وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تدعو إلى إزالة العقبات التي تعرقل وصول المساعدات الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلّة على الفور

بيان صادر عن الفريق القُطري الإنساني المعني بالأرض الفلسطينية المحتلّة*

تحث الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات فورية وملموسة من أجل الضغط على السلطات الإسرائيلية لرفع جميع العقبات، بما فيها الإجراءات الجديدة التي اعتمدتها في تسجيل المنظمات غير الحكومية الدولية، والتي لا تزال تقوض العمليات الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلّة أو تنذر بانهيار الاستجابة الإنسانية، وخاصة في قطاع غزة.

تؤدي المنظمات غير الحكومية الدولية، التي تعمل على أساس من الشراكة الوثيقة مع الأمم المتحدة والمنظمات الفلسطينية، دورًا مركزيًا في العمليات الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلّة، إذ تقدم بمجموعها نحو 1 مليار دولار من المساعدات في كل سنة.

وفي شهر آذار/مارس، طرحت السلطات الإسرائيلية نظامًا جديدًا لتسجيل المنظمات غير الحكومية الدولية من شأنه أن يقوّض استمرار العمليات الإنسانية من أساسها في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة. ويستند هذا النظام إلى معايير غامضة وتعسفية ومسيّسة إلى حد كبير ويفرض شروطًا لا تستطيع المنظمات الإنسانية الوفاء بها دون أن تقدِم على انتهاك الالتزامات القانونية الدولية أو المساس بالمبادئ الإنسانية الأساسية. وفي ظل الإطار الحالي، تواجه العشرات من هذه المنظمات خطر شطب تسجيلها بحلول يوم 31 كانون الأول/ديسمبر 2025، ثم إغلاق عملياتها قسرًا في غضون 60 يومًا.

وبينما جرى تسجيل بعض المنظمات غير الحكومية الدولية بموجب النظام الجديد، فلا تمثل هذه المنظمات سوى جزء يسير من الاستجابة في غزة، وهي بعيدة كل البعد عن العدد المطلوب من أجل الوفاء بالاحتياجات الفورية والأساسية. وقد تركت الإجراءات التي ما برحت تشترط إعادة التسجيل وغيرها من العقبات التعسفية المفروضة على العمليات الإنسانية الإمدادات الأساسية التي تُقدَّر قيمتها بملايين الدولارات، بما فيها الأغذية والمواد الطبية ومواد النظافة الصحية ومساعدات المأوى، عالقة خارج قطاع غزة ولا يتسنى لها أن تصل إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها.

ويسفر المضيّ قدمًا في هذه السياسة عن عواقب بعيدة المدى على مستقبل الأرض الفلسطينية المحتلّة، ناهيك عن تهديد وقف إطلاق النار الهش وتعريض حياة الفلسطينيين لخطر وشيك، ولا سيما في فصل الشتاء. ولا يمكن الاستعاضة عن العمل الذي تؤديه المنظمات غير الحكومية الدولية، خصوصًا بعدما وضعت القيود التي فرضتها السلطات الإسرائيلية على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الاستجابة الإنسانية داخل قطاع غزة على حافة الانهيار. ولن تتمكن الأمم المتحدة من التعويض عن انهيار العمليات التي تنجزها هذه المنظمات في حال إلغاء تسجيلها، ولا يمكن إحلال جهات فاعلة بديلة تعمل خارج إطار المبادئ الإنسانية الراسخة محل الاستجابة الإنسانية.

وسوف يرتب إلغاء تسجيل المنظمات غير الحكومية الدولية في قطاع غزة أثرًا كارثيًا على إمكانية الوصول إلى الخدمات الضرورية والأساسية، إذ تدير هذه المنظمات وتقدم الدعم لغالبية المستشفيات الميدانية ومراكز الرعاية الصحية الأولية وأشكال الاستجابة في مجال توفير المأوى في حالات الطوارئ وخدمات المياه والصرف الصحي ومراكز تثبيت الحالة التغذوية في أوساط الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، فضلًا عن الأنشطة البالغة الأهمية على صعيد إزالة الألغام. فعلى سبيل المثال، تحظى مراكز تثبيت الحالة التغذوية الخمسة التي تعالج الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم بدعم المنظمات غير الحكومية الدولية، وهو ما يمثل 100 في المائة من القدرة على استيعاب للمرضى المقيمين لمعالجة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الذي يهدد حياتهم في قطاع غزة. وفي حال أُجبرت المنظمات غير الحكومية الدولية على وقف عملياتها، فسوف تغلق منشأة واحدة من كل ثلاث منشآت صحية في قطاع غزة.

