نبض الحياة.. أبرز عقبات تنفيذ الخطة.. عمر حلمي الغول

قبل وبعد مصادقة حكومة الائتلاف الإسرائيلي ليل أول أمس الخميس 9 تشرين اول / أكتوبر على خطة الرئيس دونالد ترمب، والشروع بتنفيذ المرحلة الأولى منها أمس الجمعة، أُثير سؤال من قبل العديد من أصحاب الرأي والمعلقين والباحثين السياسيين، هل ستصطدم الخطة بعقبات من الأطراف الموقعة والضامنة لها، أم لا؟ وما هي العقبات المهددة لتنفيذها؟ وهل هناك من ضامن يمنع انهيارها؟ وماذا لو غاب هذا او ذاك الضامن وخاصة الرئيس الاميركي، من سيلزم إسرائيل اللقيطة من تنفيذ الخطة؟
من المؤكد، ان من يعرف تاريخ دولة إسرائيل اللقيطة، وتاريخ اليهود عموما منذ اعتنقوا الديانة اليهودية، وهم يجادلون الله ورسوله موسى عليه السلام كليم الخالق، وفرضوا على هارون شقيقه، وهو الفصيح، الذي رشحه ليكون شريكا له في حمل راية دعوته التساوق معهم، والعبث بدين الله، وكما جاء في القرآن الكريم، لم يفُوا بعهدِ من العهود، وفي التاريخ الحديث لم تلتزم دولة يهود الخزر الصهاينة بأي اتفاق ابرم مع الدول العربية او غير العربية، وحتى عندما وقعت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين اتفاقية أوسلو في 13 أيلول / سبتمبر 1993، وبعد تأسيس السلطة الوطنية عام 1994، والبدء بتنفيذ مراحل الاتفاقية وفق الروزنامة الزمنية المحددة، أعلن رابين صراحة: “لا تواريخ مقدسة في التنفيذ”، فما بال أي مراقب في زمن حكومة إسرائيلية نازية بقيادة بنيامين نتنياهو المسكون بإدامة الإبادة الجماعية لاعتبارات شخصية وسياسية ولاهوتية، الذي أُرغم على الموافقة على خطة الرئيس الجمهوري، فإنه سيحاول الالتفاف على كل بند في الخطة بهدف تعطيلها، ووضع العصي في دواليبها.
من بين النقاط التي بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بطرحها مع ائتلافه، كان أولا الاعتراض على الافراج عن عدد من قادة الحركة الاسيرة الفلسطينية، منهم: مروان البرغوثي، واحمد سعدات، وعباس السيد، وعبد الله البرغوثي، وحسن سلامة، وإبراهيم حامد بذرائع قديمة جديدة، عنوانها “عدم الافراج عن أسرى الحرية الملطخة أيديهم بالدماء الإسرائيلية”، وتجاهل نتنياهو وحكومته، أن أيدي الغالبية الساحقة من جنود الجيش الإسرائيلي وقادة إسرائيل السياسيين والعسكريين والامنيين ملطخة بالدماء الفلسطينية والعربية، ومع ذلك لم تطرح القيادات الفلسطينية مثل هذه العقبة في أي عملية تبادل، انطلاقا من مبدأ، أن عمليات تبادل اسرى الحروب والصراعات جميعها لا تتضمن هكذا ذريعة. لأنها تتناقض مع مبادئ حل الصراعات وبناء ركائز السلام بين الدول، وبين الثورات الوطنية والدول الاستعمارية.
ورغم ان ستيف ويتكوف، المبعوث الأميركي الخاص للرئيس ترمب تعهد بإقناع إسرائيل بالأفراج عنهم، بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي أول أمس الخميس، تراجع عن تعهده، الامر الذي يفرض على الوسطاء العرب (مصر وقطر) وتركيا إلزام إسرائيل بالإفراج عنهم، ووضع حد لسياسة المماطلة والتسويف الإسرائيلية، وإلزام نتنياهو بالتنفيذ لكل البنود دون تعطيل، بما في ذلك الإفراج عن قادة الحركة الاسيرة الابطال.
