المطران عطا الله حنا: ننادي المسيحيين في كل مكان وفي هذا الموسم الميلادي المبارك بأن ينادوا بأن تتحقق العدالة والسلام في ارض غيبت عنها العدالة والسلام

يحتفل مساء يوم 6/12 في باحة كنيسة المهد في بيت لحم باضاءة شجرة الميلاد بعد انقطاع دام لعامين بسبب الحرب كما وستقام احتفالات مماثلة في القدس والناصرة وغيرها من الأماكن والمدن في هذه الأرض المقدسة والمباركة .
سوف يحتفى بإضاءة أشجار الميلاد احتفاء بمن اتى الى هذا العالم متجسدا وباعثا الامل والرجاء في النفوس وناشرا قيم المحبة والاخوة الإنسانية بين الانسان واخيه الانسان.
سوف تضاء الأشجار مع التمنيات بأن ينير نور الميلاد المجيد قلوب وعقول وضمائر حكام هذا العالم لكي يكونوا اكثر إنسانية وعدلا ولكي يعملوا من اجل رفع ووقف المظالم التي يتعرض لها شعبنا والوقوف الى جانب أهلنا في غزة في نكبتهم وآلامهم واحزانهم ومعاناتهم .
سوف تضاء الأشجار وكلنا امل ورجاء بأن المستقبل سيكون افضل ولكن لن نستسلم لثقافة اليأس والإحباط والقنوط التي يريدنا البعض ان نكون غارقين فيها ، وتذكروا بأن المظاهر الاحتفالية بعيد الميلاد ليست مهرجانات دنيوية بل هي مناسبات نحتفي بها بمن ولد من اجل خلاصنا ، فلا معنى لهذه الاحتفالات والاضاءات والمهرجانات اذا ما غاب عنها صاحب العيد ولا يجوز ان يغيب صاحب العيد عن عيده ويجب ان يكون حاضرا في كل احتفال واضاءة شجرة وزينات منتشرة هنا او هناك .
ابتدأت العواصم العالمية بتزيين ساحاتها وشوارعها وبدأنا نلحظ أشجار الميلاد بأحجامها المختلفة منتشرة في المدن والعواصم في مشارق الأرض ومغاربها وما نتمناه كمسيحيين في هذه الديار وكشعب قابع في ظل الاحتلال والظلم والاستبداد بأن يتذكر المسيحيون المحتفلون بالميلاد في عالمنا بأن فلسطين هي ارض الميلاد ونور الميلاد الحقيقي بزغ من مغارة بيت لحم.
تذكروا يا أيها المسيحيون في كل مكان بأن عيد الميلاد يذكرنا برسالة صاحب العيد الذي اتى لكي يكون نصيرا للمستضعفين والمظلومين والمتألمين ومن وحي هذا العيد ورسالته نتمنى منكم ان تلتفتوا الى فلسطين ومعاناة ابناءها .
تذكروا في العيد ان هنالك أناسا محرومين من فرحة العيد وهم يعيشون في ظل الدمار والخراب الذي خلفه العدوان على غزة ناهيك عن البوابات والحواجز العسكرية التي حولت الضفة الغربية الى سجن كبير .
احتفلوا بالميلاد ولكن تذكروا ارض الميلاد وتذكروا كنيسة المهد في بيت لحم في المدينة المحاصرة بالاسوار والحواجز العنصرية التي تحيط بها.
فلأول مرة في التاريخ تكون بيت لحم معزولة عن القدس والقدس معزولة عن بيت لحم فقد كانت دوما الطريق ما بين القدس وبيت لحم مفتوحة الا ان الاحتلال ارتأى ان يضع حواجزه وبواباته واسوار الفصل العنصري لكي يمنع الفلسطيني من الوصول الى مقدساته ولكي يحرمه من ابسط حقوقه وهي حرية التنقل من مكان الى مكان .
أقول للمسيحيين في العالم عندما تحتفلون بالميلاد نادوا وطالبوا بأن تزول الاسوار والحواجز والبوابات العسكرية التي تمنع الانسان الفلسطيني من ان ينتقل من مكان الى مكان ، فالسلام الذي نتحدث عنه لا يمكن ان يتحقق مع اسوار وبوابات عسكرية عنصرية بل يحتاج الى جسور التواصل والمحبة والتي نسفها الاحتلال بسياساته وممارساته الظالمة بحق شعبنا الفلسطيني .
صلوا من اجل ارضنا المقدسة فشعبنا يحتاج الى صلواتكم وادعيتكم وارفعوا صوتكم عاليا ففلسطين هي قضيتكم كما هي قضية الفلسطينيين وهي ارض مقدسة مباركة تتوق الى العدالة والسلام .
طالبوا بأن يزول الاحتلال ، طالبوا بحرية الشعب الفلسطيني والذي هو الشعب الوحيد في العالم الذي ما زال حتى اليوم يعاني من الاستعمار والاحتلال.
أما آن لهذا الشعب ان ينعم بحياة افضل ومنذ النكبة وحتى اليوم وشعبنا يتعرض للنكبات والنكسات والحروب المتتالية والتي وصلت ذروتها من خلال حرب الإبادة التي تعرض لها اكثر من مليوني انسان في قطاع غزة المنكوب والمكلوم .
قضية فلسطين هي قضية المسيحيين في كل مكان كما انها قضية كافة الاحرار ومن كل الأديان مسلمين ومسيحيين ويهود المتحلين بالقيم الإنسانية والرافضين للظلم والاستبداد والاحتلال .
نتمنى لكم ميلادا مجيدا وتقبلوا معايدة من رحاب ارض الميلاد مع تمنياتنا بأن تكون هنالك أصوات مسيحية جريئة وقوية وواضحة منادية بإنصاف الشعب الفلسطيني ووقف المحنة التي يعاني منها.
الحرية لفلسطين وشعبها ، الحرية لارض الميلاد والتي منها بزغت رسالة السلام وهي ارض لم ترى سلاما منذ عشرات السنين لا بل منذ مئات السنين .
نتوق لتحقيق العدالة والسلام في ارض متعطشة للعدالة والسلام ولتكن رسالتنا في هذا العام بأننا كلنا مع فلسطين وكلنا مع غزة وكلنا مع بيت لحم والقدس لكي تزول عنها ممارسات الاحتلال الظالمة ولكي تزول الاسوار العنصرية والحواجز العسكرية.
ان شعبنا يستحق الحياة فكونوا دعاة حياة وحرية وكرامة لهذا الشعب .
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
القدس 27/11/2025



