أسباب وعوامل ودوافع قرار البلدية الاسرائيلية فرض ضرائب على الأماكن المقدسة المسيحية

منذ احتلال مدينة القدس العربية في حرب حزيران 1967، تحاول اسرائيل اظهار حسن النوايا تجاه المؤسسات المسيحية المختلفة، وكذلك المؤسسات الدولية التي تعمل لدعم الانسان الفلسطيني. وقررت حينها عدم فرض أو المطالبة بأية ضرائب على هذه المؤسسات وخاصة الاديرة والاماكن المقدسة المتنوعة. لكنها رغم ذلك عادت في اوائل الثمانينات والتسعينات بارسال اشعارات لهذه المؤسسات لدفع ضريبة “الأرنونا” (المسقفات)، وفي الوقت نفسه تغاضت عن جبايتها، وبعد مرور سنوات، وبعد تولي نير بركات رئاسة البلدية الاسرائيلية، بدأت نغمة التعامل مع المؤسسات الدينية تتغير، وها هي اسرائيل تعلن، عبر هذا المسؤول الليكودي رئيس البلدية الاسرائيلية، بضرورة أن تدفع هذه المؤسسات ضريبة الأرنونا بأسرع وقت. وان اجراءات قانونية ستتخذ بحق هذه المؤسسات لاجبارها على ذلك. وقدرت هذه البلدية الديون المترتبة على هذه المؤسسات الكنسية المسيحية بحوالي 650 مليون شاقل. وهذا يعني أن هذه المؤسسات ستعاني عجزاً مالياً، وقد تعلن اخلائها، أو تضطر لبيع ما لديها من اراض لتسديد هذا الدين الذي فرض عليها دون احترام لها، ودون أي تقدير لوضع هذه المؤسسات الدينية المسيحية المالي.
هناك أسباب وراء قيام رئيس البلدية الاسرائيلية بفتح هذا الملف الآن، وبالتالي فتح معركة مع المسيحيين أبناء هذه المدينة، ومن هذه الأسباب والدوافع:
- قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل شجع على اتخاذ خطوات واجراءات لمواصلة واستمرار تهويد المدينة بشكل خاص، والضفة الغربية بشكل عام، لأن “اميركا” التي كانت تنصح اسرائيل بعدم القيام بمثل هذه الاجراءات الاستفزازية، ستشجعها الآن على ذلك من أجل تعزيز السيطرة على القدس والضفة!
- انتقام شخصي لرئيس البلدية الاسرائيلية، نير بركات من موقف الكنائس المسيحية السلبي من قرار الرئيس الاميركي ترامب، وادانته، ورفضاً لأي تغيير على الوضع القائم حالياً في المدينة، وهذا القرار بجباية المبلغ هو عقاب لهذه الكنائس لهذا الموقف المساند للقيادة الفلسطينية.
- محاولة بركات الحصول على “مال” لتغطية العجز في الميزانية للبلدية بعد رفض وزير المالية الاسرائيلي، موشيه كحلون، تحويل أموال لها، الا بعد الحصول على كشف واضح وميزانيات شفافة عن الاموال التي حوّلت للبلدية منذ عام 2010 وحتى اليوم، اذ ان كحلون، والاعضاء العلمانيون في المجلس البلدي، يتهمون بركات بأنه قام بصرف أموال ضخمة لدعم الاستيطان في القدس والضفة من أجل الحصول على شعبية لدى الاوساط اليهودية سواء الدينة المتشددة، أو اليمينية المتطرفة جداً.
- هذه السنة، هي سنة انتخابات المجالس المحلية في اسرائيل، اذ ستجري في تشرين الاول القادم. وكل مرشح يبدأ حملته الانتخابية لذلك منذ اليوم، ولذلك يريد بركات ترشيح نفسه مجدداً، ولذلك يريد دعم المتطرفين والمتشددين من اليهود غير آبه لوجود عربي مسيحي في المدينة اذ انهم اقلية، واستفزاز المسيحيين يعني بصورة غير مباشرة ارضاء لهؤلاء المستوطنين المتطرفين.
- اجبار رؤساء الكنائس على بيع اراض وممتلكات لليهود، وخاصة للمستوطنين، كي يسددوا هذا الدين المستحق والمتراكم عليهم منذ سنوات طوال!
- محاولة كسب تأييد قاطني المدينة غير اليهود، ضعاف النفوس، من خلال اظهار أنه ضد “المسيحيين” ولا يتعاطف معهم! وخاصة اولئك العاملين أو المتعاونين مع البلدية الاسرائيلية في القدس، أي أنه يحاول تغذية فتنة “دينية” بين أبناء المدينة الفلسطينيين العرب!
- محاولة بركات كسب تعاطف ودعم الصهاينة المتجديين الذين يدعون أنهم مسيحيون، لأنهم مع اسرائيل وليسوا مع الكنائس المسيحية الأصلية في هذه الديار. وهم موالون لاسرائيل والتوراة أكثر من ولائهم للمسيحية والانجيل المقدس. وهؤلاء يدعمون اسرائيل، وساهموا في فوز الرئيس ترامب في الانتخابات الاخيرة.
- محاولة للبلدية الاسرائيلية في اتهام رجال الدين المسيحي بأنهم تجار، وان الضرائب التي تفرض هي على أماكن تستغل في الحصول على دخل جيد لهذه المؤسسات علماً أن هذه المؤسسات تدفع الضرائب المستحقة على العاملين معها حسب القانون الاسرائيلي، وخاصة ضريبتي الدخل والتأمين الوطني.
السؤال الأخير الذي يُطرح: هل من امكانية اجبار البلدية على التراجع عن القرار؟
والجواب: نعم اذا اتخذت الكنائس موقفاً موحداً مع المؤسسات الدولية. واذا كانت هناك حملة اعلامية ضد هذا القرار؟ أو قرار للكنائس يعلن فيه اغلاق مثل هذه الأماكن المقدسة أما الحجاج والسياح، وهذا يؤثر على اسرائيل وخاصة دخلها الكبير من السياحة!
5/2/2018