ثانيا طرح زعيم الائتلاف الإسرائيلي ذريعة أخرى أكثر فجورا، عندما وضع “إذا الشرطية” معيارا للعودة للإبادة الجماعية، حينما ذكر، إذا لم تلتزم حركة حماس في تنفيذ أي بند من بنود الخطة، فإنه سيعود مجددا لدوامة الحرب القذرة، ولم يطالب الدول الضامنة للتدخل لإلزامها بتنفيذ ما تعهدت به، وهنا وضع نفسه السيف والحكم والمقرر في ما يجوز وما لا يجوز، وما هو مقبول وغير مقبول، وهو ما يعني انه في كل لحظة يمكن أن يضع التفسير الذي يناسبه لكل بند للتهرب من الالتزامات بتطبيق الخطة، وذلك تحقيقا لرغبته الشخصية، وخشية من عصا اركان ائتلافه وحاصة بتسليئل سموتريش وايتمار بن غفير اللذين هددا بالانسحاب من الحكومة، التي أساسا هي حكومة اقلية برلمانية بعد انسحاب حزب شاس وكتلة يهوديت هتواره من الحكومة نتيجة ازمة تجنيد طلاب المعاهد الدينية اليهودية، رغم ان كلا القوتين لم تصوت لصالح أي مشروع قرار لحجب الثقة عن الحكومة.
ثالثا كما يمكن لنتنياهو نفض يده من الخطة في حال خرج الرئيس ترمب من رئاسة الإدارة لسبب من الأسباب الأميركية الداخلية، خاصة وانه معرض لهزات شتى نتاج سياساته المرفوضة في الداخل الأميركي، أضف الى انه ملاحق بالعديد من القضايا أمام القضاء الأميركي، أو على فرض تم اغتيال الرجل أو غير ذلك. وعندئذ لا يوجد ضامن فعلي قادر على إلزامه زعيم إسرائيل بالوفاء بتنفيذ باقي بنود الخطة.
رابعا إمكانية تساوق الضامن الأميركي مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، كما فعل ويتكوف في ملف الإفراج عن قادة الحركة الأسيرة الفلسطينية. لا سيما وأنها تتطابق مع نتنياهو في أهدافه الخبيثة، رغم أن الخطة، هي خطة الرئيس الأميركي، وكون الخطة فصلت بنتائجها على مقاس أهداف نتنياهو وائتلافه الحاكم. وبالتالي الخطة تمر بنودها بحقل الغام إسرائيلي أميركي، قد يفجرها في كل لحظة، مع ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان هدد بفرض عقوبات غير منظورة على إسرائيل في حال لم تفِ بالتزامتها.
وكما يعلم جميع المراقبين الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب والغربيين، أن رجل إسرائيل القوي قادر على ابتداع وخلق أية ذريعة وهمية للانقلاب على بنود خطة ترمب، ولا يمكن التنبؤ بقدرة الضامنين العرب والمسلمين من إلزام نتنياهو بتطبيق باقي بنود الخطة، وقادم الأيام كفيل بالإجابة على الفرضيات المطروحة.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
نبض الحياة
لحظة فارقة في تاريخ الشعب
عمر حلمي الغول
خرج أبناء الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة من رحم الموت والابادة بعد مائة عام من العزلة، نعم مائة عام من اهوال الكارثة والفاجعة، وحدهم كانوا يصارعون قراصنة العصر ومرتزقة عصابات الخزر احفاد هولاكو والمغول غلاة الصهاينة ورعاة البقر سالخي جلود بني الانسان من سكان الامريكيتين، الذين جاؤوا ليعيدوا تاريخ اسلافهم المتوحشين في الالفية الثالثة، كانوا يسمعون ضجيج وصدى أصوات الاستنكار والشجب والادانة من بعيد يطوف العالم يقرع الطبول بالبيانات تلو البيانات، وهتافات من ميادين العواصم والموانئ قرعت أبواب السماء، ونسجت سحب الغيوم لكنها لم تمطر طيلة العامين العجاف، وخاطبت رب العباد ومالك الملك وكل من بني الانسان صلى صلاته متوجها لله جلا جلاله ليوقف الفاجعة ونكبة الإبادة المعاصرة، الا انها لم تهز خاصرة نظام، ولا أوقفت هيئة الأمم يوما على اقدامها، لأن القرصان المتوحش كان بالمرصاد يغوص في دماء الأبرياء العزل، ويلوح بعصا الموت والعقاب الأسود لكل من عصى وتمرد على قوانين وأعراف وعادات غابته الموحشة في الظلام والسواد.