ومنذ الإعلان عن هذه الإجراءات الجديدة، خاضت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية حوارًا متواصلًا على أساس من حسن النية مع السلطات الإسرائيلية لتسليط الضوء على جوانب من إجراءات التسجيل التي لا تستطيع المنظمات غير الحكومية الدولية أن تمتثل لها وللبحث عن حلول عملية ومقبولة من شأنها ضمان استمرارية العمليات المنقذة للحياة. وقد جرى إطلاع السلطات الإسرائيلية مباشرة، وفي مناسبات متعددة، على الأثر الإنساني في حال لم يعد في وسع المنظمات غير الحكومية الدولية أن تواصل عملها في قطاع غزة، وذلك في إطار هذه الجهود التي ما زالت تُبذل في سبيل إيجاد حل قبل فوات الأوان.

ومع ذلك، لم تُجرِ السلطات الإسرائيلية أي تعديل على هذه المسائل. ولا يزال وصول المساعدات الإنسانية يواجه العقبات، بطرق منها العمل الوشيك على تفكيك العمليات التي تنفذها المنظمات غير الحكومية الدولية.

وتؤكد وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية مجددًا أن وصول المساعدات الإنسانية لا يعد أمرًا اختياريًا ولا مرهونًا بأي شروط ولا سياسيًا، بل إنه التزام قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني، وخاصة في قطاع غزة، حيث تخلّفت إسرائيل عن ضمان تزويد السكان بما يكفيهم من الإمدادات. ويتعين على السلطات الإسرائيلية أن تسمح بمرور الإغاثة الإنسانية على وجه السرعة ودون عقبات وأن تيسّره. كما يجب عليها أن تتراجع فورًا عن السياسات التي تعوق العمليات الإنسانية وأن تكفل قدرة المنظمات الإنسانية على العمل دون المساس بالمبادئ الإنسانية. وينبغي السماح بوصول المساعدات المنقذة للحياة إلى الفلسطينيين دون أي تأخير آخر.

* يمثل الفريق القطري للعمل الإنساني منتدًى لاتخاذ القرارات الإستراتيجية، ويقوده منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلّة. ويضم هذا الفريق رؤساء هيئات الأمم المتحدة وأكثر من 200 منظمة غير حكومية – دولية وفلسطينية – إذ تعمل كلها في مجال الشؤون الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة بموجب المبادئ الإنسانية المتفق عليها دوليًا.

ملحق

الفجوات الإنسانية والآثار التي يفرزها إلغاء تسجيل المنظمات غير الحكومية الدولية في غزة على القطاعات

يبين هذا الملحق التداعيات التي يفرزها إلغاء تسجيل المنظمات غير الحكومية الدولية أو تعليق عملها قسرًا على القطاعات العاملة في قطاع غزة. ففي جميع هذه القطاعات، تتبوأ المنظمات غير الحكومية الدولية موقعًا حاسم الأهمية في القدرات العملياتية وتقديم الخدمات وسلاسل الإمداد والخبرات الفنية. ولا تمتلك أي وكالة من وكالات الأمم المتحدة أو أي منظمة من المنظمات الوطنية القدرة التي تيسر لها استيعاب هذا العبء على الفور.

الصحة

تشكل المنظمات غير الحكومية الدولية في هذه الآونة الركيزة التي يقوم الشطر الأكبر من النظام الصحي في غزة عليها.

يضم القطاع الصحي 80 منظمة شريكة، من بينها 44 منظمة غير حكومية دولية، تزاول عملها في مجال الصحة، مما يعني أن إلغاء تسجيل هذه المنظمات قد يقضي على أكثر من نصف العمليات التي تنفذها مجموعة الصحة.

تعمل المنظمات غير الحكومية الدولية على:

إدارة 60 في المائة من المستشفيات الميدانية أو دعمها

دعم 42 في المائة من مراكز الرعاية الصحية الأولية

دعم 23 في المائة من النقاط الطبية

تشكل المستشفيات الميدانية التي تديرها المنظمات غير الحكومية الدولية مراكز إحالة مركزية لنسبة تتراوح من 60 إلى 70 في المائة من حالات الطوارئ.

