والمفضوحة.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
نبض الحياة
خطاب تبرئة القاتل والتلفيق
عمر حلمي الغول
بدأت أمس الثلاثاء 23 أيلول/ سبتمبر 2025 أعمال الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان أول المتحدثين رئيس دولة المقر، الولايات المتحدة الأميركية الذي شابه الكثير من التلفيق وعدم الدقة ومجافاة الحقيقة في الملفات المختلفة، وزعم انه يسعى لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، وحمل المسؤولية لحركة حماس التي رفضت بشكل متكرر العروض كافة، ولست بصدد تبرئة حركة حماس من المسؤولية عن إطالة أمد الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، غير انه لم ينطق بكلمة واحدة عن دور إدارته وإدارة سلفه جو بايدن ودور دولة الإبادة الإسرائيلية في إدامتها وتوحشها وفظاعتها على المواطنين في غزة، وتعطيله شخصيا مع حليفه حاكم اسرائيل القاتل ومجرم الحرب، الصادر بحقه مذكرة اعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية مع وزير دفاعه السابق العام الماضي 2024، وهو ما يكشف بوضوح إغماض عينه عن الحقائق، لا بل وطمسها، لأنه يريد تبرئة ادارته وشخصه وحكومة إسرائيل القائمة بالاستعمار والابادة والتطهير العرقي على مدار 58 عاما، وإغلاقها منافذ السلام كافة قبل التوقيع على اتفاقيات أوسلو 1993 وبعدها، ومازالت على مدار العامين الماضيين من الإبادة الجماعية تضع العصي في دواليب المبادرات والصفقات المتعاقبة والمقترحة من قبل الولايات المتحدة الأميركية نفسها، باستثناء صفقة كانون ثاني / يناير 2025،
فضلا عن ذلك، هل سأل الرئيس الأميركي دونالد ترمب نفسه لمرة واحدة، من يريد تحقيق وقف الحرب والابادة على الشعب الفلسطيني، هل يجوز له ارسال صفقات الأسلحة الفتاكة والمدمرة بما فيها التي حظرت ارسالها إدارة سلفه الديمقراطي وخاصة القنابل زنة 2000 رطل والقنابل المخترقة التحصينات للدولة الإسرائيلية القائمة بالحرب والاستعمار؟ وهل من المنطقي تمويل حكومة بنيامين نتنياهو بعشرات المليارات من الدولارات لمواصلة الإبادة على الشعب الفلسطيني؟ والاهم كيف يستقيم السعي لوقف الحرب وتحقيق السلام في الوقت الذي نادى به الرئيس ال47 نفسه بطرد سكان قطاع غزة منه لإقامة “ريفييرا الشرق”؟ وهل من الواقع التركيز على الافراج عن الرهائن الإسرائيليين دون ربط ذلك بالإفراج عن أسرى الحرية الفلسطينيين جميعا؟ وهل من المشروعية ملاحقة ومعاقبة قضاة محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنائية الدولية لاتخاذهم مواقف وقرارات تستقيم مع الأنظمة واللوائح وقوانين المحاكم الدولية ضد دولة الإبادة الإسرائيلية وقادتها، وحرصت ان تكيل بمكيال تلك المعايير التي طبقتها على دول وقادة آخرين من العالم، ومنهم فلاديمير بوتين، رئيس روسيا الاتحادية وغيره؟ وما هو الأساس القانوني والأخلاقي الذي ترتكز عليه إدارته لملاحقة الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية، وتحاول ان تبخس باعترافاتها؟ ولماذا تلاحق ادارته الجمهورية القيادة الفلسطينية وتفرض عليها العقوبات لأنها تدافع عن حق شعبها في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة، وتسعى لرفع مكانتها في هيئة الأمم المتحدة؟ ولماذا تلاحق المنظمات الأممية وخاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا”، وتعمل على طمس وتبديد وشطب ملف اللاجئين، أحد ملفات الصراع التاريخية الاساسية؟ وكيف يمكن التوفيق بين دعم واسناد اركان الإدارة الأميركية للاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الضفة الفلسطينية وقرصنة حكومة الائتلاف على أموال المقاصة الفلسطينية، وبين الدعوة لبناء جسور السلام الممكن والمقبول؟