عامان كانا بمثابة الف عام من الذبح والحرق والمرض والجوع والاوبئة والابادة والدمار الأكثر وحشية في عصر الالفية الثالثة مع ولوج المدنية مرحلة الذكاء الاصطناعي، الذي تفنن القتلة في تطويعه لتعظيم الاساليب الوحشية غير مسبوقة في تاريخ الصراعات الإنسانية للفتك بأبناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة الذي لا تزيد مساحته عن 365 كيلو متر، أي أقل من مساحة عاصمة دولة صغيرة، وحولوهم لمختبر إبادة باسحلة دمار شامل فتاكة مدمرة، فاقت في اوزانها القنابل النووية التي القيت على هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين ست او سبع مرات، خلفت من الاهوال ما يفوق الوصف من القتل والدمار والكارثة الإنسانية، وملايين الاطنان من ردم المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، حتى لم يعد من تبقى من أبنائها الاحياء يتعرفون على ملامحها، وبعضهم لم يتعرف على مكان سكناه، وباتت اطلالها تغطي الغالبية العظمى من مساحة القطاع اليتيم والمسكون بفاجعة الإبادة والقحل والتصحر بلا ماء او غذاء أو مأوى ولا كهرباء ولا دواء ولا هواء نقي حتى انعدمت الحياة الادمية.
عاش أبناء فلسطين جحيم انفلات الوحوش الكاسرة من كل فج وميل، كانوا وحدهم يصارعون عتاة النازية، يصدون القتلة بدماء أبنائهم من الاجنة والأطفال والنساء والابرياء جميعا، يقاومون بأمعائهم الخاوية، وبفيض دموع الثكالى، واشلاء أجسادهم المتناثرة بين الازقة وعلى الطرقات وتحت الأنقاض لتنهشها الكلاب والقطط والجرذان، وصرخات الشهداء الموتى في القبور، والايدي الارجل المبتورة والاعين المقتلعة من مقلها، والبطون المتحدية للقنابل والصواريخ، ورفعوا اصابعهم واصواتهم من تحت الأنقاض ليعلنوا الشهادة، ويصرخوا في وجه البشرية لإنقاذهم من ويلات الإبادة الهمجية المسكونة بالأساطير وتعاليم يهوذا وخزعبلات الماجنون والغارقون في وحل اطماعهم العنصرية وارباحهم الاحتكارية.
نهضوا من تحت الرماد والمحرقة القذرة الجديدة، التي أعاد انتاجها وجنونها وهوسها وتنفيذها أحفاد من عانوا من محرقة هتلر، حتى تفوقوا على النازي السابق بألاف المرات، لكن أبناء فلسطين عظماء اسطورة البقاء والصمود حطموا بأيديهم العارية وامعائهم الخاوية وأجسادهم المنهكة بكارثة العامين العجاف مؤامرة الإبادة الأكثر وحشية وإدماءً في التاريخ المعاصر، وفازوا بوقف النكبة الأعظم في تاريخ الشعب الفولاذي والاسطوري، رائد الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، وكسروا أحلام واوهام القتلة الصهاينة وسادتهم في فنائهم، من تحت الرماد والابادة، كما طائر الفنيق رفعوا اشرعة سفنهم وشقوا عباب البحر وامواجه المتلاطمة، واضاءوا شمعة البقاء، وغرسوا بدماء واشلاء أطفالهم ونسائهم شجرة الحياة في القطاع المدمر في لحظة فارقة من تاريخ الشعب، وليس كرما من الأعداء، ولا ببيانات الاستنكار والشجب، وأكدوا للدنيا كلها على الأرض الفلسطينية ما يستحق الحياة والاستقلال والحرية الحمراء، وعمقوا المقولة التي رددها الأجداد والاباء هنا فلسطين، ولا غير فلسطين هنا، خالدون فيها ما بقيت الحياة، كما كانوا منذ الازل هنا، والغزاة الاباديون الى زوال وعبور جديد.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
نبض الحياة
لعنة السابع من أكتوبر على إسرائيل
عمر حلمي الغول
ظاهرة دولة إسرائيل اللقيطة ولدت وهي تحمل في جوهرها ازماتها البنيوية العميقة، من حيث مركباتها الاثنية والسياسية والاقتصادية الاجتماعية والثقافية والدينية، ورغم تمكنها من تجاوز تلك الازمات في العديد من المحطات بفعل الاستيطان الاستعماري وتوسعه، والحروب التي شنتها على الشعب الفلسطيني والدول العربية، وبفعل الدعم غير المشروط من قبل دول الغرب الرأسمالي، غير انها لم تتمكن من القضاء عليها وطمسها. لأنها عميقة عمق مركباتها، وبقيت تتراوح بين الخفوت النسبي والصعود في سياق سيرورتها، وكلما كانت تشهد مؤقتا فترة من الهدوء، كانت تعود الى سطح المشهد الإسرائيلي غير الطبيعي، حتى ان زعماء إسرائيل التاريخيين ومن تولى المسؤولية بعدهم، كانوا جميعا يدركون عمق أزمة البقاء من عدمه لدولتهم الطارئة وغير الشرعية، وأستحضر حوارا بين ديفيد بن غوريون مع رئيس الوكالة اليهودية غولدمان عام 1953، عندما سأل الأخير بن غوريون “هل تتوقع أن تدفن في إسرائيل؟ رد عليه رئيس الوزراء الأول، اعتقد أني سأدفن هنا، لكن ابني اشكك في ذلك، أما حفيدي فلا أعتقد”، وهذا نموذج عن أعمق ازمة تواجهها إسرائيل في تاريخ وجودها.