على أساس شهري، تقدم المنظمات غير الحكومية الدولية:

293,000 استشارة في مجال الرعاية الصحية الأولية

عشرات آلاف الاستشارات في مجالات الطوارئ وصحة الأمومة والأمراض غير السارية والصحة النفسية

18,000 عملية جراحية

دعم 1,000 ولادة و10,000 حالة إدخال إلى المستشفيات

وفي حال إلغاء تسجيل المنظمات غير الحكومية الدولية:

سوف تغلق منشأة واحد من كل ثلاث منشآت صحية أبوابها على الفور

يُفقد 345 سريرًا في المستشفيات بين عشية وضحاها

تتوقف الخدمات التي تقدَّم لأكثر من 20,000 مريض يحتاجون إلى الرعاية المتخصصة شهريًا

تنهار الأنظمة التي ترصد الأمراض والإحالة والتنسيق

سلاسل الإمدادات الطبية:

تتكفل المنظمات غير الحكومية الدولية بشحن ما يقرب من 12 في المائة من إجمالي الإمدادات الطبية التي تصدر الموافقة على إدخالها إلى قطاع غزة (نحو 410 أطنان)، وهو ما يمثل 30 في المائة من إجمالي قيمة الأدوية والمعدات التي تنتظر إدخالها.

تشمل هذه الإمدادات مجموعات علاج الإصابات والعمليات الجراحية والأنسولين وأدوية السرطان ومعدات العلاج بالأكسجين واللقاحات والأجهزة المساعِدة ومعدات إعادة التأهيل.

الفرق الطبية في حالات الطوارئ:

من بين الفرق الطبية الخمسة والثلاثين المنشورة حاليًا، يعمل 90 في المائة منها من خلال المنظمات غير الحكومية الدولية، إذ تؤمّن الكوادر الطبية المتخصصة التي لها أهمية حاسمة في معالجة النقص الحاد في القوى العاملة بسبب التهجير والخسائر البشرية.

الأمن الغذائي

تعتمد عمليات الأمن الغذائي اعتمادًا كبيرًا على المنظمات غير الحكومية الدولية من حيث استمراريتها وحجمها.

ففي سنة 2024، قدمت المنظمات غير الحكومية مساعدات غذائية وصلت قيمتها إلى 221 مليون دولار من أصل 420 مليون دولار من المساعدات الغذائية التي قُدمت في قطاع غزة.

من أصل 195 نقطة لتقديم الوجبات المطهوة، تعتمد 132 نقطة (68 في المائة) اعتمادًا مباشرًا على المنظمات غير الحكومية الدولية من حيث التوظيف أو الإمدادات أو التشغيل:

66 في المائة في دير البلح

59 في المائة في مدينة غزة

71 في المائة في خانيونس

المأوى والمواد غير الغذائية

سوف تواجه أنشطة المأوى والمواد غير الغذائية خطرًا كبيرًا يهدد بانهيارها في حال غياب المنظمات غير الحكومية الدولية.

فمنذ مطلع سنة 2025، عملت المنظمات غير الحكومية الدولية على:

تنفيذ 74 في المائة من جميع أنشطة المأوى والمواد غير الغذائية

توفير 83 في المائة من المواد غير الغذائية

تملك المنظمات الدولية حاليًا غالبية إمدادات المأوى والمواد غير الغذائية الجاهزة للتسليم، بما فيها:

600,000 مادة من مواد المأوى

3.2 مليون مادة من المواد غير الغذائية

المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية

تؤدي المنظمات غير الحكومية الدولية دورًا محوريًا في تقديم خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية وفي الوقاية من تفشي الأوبئة.

تشكل المنظمات غير الحكومية الدولية 62 في المائة من المنظمات الشريكة في قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، وتقدم 42 في المائة من إجمالي خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في قطاع غزة.

تشمل الأنشطة التي تدعمها المنظمات غير الحكومية الدولية:

توفير المياه المأمونة وإنتاج المياه على أساس لامركزي

تركيب المراحيض في حالات الطوارئ

توزيع مواد النظافة الصحية

جمع النفايات الصلبة

السيطرة على تفشي مرض الإسهال المائي الحاد

ومن شأن غياب المنظمات غير الحكومية الدولية أن يسفر عن تفاقم الأمراض المنقولة بالمياه على نحو سريع وتدهور أوضاع الصرف الصحي في المواقع المكتظة وفقدان الدعم الفني والعملياتي المهم الذي تقدمه للمنظمات غير الحكومية الوطنية حاليًا.