هل كل ما تقدم من أسئلة يتوافق مع السعي لوقف الإبادة الجماعية، أم أنه يوأججها؟ ومن الذي لم يستخدم نفوذه لوقف الحرب على القطاع وفي الضفة الغربية؟ ألست انت من يملك أوراق القوة كافة في وقفها وباتصال هاتفي منك لمأجورك وخادم ادارتك نتنياهو؟ وماذا تنتظر لوقف الحرب؟ اتريد ان تستمر وتتواصل الحرب حتى يفنى الشعب الفلسطيني ويطرد الباقي في عملية تهجير قسري، حتى تقيم “ريفييرا” على شواطئ غزة، وتنهب النفط والغاز، وتتاجر بالعقارات على سواحلها؟ والم يتم التوافق قبل قصف العاصمة القطرية الدوحة قبل أسبوعين على تبادل الرهائن كافة مع عدد مناظر من أسرى الحرية الفلسطينيين؟ من الذي عطل ذلك؟ أليس نتنياهو وسموتريش وبن غفير واقرانهم من الائتلاف، لأنه يريدون “تحقيق النصر الكامل”، الذي لن يتحقق؟
الكرة سيد ترمب في مرماك، وانت وحدك القادر على وقف الحرب، إذا شئت. ولكنك تماطل وتسوف لإطالة أمدها، وتعطي أداتك الوظيفية الإسرائيلية المساحة الزمنية لإشباع نزعاتها النازية الدموية، لعلها تحقق لك مأربك واهدافك العقارية وتزيد نسبة ارباحك وارباح صهرك كوشنير.
واما حديثك عن “عصرك الذهبي” في الولايات المتحدة، فإن كل الوقائع في الداخل الأميركي تقول عكس ذلك، حيث تشهد ولايتك الثانية تعطيلا وتغولا على خصومك، وعلى حرية التعبير والديمقراطية الأميركية، رغم تشوهاتها العديدة. أضف الى أنك من عطل دور هيئة الأمم المتحدة في تأدية مهامها، وعملت مع دولة إسرائيل اللقيطة على استباحتها عبر استخدامك حق النقض الفيتو ضد مشاريع القرارات المتعلقة بوقف الحرب على قطاع غزة، وانت من أدخل الاقتصاد الأميركي والعالمي في متاهة التخبط والارباك بفرضك الرسوم الجمركية المجنونة وغير المسبوقة على دول العالم قاطبة، ولم تستثني أحدا.. لذا خطابك كان لتبرئة ساحتك وساحة نتنياهو واقرانه في حكومة الائتلاف الإسرائيلية النازية، وملئ بالتلفيق والتضليل.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
نبض الحياة
الاعترافات بالدولة والافق المفتوح
عمر حلمي الغول
ساعات حاسمة في مسار القضية والدولة الفلسطينية، حيث شهدت تطورات ديبلوماسية وسياسية نوعية نحو ولوج منعطف هام في ارتقاء العديد من الدول الغربية المركزية خطوة الى الامام في تحمل مسؤولياتها تجاه الحقوق السياسية والقانونية الفلسطينية، رغم تأخرها ما يزيد عن 75 عاما، وينطبق عليها المثل الشعبي “أن تأتي متأخرا، خير من ان لا تأتي”، ولم يكن لها أن تأتي الا بفضل صمود وتجذر الشعب العربي الفلسطيني على ترابه الوطني، ودفاعه المستميت عن حقوقه في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة، ومع مواصلة دولة إسرائيل اللقيطة الإبادة الجماعية على مدار 718 يوما، التي أودت بحياة مئات الالاف من الأطفال والنساء والشيوخ والابرياء عموما من أبناء الشعب، ودمرت نحو 90% من الوحدات السكانية والمؤسسات والمرافق العامة والمستشفيات والمعابد الإسلامية والمسيحية والبنى التحتية في قطاع غزة ومدن ومحافظات الوطن المختلفة.
