فن التعامل مع الطفل العنيف

يعد العنف غريزة إنسانية  لكنه إلى حد كبير سلوك مكتسب يجب التحكم فيه وتوجيهه بشكل صحيح، ولم يثبت إنّ العنف صفة وراثية إلّا إنّ الأب العنيف والأم العنيفة يتسببا في إعطاء هذه الصفة للطفل باعتبارهما المثال الذي يُحتذى به وفي الحقيقة هناك جملة من العوامل لتكوين شخصيته

لماذا يلجأ الطفل إلى العنف وما هي الأسباب الاجتماعية والنفسية لذلك؟

في بداية الأمر لابد من التطرق إلى أمر مهم وهو أن الله تعالى جعل لهذه الأمة حالة الوسطية في التعامل في كل الأمور كما في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).

أن منهج الإسلام الذي يتصف بالتوازن والاعتدال في كل المسائل العامة والخاصة فكثير من الروايات تشير إلى ذلك المنهج في التعامل خصوصا مع الأولاد فقد بيّن الإمام الصادق (عليه السلام) ذلك المنهج في قوله: (اتركه سبعاً وأدبه سبعاً وصاحبه سبعاً) أنّ التأديب لعل بعضهم يشتبه في أن تأديب الأولاد في تلك المرحلة عن طريق العنف والضرب.

لماذا يكون الطفل عنيف أو ما الأسباب التي تدفع بالطفل أن يكون عنيفاً؟

ليس العنف وراثياً وإنما هو مكتسب من المجتمع يوجد دراسات حديثة على ضوئها اثبتوا أن العنف ينتقل بالوراثة الى الطفل بشكل بسيط والبعض يقول العوامل الوراثية تمثل جزء كبير من الفروق في المستويات العدوانية ولكن اذا كان الأبوان على درجة عالية من الوعي والثقافة في عدم السماح لهذا السلوك بان ينمو أكثر عند الطفل لابد أن يحد من توفير تلك الوسائل التي من الممكن ان تفعل هذا السلوك عند الطفل وقد ذكر أحد الباحثين قائلا أود أن أطمئن الوالدين ان الجينات الوراثية لا تعمل الا في ظل بيئة ملائمة.

والسبب الرئيسي في الجعل الطفل عنيفاً هو كثيراً ما يلجأ الأبوان غلى استعمال أسلوب الضرب والذي يجب أن يكون آخر أسلوب يمكن استعمال الأبوان له وبشروط إذا لم ينفعه الحوار أو أسلوب العقاب الآخر، ولكن بعضهم يجد أن الضرب من أسهل الطرق التي من الممكن أن يستقيم الطفل من خلالها ورد نهي من الشريعة عن الضرب ولكن إذا توقف التأديب على الضرب لكن هذا الضرب فيه شروط حسب مبنى سماحة السيد السيستاني (دام ظله الوارف) قال: (اذا توقف التأديب على أعمال القوة والضرب هذا الضرب إن لا يتجاوز ثلاث ضربات  وأن تكون برفق ولا توجب الاحمرار أو اسوداد وفي جوازه بالنسبة للبالغين فالأحواط تركه) لعل بعضهم غير منتبه الى الدية الناتجة عنه وهناك طرق أخرى للعقاب غير الضرب.

 ومن الأسباب الأخرى هو ألعاب الفيديو فقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يستخدمون هذه الألعاب لمدة (10) دقائق بأنهم يخضعون لاختبار المزاج فبعد الاختبار ظهر بأنهم اكتسبوا الصفات العدوانية بعد فترة وجيزة من اللعب وكذلك أفلام الكارتون التي تحتوي على الضرب والعنف توصل العلماء الى نتيجة قالوا إن هذه الأفلام تؤثر سلباً في سلوك الطفل من خلال التقليد وبالتالي هذا التقليد يستخدمه مع زملائه مما يؤدي الى أن يؤذي نفسه.

من الأسباب الأخرى هو تشجيع الأسرة على العنف حيث ذهب علماء النفس الى أن العدوانية هي سلوك مكتسب من البيئة وبالتالي يظهر هذا العنف من خلال تعاملهم مع الآخرين.

ومما يجعل الشخص يلجأ الى العنف هو شعوره بالنقص في شخصيته كفقده لبعض الأعضاء أو الألفاظ السيئة وبالتالي يلجأ إلى هذا الأسلوب لإشباع حاجاته الناقصة.

وكذلك من الأسباب الأخرى هو الغيرة بين الأبناء تجعل من العنف هو الأسلوب الأمثل مما يجعله يندفع بالغضب والعنف اتجاه إخوانه والتفريق بينهم من قبل الأهل مما تجعل الطفل يلجأ إلى العنف.

ما هي الآثار النفسية والاجتماعية التي يتركها العنف على نفسية الطفل؟

الطفل الذي يتعرض للعنف من والديه يكون أكثر عرضه للأمراض النفسية في بلوغه وكبره  لأنه يتذكر تلك المواقف العنيفة مما يؤثر على صحته النفسية ويجعله يصاب بالعزلة فالعديد من الأطفال يحبون العزلة والسبب في ذلك كما ذكر العلماء هو استخدام العنف وبالتالي تشكيل شخصية عدوانية في المجتمع ولا تراعي مشاعر الناس لأنه يتذكر دائما مواقف العنف معه عندما كان صغيراً.

ما الطرق التي يمكن إتباعها للوقاية من سلوك العنف؟

بعد أن يتفهم الولدان أن أسلوب العنف سينتج شخصية عنيفة وهذا ينافي ما دأب عليه الرسول(ص وآله) وأهل البيت(عليهم السلام) لذا يجب عليهما ما يلي:

1- تجنب النزاعات الزوجية أمام الأبناء وعدم تعرضهم الى مشاهدة نزاعات تحدث داخل الأسرة.

2- تجنب مشاهدة مشاهد العنف في التلفاز لأنها تعمل على تعليم الأطفال على الخوف والقلق والعنف لذا يجب على الوالدين استبدال هذه الأفلام بأفلام محببة وتدل على مضامين أخلاقية.

 الأطفال بحاجة إلى مشاركتهم في اللعب والتوازن في التربية أي بين اللين والشدّة.

وعلى الأهل إعطاء الحب والمودة والتشجيع والمكافأة وتنمية روح الاحترام عند الطفل لإصلاح ما فسد عنده.

هذا ما تفضلت به الضيفة الكريمة الأستاذة الباحثة (سبأ وعدالله حسين) حول هذه الموضوعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com