التغذية

تعتمد الاستجابة في مجال التغذية اعتمادًا كبيرًا على المنظمات غير الحكومية الدولية.

تمثل المنظمات غير الحكومية الدولية 65 في المائة من المنظمات الشريكة في مجموعة التغذية وتشغّل غالبية نقاط تقديم الخدمات.

تعمل المنظمات غير الحكومية الدولية على:

دعم أكثر من نصف مواقع التغذية التكميلية الشاملة

تشغيل أكثر من ثلث مواقع العلاج للمرضى في العيادات الخارجية

دعم جميع منشآت العلاج المخصصة للمرضى المقيمين

تحظى مراكز تثبيت الحالة التغذوية الخمسة التي تعالج الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم بدعم المنظمات غير الحكومية الدولية، وهو ما يمثل 100 في المائة من القدرة الاستيعابية للمرضى المقيمين لمعالجة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الذي يهدد حياتهم في قطاع غزة.

بين شهر كانون الثاني/يناير ومنتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2025:

فحصت المنظمات غير الحكومية الدولية 60 في المائة من إجمالي الأطفال الذين وصلت الجهات الفاعلة في مجال التغذية إليهم

عالجت 51 في المائة من جميع حالات سوء التغذية

حافظت على الأنظمة التي ترصد التغذية في أوساط الأطفال والنساء

ومن شأن سحب المنظمات غير الحكومية الدولية أن يسفر عن فجوات فورية وشديدة في الكشف عن حالات سوء التغذية وعلاجها ورصدها.

الإجراءات المتعلقة بالألغام وإزالة الأنقاض

تشكل المنظمات غير الحكومية الدولية ركنًا أساسيًا في الإجراءات المتعلقة بالألغام وإزالة الأنقاض، وهذان شرطان مسبقان لضمان وصول المساعدات الإنسانية على نحو آمن وللتعافي.

يمر أكثر من نصف إجمالي تمويل الإجراءات المتعلقة بالألغام عبر المنظمات غير الحكومية الدولية.

تعتمد دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام على المنظمات غير الحكومية الدولية في إجراء تقييمات مخاطر المتفجرات فور سماح الظروف بذلك.

تشارك المنظمات غير الحكومية الدولية بالفعل في إزالة الأنقاض من الأحياء، مما يسهم في تحسين إمكانية الوصول إلى السكان المتضررين.

ودون المنظمات غير الحكومية الدولية:

سوف تنخفض قدرات التوعية بمخاطر الذخائر المتفجرة والتقييم وإزالة الأنقاض بنسبة تتراوح من 75 إلى 100 في المائة.

سوف تتراجع القدرة العامة على إزالة الأنقاض بنحو 20 في المائة.

التعليم

تُعدّ المنظمات غير الحكومية الدولية جهات فاعلة لها أهميتها الحاسمة في قطاع التعليم في غزة.

تشارك 15 منظمة غير حكومية دولية مشاركة نشطة في الاستجابة لقطاع التعليم في حالات الطوارئ في قطاع غزة.

تدير المنظمات غير الحكومية الدولية نحو 30 في المائة من أنشطة التعليم وخدماته أو تدعمها أو تضطلع بكلا الأمرين في غزة.

في الوقت الراهن، لا تستطيع مجموعة التعليم أن تصل إلا إلى 24 في المائة من السكان في سن الدراسة، في الوقت الذي تستمر فيه الاحتياجات في التزايد، حتى مع الدعم الفاعل الذي تقدمه المنظمات غير الحكومية الدولية.

كما ينفذ العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية برامج بالنيابة عن وكالات الأمم المتحدة أو من خلال قنوات التعبئة التي تعتمدها. ويُعد الأثر المترتب على هذا القطاع هائلًا في حال تعذر على هذه المنظمات مواصلة عملها، مما يؤدي إلى فرض المزيد من القيود على تقديم الخدمات وإبطاء الاستجابة وتعميق الآثار طويلة الأمد على تعلم الأطفال وسلامتهم ورفاههم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com