بين أول أمس الاحد وأمس الاثنين 21 و22 أيلول / سبتمبر الحالي (2025) أعلنت العديد من الدول الوازنة اعترافها بالدولة الفلسطينية، وهي بريطانيا، كندا، استراليا، البرتغال، فرنسا، بلجيكا، لوكسمبورغ، نيوزيلندا، مالطا، بأندورا وسان مارينو، وهي خطوة ضرورية وهامة، وتحمل في طياتها دلالات سياسية وديبلوماسية وقانونية واقتصادية إيجابية. لا سيما وان بين الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية ذات ثقل ووازنة، فمن بينها دولتين عضوتين دائمتين في مجلس الامن الدولي، كما ان المملكة المتحدة هي صاحبة وعد بلفور المشؤوم الصادر في تشرين ثاني / نوفمبر 1917، ولهذا الاعتراف أهمية خاصة لجهة الالتزامات المستحقة عليها تجاه الشعب والدولة والقضية الفلسطينية تاريخيا، فضلا عن الاعتذار التاريخي للشعب الفلسطيني عن نكبته واثقالها التي القت بها على كاهله، كونها المساهم الرئيس في تبديد وضياع حقوقه ومصالحه الحيوية السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والسيكولوجية على مدار العقود الماضية من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ومن اهم الإنجازات التي ستنجم عن الاعترافات الحالية هي: أولا من حيث الكم، ارتفع عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية الى 160 دولة، وهذا العدد يتجاوز عدد الدول المعترفة بالدولة الإسرائيلية؛ ثانيا تعزيز مكانة الدولة الفلسطينية دوليا؛ ثالثا الاسهام برفع مكانة دولة فلسطين لدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، رغم عصا واشنطن الغليظة حتى الان، أي الفيتو الأميركي؛ رابعا إعطاء زخم سياسي وديبلوماسي قوي لعملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967؛ خامسا زيادة عزلة الدولة الإسرائيلية بفعل الإبادة الجماعية والمجاعة القاتلة التي تفرضها على أبناء الشعب في القطاع؛ سادسا زيادة الدعم المالي والاقتصادي واللوجستي للدولة الفلسطينية؛ سابعا تثبيت وتكريس الحقوق السياسية والقانونية الفلسطينية أكثر من المراحل السابقة، لما للدول المعترفة من مكانة هامة في صناعة القرار الدولي، وغيرها من الإنجازات التي قد يكون فاتني تسليط الضوء عليها.
كما ان أهمية الاعترافات الدولية الجديدة، تكمن في ان الدول المعترفة جلها من الدول الامبريالية الغربية التي ساهمت ودعمت قيام الدولة الإسرائيلية المارقة والخارجة على القانون، وهي التي لعبت دورا خطيرا خلال العقود الماضية في تغييب مكانة الدولة الفلسطينية، وسعت مع غيرها من الدول لطمس القضية والحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، وبالتالي يأتي اعترافها الان في لحظة حاسمة وخطيرة من الصراع نتاج تغول وبلطجة الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها إسرائيل على الشعب وحقوقه كافة، فضلا عن انتهاكاتها وجرائم حربها وابادتها الجماعية والتهجير القسري بهدف تعميق عملية التطهير العرقي الاوسع والأخطر على مستقبل الشعب واستقلال دولته وعملية السلام برمتها، التي تسعى لتبديدها كليا، وعليه فإن الموجة النوعية من الاعترافات ستشكل بالضرورة رافعة لعملية السلام، وكما كانت قضية الصراع من أساسها انتاج وصناعة القوى الغربية، وأصلت لنشوء وإقامة الدولة الإسرائيلية على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني، فإن اعتراف الدول الأوروبية والغربية الرأسمالية بالدولة الفلسطينية يعيد الاعتبار للدور الدولي في الاسهام المباشر باستقلال الدولة الفلسطينية، وحماية الشعب الفلسطيني من الإبادة الجماعية الوحشية.
