حينَ لا نَملِكُ سِوى الدُّعاءِ ..!.. نصٌ بقلم : د. عبدالرحيم جاموس

لم تكن رسالتُكِ عابرةً،
كانت وَجعًا …
يمشي على السطور،
وصمتًا يطرقُ القلبَ …
حتّى يُبكِيَه…
رسالةٌ من غزّة …
تُحرِجُ القُدرة،
وتفضحُ العجز،
وتتركُ الإنسانَ …
عارِيًا أمام إنسانيّته…
وصلتني …
كحَجَرٍ صغيرٍ …
سقطَ فجأةً …
في صدرِ القلب،
فانكَسَرَ الصّوت،
وانهمرَ الصّمتُ دموعًا…
ماذا أقولُ …
لِمَن تُحاصِرُها الأيّامُ …
من الجهاتِ الأربع…؟
لِمَن تَمُدُّ يدَها…
ولا تجدُ في يدي …
غيرَ الفراغ…
وغيرَ الدُّعاء …؟
يا غزّة،
نحنُ كثيرون …
نقفُ عند عتبةِ العجز،
نملكُ قلوبًا…
أثقلَها الوجع،
وأياديَ…
أرهقَها القيد،
وأرواحًا …
تستحي من نفسها…
حين تعجزُ عن الإسعاف….
أبكيكِ سرًّا،
لأنّي لا أحتملُ …
أن تَرِي دموعي…
بدلَ الخُبز،
ولا أريدُ …
أن يكونَ الدُّعاءُ …
بديلَ الدَّواء….
لا حَولَ لنا…
إلّا أن نرفعَ قلوبَنا…
إلى السّماء،
ولا قوّةَ…
إلّا أن نتمسّكَ…
بخيطِ الرّجاء…
حين تنقطعُ السُّبُل…
سامحينا…
إن وصلتكِ كلماتُنا…
بدلَ المساعدة،
وسامحينا…
إن كان الدُّعاءُ…
آخرَ ما نملك …
في زمنٍ …
خانَ فيه العالمُ …
إنسانيّتَه….
لسنا غافلين،
ولا قساة،
ولا مُتفرّجين.
نحنُ موجوعون مثلكِ،
ننـزِفُ من الدّاخل،
ونخجلُ من العيش …
بينما تمتحنونَ الموت….
كلَّ يوم …
يا غزّة،
إن طالَ اللّيلُ…
فلن يدوم،
وإن اشتدَّ الحصارُ …
فلن يَكسِرَ الرّوح،
وإن عجزتْ أيدينا اليوم…
فلن يعجزَ الحقُّ غدًا….
لكِ الدُّعاءُ…
حين تضيقُ الأرض،
ولكِ القلبُ…
حين تخونُ القدرة،
ولكِ الوعدُ…
أنّ هذا الألم…
لن يضيع …
عندَ الله….!
د. عبد الرحيم جاموس
الرياض / الجمعة
19/12/2025 م