ومع ذلك واصل قادة إسرائيل التمسك بأهداف مشروعهم الصهيوني الكولونيالي، المستند الى بلوغ النفي المطلق للشعب العربي الفلسطيني بشكل كامل من أرض وطنه الام فلسطين، عبر تعميق عملية التطهير العرقي لنكبة عام 1948، كي يطمئنوا لبقاء الدولة المارقة والخارجة على القانون، وجاءتهم الفرصة الذهبية بعد هجوم السابع من تشرين اول / أكتوبر 2023، حيث تعاطف معهم الرأي العام الدولي الأهلي والرسمي لبعض الوقت، غير أن سحر تلك اللحظة انقلب على الساحر الإسرائيلي مع تعاظم الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا، بعد انكشاف وجه دولة الإبادة الإسرائيلية الاجرامي، وتمثل برفع دولة جنوب افريقيا الصديقة دعوة قضائية لمحكمة العدل الدولية نهاية كانون اول / ديسمبر 2023، وبعد اصدار محكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال ضد رئيس الوزراء ووزير دفاعه السابق، وتحول الراي العام الدولي بتواتر وتصاعد واسع شمل دول العالم قاطبة وخاصة في دول الغرب الأوروبي والأميركي، مما أحدث انزياحا متدرجا في مواقف الأنظمة السياسية في الاتحاد الأوروبي، وباتت دولة يهود الخزر الصهيونية تعاني من انقلاب الرأي العام الدولي ضدها، وزادت عزلتها الدولية، وأخذت روايتها في الاضمحلال والانكفاء، في مقابل تعاظم التأييد للشعب الفلسطيني ولحقوقه السياسية والقانونية، وشهد العام الحالي 2025 اعتراف المزيد من الدول وخاصة من الاتحاد الأوروبي ودول غربية أخرى مثل كندا وأستراليا، حتى بلغ عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية 159 دولة. كما شهد الرأي العام الأميركي تحولا ملموسا في دعم الشعب الفلسطيني والمناداة باستقلال دولة فلسطين بنسبة تصل الى 60% وفق استطلاعات الرأي العام الأميركي، وهذا ما أشار له الرئيس دونالد ترمب في شهر أيلول / سبتمبر الماضي، عندما حذر بنيامين نتنياهو وأركان ائتلافه من الانزياح الجاري في الولايات المتحدة بما في ذلك داخل الحزب الجمهوري، وليس في الحزب الديمقراطي فقط، فضلا عن التحول في أوساط النخب البرلمانية والاكاديمية والثقافية والفنية، ونبههم لضرورة خطورة تلك التحولات.
كما ان الازمات الإسرائيلية لم تقتصر على تحول المزاج في الرأي العام الدولي، وزيادة عزلة إسرائيل، انما هناك ازمة الافراج عن الرهائن الإسرائيليين، وأزمة مع المعارضة، والازمة بين المستويين السياسي والعسكري الأمني، التي أدت لعزل عدد من قادة الجيش: منهم وزير الحرب يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي وغيرهم من قادة المناطق، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار، وأزمة الجيش برمته الناجمة عن تداعيات الحرب التي تركت بصمات وندوب كبيرة في أوساط قوات الاحتياط، والازمة مع المستشارة القضائية للحكومة، وازمة الانقلاب القضائي التي تعمقت من بداية العام 2023 حتى هجوم السابع من أكتوبر، ومازالت تداعياتها حتى الان، والازمة الاقتصادية المتفاقمة، التي تمثلت بالهجرة العكسية للنخب الاقتصادية من إسرائيل للخارج، والانخفاض الحاد في الاستثمار الخارجي في إسرائيل، وسحب العديد من دول الغرب الأوروبي استثماراتها من إسرائيل، والازمة بين التيار الديني الصهيوني الأكثر نازية والتيارات الأخرى، وأزمة فساد رئيس الحكومة، التي أظهر آخر استطلاعات الرأي قبل يومين انخفاض حاد يصل الى 63% من الشارع الإسرائيلي في ثقته برئيس الحكومة نتنياهو وأركان ائتلافه.