من المؤكد ان حملة الاعترافات الجديدة والهامة خطت بالدولة الفلسطينية خطوة متقدمة نحو انبلاج فجرها وشمسها، وباتت على مرمى حجر، رغم كل التعقيدات والصعوبات الأميركية والإسرائيلية، لكن صيرورة التطورات الجارية مع اتساع وتعاظم التضامن العالمي الأهلي والرسمي سيضاعف من الضغط على إسرائيل الاستعمارية، وسيؤثر في التحولات الإيجابية في الساحة الأميركية، التي انطلقت من داخل مجلسي الشيوخ والنواب مؤخرا، بالإضافة للرأي العام الأميركي المتنامي باضطراد لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ووقف ارسال الأسلحة بكل صنوفها لدولة الإبادة الجماعية الاسرائيلية، وهو ما سيحدث التغير النوعي المطلوب لاحقا في الولايات المتحدة الأميركية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
التحولات الإيجابية في اميركا
عمر حلمي الغول
بالتلازم مع اعلان عدد من الدول الغربية وعلى رأسها بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال وفرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ونيوزيلاندا وايسلندا وغيرها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بعضها اعترف رسميا أمس الاحد 21 أيلول / سبتمبر الحالي، وبعضها اليوم الاثنين ستعترف في مؤتمر نيويورك الدولي لدعم الاعتراف بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وإعطاء قوة دفع وزخم للدولة الفلسطينية وعملية السلام ووقف الإبادة الجماعية والمجاعة والامراض في قطاع غزة المتواصلة حتى الان منذ عامين خلت، بادرت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي يوم الخميس 18 سبتمبر الحالي (2025) بطرح أول مشروع قرار يحث على اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بدولة فلسطينية، في خطوة تعكس تطورا هاما في المؤسسة التشريعية الأميركية، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”
ويقود المبادرة النائب الديمقراطي جيف ميركلي عن ولاية أوريغون، الى جانب عدد من زملائه الديمقراطيين، رغم ان مشروع القرار قد يصطدم بعقبة النواب الجمهوريين في مجلس الشيوخ، لأنهم يتمتعون بأغلبية 53 صوتا مقابل 47 للديمقراطيين، الا ان صاحب المبادرة ميركلي واقرانه من الديمقراطيين لم يقفوا مكتوفي الايدي، وشرعوا في احداث اختراق في الاستعصاء الرسمي الأميركي، وقال ميركلي في بيان صحفي “تقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤولية القيادة، وحان وقت العمل”، وأضاف مشروع القرار يدعو الى اعتراف أميركي بدولة فلسطينية منزوعة السلاح تعيش جنبا الى جنب مع الاحتلال، بما يضمن أمن الطرفين، مشيرا الى ان ذلك من شأنه فتح الأفق للأمل ويعزز فرص السلام.
وفي مجلس النواب، بدأ النائب الديمقراطي رو خانا (كاليفورنيا) بتوزيع رسائل لحشد الدعم من اجل الاعتراف بدولة فلسطينية ضمن جهود تشريعية موازية. ويشارك في هذه المبادرة داخل مجلس الشيوخ عدد من المشرعين البارزين بينهم الديمقراطيين: كريس فان هولن (ماريلاند)، تيم كين (فيرجينيا)، بيتر ولش (فيرمونت)، تينا سميث (مينيسوتا)، تامي بالدوين (ويسكونسن)، ومازي هيرونو (هاواي)، ومعهم النائب بيرني ساندرز (فيرمونت) حليف الديمقراطيين.
وكان ساندرز صرح يوم الأربعاء الماضي 17 سبتمبر، بأن ما يجري في غزة يُعد “إبادة جماعية”، ليصبح اول سيناتور أميركي يستخدم هذا الوصف علنا. وجاء إعلانه مع صدور تقرير عن لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي خلص الى ان إسرائيل ترتكب اعمال إبادة جماعية في غزة. ووفقا لاستطلاع رأي أجرته وكالة “رويترز” بالتعاون مع “ايسوس” الشهر الماضي، فإن 58% من الاميركيين يؤيدون أن تعترف جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بدولة فلسطين. وهو ما يعكس التحول الإيجابي والانزياح الواضح في الرأي العام الأميركي لصالح الاعتراف بدولة فلسطين.
