المطران عطا الله حنا: ندعو في الميلاد الى افتقاد المرضى والمسنين والايتام والمحتاجين لكي ندخل فرح الميلاد الى قلوبهم

ان عيد الميلاد المجيد والذي نستعد لاستقباله في كنائسنا ليس عيدا للبهرجة والمظاهر الاحتفالية فحسب بل هو عيد يجب فيه ان نشدد على القيم والمبادئ السامية التي نادى بها من نحتفي بمولده واعني الرب يسوع المسيح ، فما فائدة الأشجار المضاءة والهدايا والبازارات اذا ما غاب عنها صاحب العيد ، فهذه كلها مظاهر احتفالية لمناسبة روحية كنسية ولا يجوز ان يغيب صاحب العيد عن عيده فيصبح عيد الميلاد عيدا للشجرة المضاءة ولبابا نويل وللبازارات وللهدايا فحسب.
لست من أولئك المعارضين لاضاءة الأشجار ولحضور بابا نويل وللبازارات والمظاهر الاحتفالية ولكن كل هذه يجب ان تكون مربوطة ومقرونة بالحدث الروحي التي نحتفي به والا ما قيمه هذه المظاهر الاحتفالية اذا ما غيب صاحب العيد ولم يكن حاضرا في مثل هذه المناسبات كما وفي كل مناسبة وفي كل يوم من حياتنا.
ادعو ابناءنا في هذه الفترة الروحية وقد ابتدأ صوم الميلاد بأن يقوموا بمبادرات إنسانية حيث يجب زيارة المرضى في مستشفياتهم وكبار السن والايتام في ملاجئهم وان نعبر عن تضامننا مع كل انسان محتاج في هذه المناسبة الروحية والكنسية.
وادعو المقتدرين الى تبني عائلة والوقوف الى جانبها في فترة العيد لكي ندخل الفرح الى نفوس الفقراء والمحتاجين.
تذكروا أهلنا في غزة وفي كنيستي القديس بورفيريوس والعائلة المقدسة وفي غزة كلها ، تذكروا المحرومين من اضاءة الأشجار والمحرومين من فرحة العيد وتذكروا كل انسان مظلوم في هذه المواسم الشريفة والمجيدة ، فليكن الميلاد تعلقا برسالة من نحتفي بمولده والنور الحقيقي الذي بزغ من مغارة الميلاد فكل الانوار وكل الاحتفالات لا يمكن ان تكتمل رسالتها اذا لم تكن مقرونة بالنور الحقيقي الذي بزغ من مذود المغارة ومن رسالة التواضع والمحبة التي لا حدود لها والتي تجسدت في مغارة الميلاد .
الميلاد هو عيد الرحمة والإنسانية فتسامحوا وتصالحوا واحبوا بعضكم بعضا وزوروا بعضكم بعضا وكونوا الى جانب بعضكم البعض في هذه المواسم فنحن اليوم نعيش ازمة اجتماعية حقيقية في ظل ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي والتي ويا للأسف أضحت وسائل للتباعد الاجتماعي فلا تجعلوها وسائل تبعدكم عن اخيكم الانسان فكونوا الى جانب بعضكم البعض فالميلاد هو عيد الحنان والرأفة والرحمة وعيد التقارب بين الجميع، فعيشوا حياة الحنان والرأفة ولتكن روحانية العيد حاضرة في حياتكم.
ندعو ابناءنا لكي يشاركوا في احتفالات عيد الميلاد ولتكن هذه الاحتفالات رسالة امل ورجاء وتمسك بالحياة وتضامن مع اخوتنا المظلومين والمعذبين والمحرومين من فرحة العيد .
فليكن عيدكم صلاة وعبادة وعطاء وتأمل في مغارة الميلاد التي نسجد امامها في كل حين وخاصة في هذا الموسم المبارك من اجل ان تتحقق العدالة في هذه الديار ومن اجل ان تتوقف الحروب في كل مكان ، فنحن نرفض ثقافة الحروب والانتقام ورسالة المولود من اجل خلاصنا تحثنا على ان نكون دعاة محبة ورحمة وإنسانية ونبذ للعنف والحروب وامتهان كرامة الانسان .
يارب اعطي سلاما لهذه الأرض وكفكف دموع المتألمين وما اكثرهم وبلسم جراح اخوتنا في غزة المنكوبة والمكلومة وكن معهم وليكن الميلاد في هذا العام ميلاد رجاء وامل بمستقبل افضل لهذه الأرض والتي هي ارض الميلاد والتجسد والفداء.
فليكن ميلادنا عيدا ومناسبة للرحمة والانحياز للمتألمين والمظلومين .
نضيء اشجارنا لكي نُدخل قسطا من الفرح والبهجة الى نفوس ابناءنا الذين عاشوا الألم والحزن في الفترة المنصرمة مع تمنياتنا بأن يكون مستقبل هذه الأرض مستقبلا افضل مما عشناه خلال السنوات الماضية .
كفانا حروبا وآلاما واحزانا ، كفانا دموعا ودماء وتدميرا وخرابا فاهلنا في غزة يعيشون فوق ركام منازلهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء فكن يارب في ميلادك وفي كل الأوقات معهم عونا وقوة وتعزية كما ومع كل انسان متألم ومظلوم.
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
القدس 29/11/2025