ورغم الدعم غير المسبوق ماليا من قبل الولايات المتحدة الذي بلغ نحو 31 مليار دولار بين تمويل التسليح للجيش الإسرائيلي ومجالات اخرى، الا ان هذا الدعم لم ينقذ الدولة الإسرائيلية من ازماتها، وسيكون لمجمل الازمات ارتدادات واسعة على المجتمع الإسرائيلي في اليوم التالي للجرب الهمجية التي تواصلها دولة الإبادة الإسرائيلي حتى الان مع دخول العام الثالث للإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في القطاع.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
نبض الحياة
عامان من جحيم الإبادة
عمر حلمي الغول
انطوى أول أمس الاثنين 6 تشرين اول / أكتوبر 2025 عامان من جحيم الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا، بمرارتها وعلقمها ودمارها الهائل وغير المسبوق في تاريخ الصراع العربي الصهيوني مع تذرع دولة الإبادة الإسرائيلية بهجوم عناصر حركة حماس على مستعمرات الغلاف المحاذية لقطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، وارتكبت القوى الحربية الغربية مع إسرائيل النازية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية أطول حرب، التي أدمت الشعب في القطاع، حيث بلغ عدد الضحايا من الشهداء والجرحى ما يزيد عن 260 الفا جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ، بالتلازم مع ابشع وافظع عملية تدمير لمعالم الحياة كافة في مدن القطاع من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب، ومازالت آلة الحرب الإسرائيلية للعام الثالث تواصل عملية القتل والابادة على غزة الابية. رغم تعاظم الرفض العالمي الأهلي والرسمي لجريمة العصر، ولكن الإدارتين الأميركية السابقة والحالية حالت دون تبني مجلس الأمن الدولي قرارا بوقف الإبادة من خلال استخدامها حق النقض الفيتو 6 مرات، ليس هذا فحسب، بل انها تدخلت بشكل مباشر في قيادة دفة الحرب القذرة، وقدمت لدولة إسرائيل اللقيطة والخارجة على القانون نحو 31 مليار دولار أميركي، منها 22 مليار دولار أسلحة فتاكة من مختلف الصنوف، و10 مليارات مساعدات في مجالات شتى، وفق المصادر الأميركية، مما دفع حكومة الائتلاف النازي الإسرائيلية بالصعود الى قمة الهوس والجنون لإدامة الحرب الهمجية لتحقيق أهدافها التي اعلنها بنيامين نتنياهو وأركان حكومته، وعنوانها بلوغ ” النصر الكامل”، التي لم يتحقق منها سوى قتل الأطفال والنساء والابرياء.
وهنا يبرز السؤال المركزي، هل كان هجوم عناصر حماس حكيما ويستقيم مع موازين القوى القائمة مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية؟ وهل كان لدى قياداتها تقدير حقيقي لأبعاد العملية العسكرية، أم انها كانت نزوة ارتجالية حكمتها الانفعالات والعواطف، وتقدير صبياني أهوج، أم أن العملية او ما سمي “طوفان الأقصى” كان معدا ومرتبا لخدمة أهداف الأعداء بادراك مسبق أو دون ذلك؟ ولماذا إذا كان الهدف وطنيا، كما أعلن عنه قادة حماس الذي تضمنه خطاب محمد الضيف مع انطلاق الهجوم، وادعى انه يهدف الى تحرير الأقصى والأرض الفلسطينية وتبييض السجون، لماذا لم يتم التنسيق مع القوى الفلسطينية المختلفة وعلى رأسها قيادة منظمة التحرير؟ ولماذا لم تحاول قيادة حركة حماس مراجعة حساباتها بعد تدخل قوات الغرب الامبريالي مباشرة في دوامة الإبادة على الشعب الفلسطيني، وتدارك الموقف لحماية أبناء الشعب من المقتلة الوحشية؟ ولماذا ضيعت فرص وقف إطلاق النار أكثر من مرة، أم أخذتها العزة بالإثم، وركبت ظهر المجن وواصلت توريط الشعب في لجة القيامة الأخطر في تاريخ الصراع؟