وعلى صعيد آخر، صوت التجمع التقدمي في الكونغرس الأميركي، أحد أكبر التكتلات البرلمانية في الولايات المتحدة، لأول مرة في خطوة تاريخية على تأييد تشريع يهدف الى وقف نقل الأسلحة الأميركية الى إسرائيل. ويأتي هذا التحرك بعد ان أعلن التجمع، الذي يضم ما يقرب من 100 عضو في مجلس النواب، دعمه لمشروع قانون “حظر القنابل (Block the Bombs Act)، ويقضي المشروع بوقف شحنات القنابل الخارقة للتحصينات، والقنابل زنة الفي رطل، وذخائر التوجيه المباشر المشترك (JDAMs)، وذخائر الدبابات عيار 120 ملم، وقذائف المدفعية عيار 155 ملم، وذلك الى حين توقف إسرائيل عن انتهاكات حقوق الانسان.
وصرح رئيس التجمع النائب غريغ كاسار في بيان نشرته منصة “Zeteo” الإعلامية الأميركية إن “الولايات المتحدة لا يمكن ان تستمر في ارسال قنابل تعلم انها ستستخدم في ارتكاب فظائع مروعة في غزة.” ويقود مشروع القانون النائب ديليا راميريز عن ولاية الينوي، حيث يركز على أكثر أنظمة الأسلحة المستخدمة في غزة، وأوضحت راميريز أن “قانون حظر القنابل يمثل الخطوة الأولى نحو الرقابة والمساءلة عن قتل الأطفال باستخدام أسلحة أميركية الصنع وممولة من أموال دافعي الضرائب، وفي مواجهة استبدادين ينفذون حملة إبادة جماعية، فإن حظر القنابل هو الحد الأدنى من الإجراءات التي يجب على الكونغرس اتخاذها.”
هذه المؤشرات وغيرها من الحراك الطلابي والرأي العام الأميركي في مختلف الولايات الأميركية تعكس الارهاصات المتدحرجة الإيجابية، وتسهم بشكل مباشر في تنامي القوى الضاغطة على الإدارة الافنجليكانية برئاسة دونالد ترمب لمراجعة مواقفها الخطيرة التي تزعزع الاستقرار والسلم والامن الدولي وفي الداخل الأميركي. لا سيما وان أموال الدعم لإسرائيل والأسلحة المرسلة لها من مختلف الصنوف الفتاكة والقاتلة للأطفال والنساء في فلسطين عموما وقطعا غزة خصوصا وسوريا ولبنان واليمن وقطر، جميعها تدفع من أموال دافعي الضرائب الاميركيين، مما يترك اثارا سلبية على الساحة الأميركية، وتهدد السلم الأهلي، وتعزل البناء الفوقي عن البناء التحتي، وكذلك على الساحة الدولية، حيث تواجه واشنطن انعزالا واضحا الى جنب ربيبتها اللقيطة إسرائيل، رغم قوة وغطرسة الإدارة الأميركية على العالم كله، فالقوة وحدها لا تساوي شيئا، بل تكون عارا وعبئا على من يستخدمها ويرسلها للنازيين في إسرائيل، في ظل الغالبية الدولية التي أخذت في الاعتراف بالدولة الفلسطينية والمطالبة بوقف الإبادة الجماعية والمجاعة الكارثية على الشعب الفلسطيني، التي ارقت وادمت قلوب شعوب الأرض بما في ذلك الشعب الأميركي ذاته.
مؤكد التحول الإيجابي الآخذ في التطور، مازال بحاجة الى مزيد من الجهود وتعاظم الفعل لإحداث النقلة النوعية المرتجاة في الولايات المتحدة، ولكن قطار التحولات انطلق من محطته الأولى ويسير بخطى جادة نحو المحطات الأكثر إيجابية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com