في الحقيقة الموضوعية والمسؤولة، أجزم ان الهجوم الحمساوي كان نزقا صبيانيا، وخدم العدو الإسرائيلي الأميركي في إدماء الشعب الفلسطيني، وهذا التقدير يعود الى محاكاة تجربة الإبادة الجماعية المنطقية على مدار العامين الماضيين، وليس ردة فعل على حجم الضحايا من أبناء الشعب الفلسطيني، ولا اسقاطا رغبويا، ولا شكلا من اشكال العداء لجماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، الذين وجدوا أساسا في الوطن العربي والعالم الإسلامي عام 1928 كأداة لخدمة اهداف الغرب الرأسمالي في فلسطين والدول العربية والإسلامية، ولا تقتصر المحاكاة عند حدود الانقلاب الأسود الحمساوي أواسط العام 2007، وانما لسلسلة جرائم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في الوطن العربي من مصر الى سوريا الى الأردن وتونس وليبيا والجزائر والسودان واليمن وغيرها من الدول، وبالتالي التقييم استند الى القراءة الموضوعية لتجربتهم التاريخية، ومنها تجربتهم في فلسطين، وموقفهم العدائي التاريخي من مبدأ ظهور الثورة الفلسطينية المعاصرة، وتجربتهم الانفصالية في الانتفاضة الكبرى / ثورة كانون اول 1987 – 1993، عندما شقوا الساحة، ورفضوا الشراكة مع القيادة الوطنية الموحدة التي شكلتها القوى الفلسطينية الأربع: حركة فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب، وما تلاها من عمليات تمزيق لوحدة الصف الوطني، ورفض الوحدة الوطنية طيلة سنوات وجودها في المشهد السياسي الفلسطيني.
وهنا تفرض الضرورة مجددا التأكيد، ان هناك فرقا من القيادات الاخوانية المتورطة في المشاريع المعادية والمتناقضة مع المشروع الوطني الفلسطيني، وبين العناصر والكوادر المضللة التي قدمت ارواحها دفاعا عن مشروع التحري، التي لم تدرك خلفيات الاخوان المسلمين، واستشهدوا تحت راية حماس، هناك فرق شاسع بين الفريقين، رغم ان العناصر والكوادر كانوا ومازالوا أداة قيادات حركة حماس، لأنهم مازالوا يعيشون في دوامة الوهم، باستثناء عدد منهم أدرك اخطار سياسات الحركة الاخوانية وانفصلوا عنها.
وعلى قيادة حماس التي تتحدث مؤخرا عن الاجماع الوطني، وعن التشارك مع قيادة السلطة ومنظمة التحرير، التي إتهمتهم ب”الخيانة” و”التفريط” وغيرها من الموبقات، أن تقوم بالتالي: أولا ان تعتذر علنا عن خطاياها وانتهاكاتها لوحدة الشعب والصف الوطني وانقلابها الاجرامي، وكل انتهاكاتها الخطيرة للمشروع الوطني، ثانيا تبادر لعمل مراجعة كاملة إذا كانت معنية بالتوطن في المشروع الوطني وتريد الانضواء في صفوف منظمة التحرير، وتعمل وفق برنامج الاجماع الوطني المقر في دورة المجلس الوطني ال 23 ودورات المجلس المركزي المتعاقبة، وتلتزم بالتزاماتها الفلسطينية والعربية والدولية، ثالثا ان تسلم مقاليد الأمور في قطاع غزة لقيادة المنظمة والدولة والحكومة الفلسطينية وفق المبدأ الناظم للكل الفلسطيني: نظام سياسي واحد، قانون واحد، وسلاح واحد، وإعادة كل ما نهبته من أموال واراضي الشعب والحكومة وغيرها من اعمال النهب واللصوصية. مع أني اشك في إقدام حركة حماس على ذلك، لأنها ارتضت ان تكون أداة وظيفية
عامان استثنائيان في تاريخ القضية والشعب والأرض والنظام السياسي والمشروع الوطني، دفع الشعب ثمنا باهظا جدا، حيث دمرت مدن وبلدات ومخيمات القطاع عن بكرة ابيها، وكما هائلا من الضحايا، كان السابع من أكتوبر 2023 سببا أساسيا، قدم ذريعة كاذبة وخطيرة لإسرائيل ومن خلفها ساداتها في البيت الأبيض لمواصلة الإبادة الجماعية المنفلتة من كل عقال.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com